الدقم.. واجهة الاستثمار العالمية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٦/أبريل/٢٠١٧ ١٤:٢٧ م
الدقم.. واجهة الاستثمار العالمية

منطقة الدقم الاقتصادية بسلطنة عمان تعد مركزاً محوريّاً مهمّاً للتجارة والصناعة والاستثمار في المنطقة بحكم موقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب وقربها من المسار البحري للتجارة الدولية، في بحر العرب والمحيط الهندي، وكذلك الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تتمتع به السلطنة، والعلاقات الدولية المتميزة التي تربطها بجميع دول العالم، بالإضافة إلى أنه على رأس هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إدارة قوية وواعية لكل المستجدات والمتغيرات على الساحتين الإقليمية والعالمية، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها الاقتصاديات العربية والعالمية التي تأثر معظمها من تبعات انخفاض أسعار النفط، لأنها منطقة بكر وغنية بالثروات الطبيعية والمعدنية، وتتميز بطقس معتدل طوال العام ومناظر طبيعية وشواطئ نظيفة، مما يؤهل منطقة الدقم لأن تكون واجهة الاستثمار العالمي في المرحلة المقبلة، وربما بدون منافسة قوية من الآخرين، بدليل أنها استقطبت حتى الآن استثمارات من أكثر من 16 جنسية، فقد أعلنت «شركة النفط الكويتية العالمية»، عن توقيع اتفاقية مع «شركة النفط العمانية»، لتطوير مصفاة «الدقم» ومجمع الصناعات البتروكيماوية في السلطنة، في مشروع يعد الأكبر بين المشاريع الاستثمارية المشتركة في المنطقة الاقتصادية في «الدقم» ما يشكل حافزاً للمزيد من مشاريع التعاون في مجالات صناعة النفط بمنطقة الخليج العربي ككل، ولا سيما أن الاتفاقية ستحول منطقة «الدقم» الاقتصادية إلى واحدة من أكبر المناطق الصناعية في المنطقة، التي ستبرز من خلالها النهضة الاقتصادية المستقبلية، التي تتضمنها الخطط التنموية في السلطنة، كما تم وضع حجر الأساس للمدينة الصناعية الصينية العمانية بالدقم، باستثمار يتجاوز الـ 10 بلايين دولار باعتبارها من أكبر المناطق الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمساحة 1777 كيلومتراً مربعاً، وسوف تتيح الكثير من فرص العمل الجديدة والحقيقية، تقارب 22 ألف فرصة عمل، إلى جانب توقيع 10 اتفاقيات للشراكة مع مجموعة من الشركات الصينية لتنفيذ مشاريع متنوعة في المدينة الصناعية الصينية العمانية، بإجمالي استثمارات قيمتها 2. 3 بليون دولار أمريكي، تتمثل في بناء قاعدة تصنيع معدات الطاقة الشمسية ومصنع لخدمات حقول النفط والغاز ومحطة لتحلية مياه البحر واستخراج البروم ومحطة لتوليد الكهرباء ومشروع بناء فندق خمس نجوم ومشروع لمواد البناء ومشروع سيارات الدفع الرباعي عالية التنقل، ومشروع الأنابيب غير المعدنية المركبة المستخدمة في حقول النفط، خاصة أن لجنة الصين للتنمية والإصلاح قد أدرجت هذه المدينة الصناعية في قائمة المدن النموذجية للتعاون الدولي في مجال القدرة الإنتاجية للطاقة، مما يصنع من الدقم مشروعاً اقتصادياً واستثمارياً وسياحياً فريداً، يساعد على تنويع مصادر الدخل، وزيادة الدخل القومي، كما سيساهم هذا التنوع في نقل الخبرات وإيجاد كوادر عُمانية متخصصة في العديد من القطاعات مثل السياحة والتجارة والموانئ والصناعات البتروكيماوية والصناعات السمكية، وأيضا من خلال توطين الاستثمارات الصينية المباشرة في قطاعات الصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وتكرير النفط والبتروكيماويات والخدمات اللوجستية والتخزين والنقل والتوزيع، بعد أن أصبحت السلطنة رابع أكبر شريك اقتصادي عربي للصين، بعد أن بلغ حجم التبادل التجاري أكثر من 17.2 بليون دولار، إذ تخطط السلطنة إلى أن تصبح منطقة الدقم الاقتصادية مركزاً محورياً مؤثراً في حجم التجارة والصناعة والاستثمار في المنطقة

ولا شك أن هذا التعاون العماني - الصيني خطوة على طريق التعاون الصيني - العربي، باعتبار أن التنين الصيني خرج من القمقم ولن يعود، ولا يمكن أن يعود للخلف مرة أخرى، وهو في حاجة إلى الوجود في المنطقة لأن الصين تواجه صراعاً طويلاً مع القوى العالمية الأخرى التي تخشى من تقدم هذا التنين الضخم وتوغله في الأسواق الاقتصادية النامية، المتعطشة إلى التقنيات الحديثة والرخيصة، وأن معظم البلاد العربية إن لم تكن جميعها في حاجة ماسة إلى الاستثمارات الصينية خاصة في التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الثقيلة، ولذلك على الدول العربية الاستفادة من الشراكة العمانية - الصينية، وأن يستعد الجميع للاستفادة من هذه الفرصة السانحة، بالتسريع في تطوير وتحديث التشريعات الاقتصادية والاستثمارية المحلية وكذلك التشريعات العمالية، وسبل التقاضي والتحكيم، وآلية حل المنازعات الاقتصادية والتجارية، حتى نتمكن من جذب الاستثمارات من كل أنحاء العالم، وحتى يستفيد منها المستثمر المحلي والأجنبي.