الجاهلية الحديثة.. قوانين الاغتصاب مثالاً

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٦/أبريل/٢٠١٧ ٠٥:٠٠ ص
الجاهلية الحديثة.. 
قوانين الاغتصاب مثالاً

لميس ضيف

lameesdhaif@gmail.com

تغيّر مظهر المرأة ودورها عبر السنوات ولكن أمراً واحداً ما زال راسخاً: حقيقة أنها إنسان من الدرجة الثانية، وفرد مضطهد في المجتمع، «وطوفه هبيطه» في الأسرة. والأدلة على ذلك لا تُحصى، وسنضرب اليوم بقوانين الاغتصاب في الدول العربية كمثال على ما نقول.

أغلب القوانين تُسقِط الملاحقة القانونية عن الرجل إذا ما تزوج من ضحيته. ولو كان الزواج صورياً، ولو كان يعني مزيداً من الكسر والمهانة للأنثى. تخيّلوا ألم أن ترى الفتاة من أهدر كرامتها وهتك عرضها ينجو من العقاب بل وأن تُجبر على الارتباط به لترى مشهد قتلها يُعاد كل يوم، وتتجرّع مرارة نفس الكأس الذي أنهى أحلامها وقتل كل ما حلمت به يوماً!
هذا هو واقع آلاف النساء عبر الوطن العربي. الذي يشرعن دهسهن «بالقانون» وتراق حقوقهن «بالقانون». في لبنان، إحدى أكثر الدول العربية انفتاحاً، يشرع القانون الاغتصاب في حال وقوعه قبل إتمام عقد الزواج أو بعده. فإذا وقع قبل الزواج، ألغاهُ عقد الزواج بالضحية بحسب المادة 522، وفي حال اغتصب الزوج زوجته، فهو معفي من المحاسبة بأمر المادة 503.
في العراق يُعاقب المعتدي على عرض الأنثى بالمؤبد. ولكن المادة 398 توقف كل الإجراءات العقابية من ملاحقة وتحريك الدعوى أو حتى التحقيق فيها إذا تمّ زواج المعتدي من الضحية.
وتجد الحال نفسه في ليبيا، وسوريا، والجزائر. وفي المغرب حتى وقت قريب عندما ألغيت المادة 475 بعد واقعة انتحار إحدى المغتصبات على خلفية تزويجها لمغتصبها، وقد أطلقت هذه الحادثة تحرّكات واسعة وتظاهرات عدة قادتها جمعيات أدّت لسقوط القانون. وحدث المثل أمس الأول عندما ألغت الحكومة الأردنية القانون الذي يفلت المغتصب من العقاب مقابل زواجه بضحيته لمدة لا تقل عن ثلاثة أعوام.
أضف لذلك حقيقة أن أغلب القضايا لا تصل لساحات القضاء أصلاً. بل يطمرها الأهل خوفاً من الفضيحة. ويتوسلون الجاني «الذي لا يكون بعيداً عن أسرة أو حي المجني عليها» ليصلح غلطته. فالفتاة المغتصبة في مجتمعاتنا عار. وهي شريكة في الجريمة أيضاً حتى ولو كانت قاصرة أو طفلة بريئة. فالمجتمع يطاردها بضراوة لأن تجريم الأنثى من هواياته الأثيرة وإنْ كانت الضحية.
ذلك مجرد مثال عابر لمَن يظن أن أيام الجاهلية قد ولّت بلا رجعة، متناسياً أن الجاهلية خالدة فينا ولكنها لبست «بدلة» ليس إلا.