مكتب حفظ البيئة: الوعل العربي أحــد أهــم ثروات الحياة البرية العُمانية

بلادنا الأربعاء ٢٦/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٤٠ ص
مكتب حفظ البيئة: الوعل العربي أحــد أهــم ثروات الحياة البرية العُمانية

مسقط- سعيد الهاشمي

أكد أخصائي الحياة البرية في مكتب حفظ البيئة والباحث في دراسات الوعل العربي في السلطنة هيثم بن سليمان الرواحي أن الوعل العربي (Arabitragus jayakary) أحد ثروات الحياة البرية العمانية، وتعتبر جبال الحجر (التي يبدأ امتدادها من رأس الحد وجبل قهوان بمحافظة جنوب الشرقية) الموطن الأصلي والوحيد للوعل العربي حول العالم، ويصنف كواحد من أنواع الماعز البري، الذي ينتمي لعائلة البقريات وتعرف عائلته الفرعية بالمعزيات والتي تحتوي على (24) نوعا حول العالم من ضمنها الوعل العربي.

وقال الرواحي: نظراً لوجود أقل من 5000 حيوان وعل عربي في البرية حول العالم، فقد صنف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) الوعل العربي ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض والتي تواجه العديد من المخاطر والتحديات، حيث يواجه الوعل العربي العديد من المخاطر التي تشكل مصدر تهديد له في بيئته الأساسية كالتنافس بينه وبين الماعز المحلي والحمير السائبة على مصادر الغذاء وموارد المياه، ما يؤدي في كثير من الأحيان لتناقص أعداد الوعل، وذلك لكونه لا يفضل الاقتراب من أماكن الوجود البشري للشرب والرعي، من ناحية أخرى فإن الاستخدام المشترك لمصادر المياه له الكثير من الآثار السلبية على الوعل العربي كانتقال الأمراض المعدية والتي تتسبب في العديد من الوفيات في وسط هذا النوع النادر هذا إلى جانب قيام البعض باصطياد الوعل بهدف الاتجار به داخل وخارج السلطنة.
وأضاف الرواحي أن الوعل العربي يمتاز بقدرته على العيش في سلاسل جبال الحجر شديدة الانحدار التي تحتوي على سهول منبسطة تعرف محلياً بالحيول وممرات جبلية متعرجة تبعد عن أشعة الشمس، حيث يوجد الوعل العربي في المناطق الجبلية المرتفعة كثيرا عن مستوى سطح البحر، لكنه غالبا ما يفضل البقاء في الارتفاعات بين 800-1000 متر ويقل وجوده تدريجيا في المناطق التي تفوق 1000 متر فوق مستوى سطح البحر، ويضم كل من الجبل الأسود والأبيض بمحمية السرين الطبيعية وجبال محمية جبل قهوان أكبر تجمعات لحيوان الوعل العربي في السلطنة.
وبين الرواحي أن الوعل العربي يعرف بأنه حيوان ثنائي الشكل (متمايز شكليا) أي أن ذكر الوعل يختلف عن الأنثى من حيث الشكل من خلال بعض الصفات المميزة فقرون الذكر تتميز بسماكتها وبانحنائها للوراء في حين تكون للأنثى قرون صغيرة أقل انحناء، كما يعرف الذكر بكثافة شعره ووجود خطوط سوداء على الظهر وأسفل العينين في حين تقل كثافة الشعر والسواد في الأنثى. كما تنمو للذكور كبيرة السن لحى مميزة وطبقة من الشعر على النصف العلوي من السيقان الأمامية تعرف بالأطواق أو الجوارب في حين تفتقر الإناث لهذه الصفات.
وأشار الرواحي إلى أن مكتب حفظ البيئة ووزارة البيئة والشؤون المناخية يعملان بجهود للمحافظة على هذا النوع النادر من الحيوانات البرية ذات القيمة الثقافية والبيئية في مناطق وجوده الطبيعية من خلال سلسلة من الإجراءات والخطوات، وتعتبر سلطنة عمان من أوائل الدول التي بادرت إلى اتخاذ الإجراءات والتدابير لحماية مفردات الحياة البرية ومن ضمنها حيوان الوعل العربي، حيث تم إعلان منطقة وادي السرين كمشروع لحماية الوعل العربي فيها، تلا ذلك تعيين عدد من مراقبي الحياة البرية لمتابعة هذا النوع في بيئته الأم والحفاظ عليه من التهديدات المحتملة. ومن أجل ضمان بقاء هذا الحيوان محميا في بيئته الأم تم إنشاء محمية السرين الطبيعية في عام (1975)، وأعقبها صدور القوانين والمراسيم التي تجرم صيد هذا النوع وتضع العقوبات على منتهكي الحياة البرية والتي تلعب دورا مهما في ردع المحاولات المتكررة للصيد وتهديد حياة حيوان الوعل العربي، وفي عام (2012) بادر مكتب حفظ البيئة بالتعاون مع المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة إلى تنفيذ عدد من المشاريع البحثية لدراسة بيئة الوعل العربي والمناطق الحرجة له بالمحمية بالإضافة للسلوكيات الاجتماعية التي يتبعها في عمليات التواصل بين القطيع والتزاوج والتنقلات الموسمية واليومية. وقد أنهى المكتب الدراسات المتعلقة بالسلوكيات الاجتماعية والفهم الدقيق لبيئة الوعل في حين لا تزال دراسة التنقلات الموسمية واليومية للوعل العربي مستمرة، إذ لا تزال 3 أجهزة تتبع ترسل بياناتها عبر الأقمار الصناعية في حين تعرض الحيوان الذي يحمل الجهاز الرابع للافتراس من قبل الذئب العربي الموجود في المحمية وقد قام فريق المشروع بالتحرك فور استلامهم لإشارة الوفاة لهذا الحيوان وتمكن الفريق من العثور على الجهاز وتحميل البيانات المخزنة فيه.

مشروع الوعل العربي بالتعاون

مع البنك الوطني العماني

وأوضح الرواحي أن مكتب حفظ البيئة وفي إطار السعي لتحقيق الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص بدأ في عام 2016 بمشروع دراسة انتشار الوعل العربي في الجبال المتاخمة لمحمية السرين الطبيعية، وهو من المشاريع الجديدة التي ينفذها المكتب بالتعاون مع البنك الوطني العماني وقد وصلت نسبة الإنجاز في المشروع 43%. ويهدف هذا المشروع لدراسة أماكن وجود وانتشار الوعل العربي في المنطقة ومسح التنوع الحيوي الموجود بها، حيث تم تقسيم منطقة الدراسة إلى 121 مربعا على مساحة تصل في مجملها لحوالي 484 كيلومترا مربعا، وقد تمكن الفريق من تركيب 50 كاميرا فخية حتى الآن ولا تزال الأعمال الميدانية مستمرة لتحقيق الأهداف المرجوة من الدراسة.

ونوه الرواحي إلى أن مكتب حفظ البيئة قام بتكثيف عمليات الرقابة والحماية، نظرا لكون الصيد الجائر أحد المسببات التي تهدد بقاء هذا النوع، من خلال تعيين عدد من مراقبي الحياة البرية الذين يعملون بنظام الورديات المتناوبة ويجوبون المحميات الطبيعية التي تخضع لإدارته إما على شكل دوريات راجلة أو دوريات عبر السيارات ومن خلالها يقوم مراقبو الحياة البرية بتتبع وضبط أي محاولات لانتهاك قوانين المحميات الطبيعية والحياة البرية، كما يناط بهم دور تسجيل المشاهدات للحيوانات البرية وأي أعراض أو ظواهر تؤثر على سلامتها وموافاة المختصين بالمكتب بشكل دوري، كما يلعب الإعلام بالمكتب دورا مهما في نشر الوعي والثقافة البيئية لدى سكان المحميات الطبيعية والمناطق المجاورة، بالإضافة لطلاب المدارس والفرق التطوعية والخيرية من خلال عمل مجموعة من المنشورات والتغطيات والمحاضرات التوعوية التي تبرز أهمية حيوان الوعل العربي وقيمته الثقافية ضمن قائمة التراث العالمي.
وحول سؤال «الشبيبة» عما إذا ما كانت القوانين رادعة لكل من تسول له نفسه القيام بصيد الوعل العربي، قال الرواحي: تعتبر القوانين والتشريعات المتعلقة بصون المحميات الطبيعية والحياة البرية كافية إذا ما تم توظيفها وتطبيقها بشيء من الحزم بما يتناسب مع المحاولات المتكررة التي تتعرض لها مفردات الحياة البرية، ويشيد مكتب حفظ البيئة بتعاون كل من شرطة عمان السلطانية والادعاء العام في سبيل ضبط ومساءلة منتهكي الحياة البرية وتقديمهم للمحكمة استعدادا لتطبيق العقوبات الرادعة، وأن تطبيق هذه القوانين والتشريعات لو أتى بشيء من التخفيف من خلال الجهات المعنية بذلك، قد يترتب عليه تكرار هذه المحاولات لمرات كثيرة نتيجة عدم اتخاذ العقوبات الرادعة، والتي من شأنها حماية هذا النوع النادر والمهدد بالانقراض.