لماذا يقلق التونسيون من تعويم الدينار؟

مؤشر الاثنين ٢٤/أبريل/٢٠١٧ ١٨:٤٧ م
لماذا يقلق التونسيون من تعويم الدينار؟

تونس – ش

لم يكن مفاجئاً أن تعلن تونس عن نيتها تعويم الدينار مؤخراً، إذ إن أجندة الإصلاح الاقتصادي التي تعمل بها الحكومة التونسية هي ذاتها التي طبقتها مصر وباتت المغرب قاب قوسين أو أدنى من البدء بها، ولكن هل يحتاج الاقتصاد التونسي للتعويم؟
المركزي التونسي بحاجة للتعويم حتى يتمكن من تكوين احتياطي نقدي جيّد أو يمنع تآكل الاحتياطي النقدي الحالي، وهو كذلك هدف صندوق النقد الدولي لمزيد من الضمانات، ويتدخل المركزي حالياً في سوق الصرف بين البنوك ويضخ سيولة نقدية بالعملة الأجنبية حتى يحافظ على توازن السوق، لكي لا يحدث انخفاضات أو ارتفاعات كبيرة في أسعار صرف العملات الأجنبية بين البنوك، ومع التعويم سيمتنع البنك المركزي عن التدخل في سوق الصرف، ليصبح تحديد قيمة العملة طبقاً لقوى العرض والطلب.
في 18 أبريل الجاري، قالت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبي إن البنك المركزي سيقلص تدخلاته لخفض الدينار تدريجياً، ولكنه لن يسمح بانزلاق كبير للعملة المحلية مثلما حدث في مصر عندما جرى تعويم الجنيه.
يعد معدل التضخم هو أكثر ما يقلق التونسيين في الوقت الحالي، ورغم أن آخر معدل للتضخم في تونس وصل إلى 4.7% في مارس 2017، وهو معدل منخفض مقارنة بالكثير من دول المنطقة إلا أن تواصل هبوط الدينار ربما يضاعف هذه النسبة خلال فترة قصيرة، بخاصة مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، والذي ترتفع في نسب الاستهلاك، مما يرفع الأسعار بشكل ملحوظ.

القوة الشرائية للدينار
على الجانب الآخر، يُحذّر خبراء من استمرار تدهور القوة الشرائية للدينار للتونسي، إذ كشف المعهد الوطني للإحصاء تراجعها بنسبة 42%، وهو ما انعكس على الطبقة المتوسّطة التي تراجعت خلال السنوات الأخيرة من 80% إلى 64% من مجمل التونسيين.
ووفقاً لإحصائيات المعهد فإن فارق الأسعار خلال 10 سنوات بين العام 2005 و2015، يكشف ارتفاع أسعار اللحوم بما يقرب من 84% والأسماك الطازجة بنحو 68% والغلال بنسبة 95% والخضر بنسبة 8%.
يأتي ارتفاع نسبة التضخم في تونس للمرة الخامسة على التوالي، وذلك بحسب إحصاءات المعهد الوطني، إذ سجل نحو 4.6%، في فبراير الفائت، صعوداً من 4% إلى 4.2% في ديسمبر 2016 و4.6% في يناير الفائت.

التضخم الملموس
في الوقت نفسه يشكك البعض في معدلات التضخم الرسمية، في ظل أن أسعار مختلف السلع تسجل قفزات متتالية تجاوزت 100% في بعض الأحيان، إذ يرى الخبير المالي وجدي بالرجب، أن نسبة التضخم الملموس في تونس حالياً تقترب من 11%، مشيراً إلى أن معهد الإحصاء يستعمل منهجية غير محدّثة في احتساب الأرقام، بخاصة أن آخر تحديث قام به المعهد كان سنة 2010، وفق تأكيده.
لا تختلف ظروف تونس ما قبل التعويم عن مصر كثيراً، وكذلك لا تختلف شروط النقد الدولي في تونس عن مصر أيضاً، إذ تتمثل أهم توصيات صندوق النقد الدولي للحكومة التونسية، في إصلاح القطاع المصرفي وتسريح الموظفين والزيادة في الضرائب، والحد من ارتفاع كتلة الأجور التي بلغت 14.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار.
وبحسب وزير المالية، فإن تعويم العملة كذلك ينضم إلى القائمة، إلا أن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، قال «إن الصندوق لم يوصِ بالتخفيض في سعر صرف الدينار، وإنما أوصى بإدارة العملة بطريقة مرنة تسمح بمعالجة عجز الميزان التجاري».
وتابع أزعور: «ليس هناك حاجة، اليوم، إلى تعديل مفاجئ لقيمة الدينار؛ وذلك أن قيمته الحالية لا تتجاوز قيمته الحقيقية إلا بنسبة 10% وهي نسبة ضعيفة وفق نماذج سعر الصرف القياسية»، لكن في الواقع هذه النسبة مرتفعة جداً وستقود التضخم لنسب كبيرة لن يتحمّلها التونسيون في الوقت الحالي.