استعراض القوة.. قد يدفع ترامب وجونج أون للصدام هل يمكن الرهان على صبر ترامب؟

الحدث الخميس ٢٠/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٤٥ ص
استعراض القوة.. قد يدفع ترامب وجونج أون للصدام
هل يمكن الرهان على صبر ترامب؟

مسقط – محمد البيباني

«استعراض القوة».. وصف دقيق ومخيف لتطورات أزمة كوريا الشمالية والتصعيد بين واشنطن وبيونج يانج، أشار إليه الكاتب أيان بوروما في صحيفة أتلانتيك قائلاً: «إن آخر شيء نحتاج إليه في هذا الموقف المشحون شمال شرقي آسيا، إذ يمكن أن يتحول العمل العسكري إلى أزمة طاحنة، هو استعراض القوة».

لعل هذا الاستعراض هو أخطر ما ينطوي علية هذا التصعيد الراهن إذ يمكن أن تنفلت الأمور سريعاً من التلويح والاستعراض إلى الاستخدام الفعلي لتلك القوة رغم فداحة الخسائر التي قد يتحملها جميع الأطراف.
من جهة يختلف الرئيس الأمريكي الجديد كلياً عن سلفه باراك أوباما، تاريخه القصير في عالم السياسة يجعل التنبؤ بردود أفعاله ضرباً من المستحيل، وعلى الجانب الأخير يؤكد التاريخ الأطول نسبياً لزعيم كوريا الشمالية استحالة تراجعه عن السعي لامتلاك أسلحة نووية. من المؤكد هنا أن ترامب لن يقبل الهزيمة في هذا الملف وأيضاً على الصعيد الكوري الشمالي فليس من السهل تخيل تراجع كيم جونج أون.
التساؤل الذي يلح هنا.. هل نحن بصدد معركة صفرية لن تحتمل إلا منتصراً واحداً، وبالتالي لن يتقبل الطرفان أية حلول وسط أم أن الدبلوماسية يمكن أن يكون لها دور يرضي غرور الطرفين؟

صواريخ تنفجر بأمريكا

أقامت كوريا الشمالية عرضاً غنائياً للاحتفال بعيد ميلاد مؤسس الدولة كيم إيل سونج، والذي اختتم بفيديو زائف عن صواريخ تحول الولايات المتحدة إلى قطع من اللهب وسط هتافات من الحاضرين وابتسامات من الزعيم الجاري كيم جونج أون. وبث التلفزيون الكوري الشمالي لقطات للعرض الغنائي الذي حضره كيم جونج أون حفيد كيم الأكبر يوم الأحد والذي جاء بعد عرض عسكري ضخم في بيونج يانج والذي جاء أيضا بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد كيم إيل سونج الخامس بعد المائة.
وأعقب العرض الغنائي لقطات لتجربة صاروخية أجريت في فبراير، والتي واكبها في الفيديو أيضا إطلاق صواريخ أخرى إلى السماء تجتاز المحيط الهادي وتنفجر في الولايات المتحدة لتتحول إلى كرات عملاقة من اللهب. وانتهى الفيديو بصورة للعلم الأمريكي وهو محترق.

الصين

تعتمد خطة ترامب على ممارسة الضغوط الاقتصادية على الصين، حتى تضغط بدورها على كيم جونج أون.
أستاذ العلاقات الدولية الصيني، شي يانهوج قال، حسب صحيفة ذا بوست، أنه لو واصلت إدارة ترامب تهديداتها وعززت وجودها البحري في المنطقة، فربما تدفع الصين للتحول من قمع كوريا الشمالية إلى معارضة الولايات المتحدة، وهذا لن يساعد واشنطن ولن يؤدي بالضرورة إلى ردع التهديد النووي لكوريا الشمالية.
جيديون راتشمان، المعلق بصحيفة فاينانشال تايمز أشار الى وجود أعضاء بالدوائر المقربة من الرئيس الامريكي الذين يعتقدون بالفعل أن إدارة ترامب تدرس ملياً إجراء ضربة أولية ضد كوريا الشمالية. ومع ذلك، إذا ما توصل كيم جونج أون إلى نفس النتيجة، فقد يقرر إجراء ضربته النووية أولاً».
يتمثل أسوأ عناصر خطة البيت الأبيض في زيادة الضغط على الصين، التي يتعين عليها من الناحية النظرية استغلال نفوذها الكبير على نظام كيم من أجل تركيع كوريا الشمالية. ومع ذلك، وفقاً لما ذكره الصحفي سيمون دينير من بكين، فهناك حدود فعلية لما تستطيع الصين القيام به وما تود القيام به بالفعل. فالعلاقات مع كل من سول وبيونج يانج متوترة، إذ قامت كوريا الشمالية بإساءة معاملة وفد من كبار الدبلوماسيين الصينيين في وقت سابق من هذا الشهر.

خسائر

بيونج يانج من جانبها تعرف أنها تلعب لعبة خطرة. فأي ضربة تقودها الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية ستكون مدمرة على الأرجح. ولذلك يتصور أغلب المحللين أنه كلما شعر كيم يونج أون بأنه معزول وضعيف، كلما كان مستعداً للضربة.
على صعيد الخسائر التي قد يتعرض لها الجانب الأمريكي وحلفائه، حذرت شبكة «سي إن إن» من أن الثمن المحتمل لانتقام كوريا الشمالية من أي عمل عسكري ضد مجمعها النووي والصاروخي، وهو وابل مدفعي يستهدف المدنيين وآلاف الجنود الأمريكيين جنوب الحدود، أمر مؤلم كما كان دائما.
وفي تقرير سابق قال خبير التحكم في الأسلحة جيفري لويس، إن استراتيجية كيم تعتمد على استخدام الأسلحة النووية مبكراً، قبل أن تتمكن الولايات المتحدة من قتله أو تعثر القوات الخاصة على وحدات صواريخه.. فلو كان يمضي في الحرب، عليه أن يبدأ أولاً. وهذا قد يعني وفاة الملايين في كوريا الجنوبية واليابان،، وهو أمر مروع يتعين أن يضعه ترامب دائماً في الاعتبار عند اتخاذ قراراته فيما يتعلق بكوريا الشمالية.
أيان بوروما كتب في صحيفة أتلانتيك: «التهديدات الخاوية التي تقدمها واشنطن ليست عديمة الفاعلية فحسب، بل إنها مفيدة أيضاً للديكتاتور الكوري. ويصعب للغاية معرفة ما إذا كان معظم شعب كوريا الشمالية يتبعون سلالة كيم الحاكمة، إذ إنهم مجبرون على إبداء مثل هذا الحب الأعمى. ومع ذلك، يمكن إثارة روح الوطنية الكورية بسهولة. ويتمثل الأمر الذي يوحد بين أفراد الشعب الكوري في الخوف الذي يغرسه النظام بداخلهم من الاعتداءات الأجنبية على بلادهم». ويبدو أن ترامب، حسب راي بوروما، في الوقت الحالي يؤدي أداءً طيباً فيما يتعلق بتغذية تلك المخاوف.

«نفاد الصبر»

من جانبها، رصدت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية مخاطر «نفاد صبر» الرئيس دونالد ترامب، تعقيباً على تصريح نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الذي حذر فيه بيونج يانج من أن صبر الولايات المتحدة الاستراتيجي قد نفد.
وتقول الصحيفة إن القيادة في كوريا الشمالية ترى أن ترسانتها النووية وصواريخها الباليسيتية هي تذكرتها الأساسية للنجاة. فعلى مدار سنوات، أكدت بيونج يانج نفسها على الساحة العالمية من خلال التهديد بالقوة العسكرية، وحصلت على تنازلات حقيقية من جيرانها بامتلاكها الرادع النووي. إلا أن شبكة «سي إن إن» الأمريكية، قالت إنه ربما يجب على الولايات المتحدة أن تكون صبورة مع كوريا الشمالية، وذلك تعليقاً على تصريح نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس مؤخرا الذي قال فيه إن صبر واشنطن الاستراتيجي مع بيونج يانج قد نفد، والتي كان يتحدث فيها عن السياسة التي سادت أغلب فترات حكم الرئيس السابق باراك أوباما.