هجمات الأحد الدامية في مصر تدق أجراس الخطر «الذئاب المنفردة».. هل تمثل خطر داعش المقبل؟

الحدث الثلاثاء ١١/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
هجمات الأحد الدامية في مصر تدق أجراس الخطر

«الذئاب المنفردة»..

هل تمثل خطر داعش المقبل؟

مسقط - محمد البيباني

هل انطلقت الذئاب المنفردة؟.. السؤال الذي يؤرق العالم بعد أن أصبح مطروحاً على الساحة الدولية وبقوة، في ظل الخسائر المتكررة التي يتكبدها التنظيم الإرهابي في معاقله الرئيسية العراق وسوريا.

بعد تلك الخسائر الموجعة لتنظيم داعش من الطبيعي أن تتشرذم وتنشق مجموعات منه وتنتشر في بلدانها التي أتت منها حاملة معها أفكار التنظيم ومستمرة في مسيرتها الإرهابية.
فهل تصيب الشظايا الداعشية نقاطا عديدة من دول العالم وتصبح إرهاباً خارج السيطرة؟

بداية الذئاب المنفردة

كان الظهور الأول لاستراتيجية «الذئب المنفرد» في 2010 من قبل تنظيم «القاعدة» وظهرت أدبياته في أحد فصول كتاب «دعوة المقاومة الإسلامية العالمية» لـ»أبو مصعب السوري» مبتكرا فكرة اللامركزية، إذ يتحول التنظيم إلى فكرة عابرة للحدود يعتنقها ويمارس مقتضياتها من أعلن الولاء للتنظيم ولخصها بقوله: «إن كل مسلم يجب أن يمثل جيشا من رجل واحد».
في 2014 دعا «أبو محمد العدناني» الناطق باسم تنظيم داعش، في تسجيل صوتي له، المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا دول الائتلاف في أي مكان وبأي وسيلة متاحة.
كما استخدم زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي مصطلح الذئاب المنفردة في منتصف نوفمبر 2014 خلال دعوته إلى استهدافات في السعودية، كما توعد داعش عبر مؤسسة (دابق) الإعلامية في يوليو 2016 بحرب جديدة تحت عنوان «الذئاب المنفردة»، جاء ذلك في كلمة للعدناني حث فيها على تنفيذ المزيد من الهجمات على المصالح الغربية في كل مكان قائلا إن استهداف من يسمى بالمدنيين أحب إلينا وأنجع» مضيفا: «لا عصمة للدماء ولا وجود للأبرياء وإن لم تجدوا سلاحا فادهسوهم بسياراتكم».

كنائس مصر

قالت وكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش إن التنظيم أعلن مسؤوليته عن تفجيرين استهدفا كنيستين في مصر أمس الأول الأحد وأوقع عشرات القتلى والمصابين.
وكان التنظيم قد أعلن مسؤوليته عن تفجير استهدف كنيسة ملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة في ديسمبر أوقع 25 قتيلا على الأقل.
التفجيرات الأخيرة لعدد من الكنائس المصرية في بداية «أسبوع الآلام»، واحتفالات المسيحيين بأعياد القيامة، فتحت الباب حول موجة عنف بدأها تنظيم داعش تجاه مصر.
التنظيم الإرهابي فشل في المواجهات المباشرة كافة مع الدولة المصرية، ما جعله يلجأ إلى العمليات الفردية وما يطلق على منفذيها «الذئاب المنفردة»، وهي استراتيجية حاول التنظيم من خلالها تنفيذ عمليات نوعية في عدد من المحافظات المصرية، لتشتيت ضربات الأمن عليه.

مخاوف أوروبية

أعاد المشهد الأمني الذي خيّم على العاصمة البريطانية لندن في مارس الفائت إلى الذاكرة، مشاهد الاستنفار الذي شهدته شوارع لندن يوم 7 يوليو من العام 2005، إثر هجوم إرهابي استهدف عدداً من محطات قطار الأنفاق وحافلة نقل عمومي، وأسفر عن مقتل 52 شخصاً، وإصابة حوالي 700 آخرين.
ورغم أن هجوم «الدهس والطعن» الأخير والذي استهدف مبنى البرلمان ومحيطه، لم يخلّف سوى ثلاثة قتلى، وحوالي 40 جريحاً، إلا أن الجهات الأمنية البريطانية تعاملت معه بكل حزم ومهنية، ذلك أنه استهدف «رمز الديمقراطية» البريطانية، ورغم شحّ المعلومات التي أفادت بها الشرطة البريطانية، أو تلك التي قدّمتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي أمام البرلمان، إلا أن مجرد الكشف عن أن منفذ الاعتداء الذي أُعلن أن اسمه خالد مسعود (52 عاماً) هو «بريطاني المولد والجنسية»، كان كافياً لدق جرس الإنذار لدى أجهزة الأمن والشرطة، ذلك أن ما كانت تخشاه وتتحسب وقوعه منذ الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر من العام 2015، قد حدث بالفعل.
من لندن إلى باريس وعلى نمط عمليات الذئاب المنفردة الإرهابية، وفي نفس الشهر، مارس الفائت، حاول مهاجم فرنسي من جذور تونسية يدعى زياد بن بلقاسم (39 عاما) انتزاع سلاح جندية بمطار باريس أورلي، ثاني أكبر المطارات الفرنسية ازدحاما، ما دفع زميليها إلى إطلاق النار وأردياه قتيلا.
وعلى الفور أجلت السلطات الفرنسية نحو 3 آلاف مسافر من المطار، وعلقت الرحلات الجوية منه وإليه، ثم مشطت المنطقة بحثا عن متفجرات للتأكد من أن القتيل لم يكن يضع حزاما ناسفا، إلا أنها لم تعثر على شيء.

دراسة

منذ أيام قليلة فائتة أشار تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية إلى دراسة مهمة في هذا الشأن قام بها باحثون من «البرنامج حول التطرف» في جامعة جورج واشنطن أكدت أن الأدلة تشير إلى أن العديد من منفذي الهجمات المعروفين بـ»الذئاب المنفردة» لتحركهم بمفردهم، يتلقون في الواقع التشجيع والتوجيه من عناصر في تنظيم داعش يدفعونهم لتنفيذ هجمات يمكن للتنظيم لاحقا تبنيها.
وقال ألكسندر ميلياغرو-هيتشنز الذي وضع الدراسة بالاشتراك مع سيموس هيوز «ثمة أشخاص يبادرون إلى ابتكار أساليب جديدة لتشجيع هذا النوع من الهجمات».
والجديد على حد قوله، هو أن هؤلاء الأفراد الذين يطلق عليهم الباحثان تعبير «المدربين الافتراضيين» يعملون على ما يظهر بصورة مستقلة لتطوير مخططات اعتداءات بعيدا عن أي إشراف أو توجيه من قادة تنظيم داعش، مستخدمين شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الرسائل المشفرة.
وتابع الباحث «يتهيأ لنا أنهم متروكون إلى حد بعيد لشأنهم، مع وسائلهم الخاصة. إنهم يستخدمون حسهم بالابتكار لإيجاد وسائل جديدة لاجتذاب عناصر وتشجيعهم على شن هجمات، وكذلك الطلوع بأساليب جديدة لمهاجمة الغرب».
وتشير الدراسة التي صدرت في صحيفة «سي تي سي سينتينل» التابعة لمركز مكافحة الإرهاب في كلية «وست بوينت» العسكرية الأمريكية إلى أن ثمانية مشاريع اعتداءات وهجمات على الأقل من أصل 38 خطط لها أو نفذت في الولايات المتحدة منذ 2014، أي ما يعادل الخمس، دبرها أو نفذها أشخاص تابعون لتنظيم داعش.