الأسواق تستردّ عافيتها

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٣٠/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٣٠ ص
الأسواق تستردّ عافيتها

حسين السيد

بدت الأسواق في وضع أهدأ بعد أن سجّلت عمليات بيعية حادّة مدفوعة بالمخاوف الناجمة عن قرار يوم الجمعة بإلغاء التصويت على مشروع قانون أوباما كير للرعاية الصحية حيث باتت هناك خشية لدى الأسواق من وجود مصاعب في تمرير غير ذلك القانون من الخطط الرامية إلى تعزيز النمو في أمريكا. وقد عادت أسواق الأسهم الآسيوية إلى المنطقة الخضراء، في حين سجّلت أسعار النفط بعض التعافي الطفيف بينما استقرت أسواق الدخل الثابت، وكذلك أسواق العملات الأجنبية والتي باتت تتحرّك في نطاق عرضي ضيق.

وفي هذه المرحلة، ستظل الأسواق الأمريكية هي المحرك الأساسي بالنسبة للمستثمرين الدوليين. فقد تراجع مؤشر الداو جونز الصناعي لثمانية أيام على التوالي حتى يوم الاثنين، وهي أطول سلسلة متواصلة من الخسائر منذ العام 2011، لكنّ هذا الأمر لا يُعتبرُ دراماتيكياً بما أن الخسائر الإجمالية الناجمة عن التراجعات هذه كانت أقل من 2%. ومن الواضح أنّ هذه العمليات البيعية ليست علامة جيّدة، لكنها تُظهِرُ بأن المستثمرين لم يصلوا إلى مرحلة الخوف بعد، وهم نوعاً ما في الجانب الدفاعي. فالإصلاحات الضريبية، والإنفاق على البنية الأساسية وخفض التشريعات هي البنود التالية على جدول أعمال إدارة الرئيس ترامب. وقد بات احتمال النجاح في تطبيق أي من هذه التشريعات أقل الآن مما كان عليه قبل أسبوع من الآن، لكن المستثمرين لا زالوا يمنحون الفرصة للرئيس ترامب ليثبت قدرته على الإيفاء بوعوده. ولكن في حال أدرك المستثمرون بأن هذه الخطط سوف تواجه المصير ذاته الذي واجهه قانون الرعاية الصحية، فإن الأسواق سوف تنتقل إلى العمليات البيعية الحادة قريباً بما أن توقعات أرباح الشركات ووتيرة التعافي الاقتصادي لا تُعتبران كافيتين لدعم التقويمات الحالية المرتفعة جداً.

كما أن أسواق الدخل الثابت لا تبدي علامات على الحماسة أيضاً. فمنحنى عوائد السندات الأمريكية اتخذ شكلاً منبسطاً (Flat) مجدداً، إذ إن عائد سند العشر سنوات الأمريكي انخفضت أكثر من 9% عن المستويات المرتفعة المسجلة في شهر مارس، في حين تراجع عائد سند الثلاثين عاماً إلى ما دون 3%. وهذا يفسّر السبب الذي جعل الدولار يخسر الكثير من قيمته، لكن الأهم من كل ذلك هو أن هذا يشير إلى أن المستثمرين في الدخل الثابت لا يرون علامات حقيقية على تسارع التضخم والنمو الاقتصادي.
وسوف يوجّه المستثمرون اهتمامهم نحو أوروبا هذا الأسبوع إذ إن رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي سوف تفعّل رسمياً المادة 50 يوم الأربعاء، لتبدأ بذلك رحلة نحو المجهول على مدار عامين. وفي هذه الأثناء، من المقرر أن يصوّت البرلمان الاسكتلندي على احتمال إجراء استفتاء للمرة الثانية على الاستقلال. ولكن الملفت في الأمر هو أن الاسترليني كان العملة الرئيسية الأفضل أداءً البارحة، إذ ارتفع 0.70% مقابل الدولار الأمريكي. ورغم أن ارتفاع الاسترليني كان مرتبطاً أكثر بضعف الدولار الأمريكي، إلا أنني أعتقد بأن أي اقتراب له نحو مستوى 1.27 سوف يكون فرصة للبيع. وبدا بأن البنك المركزي الإنجليزي كان متشدداً نوعاً ما عندما صوتت كريستين فوربس على رفع الفائدة في اجتماع 15 مارس، لكنني لا أعتقد بأن ذلك سيكون كافياً للتغلب على التحديات التي تواجه المملكة المتحدة عندما تنطلق المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.

كبير استراتيجيي الأسواق في FXTM