الاستثمار في الأمن الغذائي

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٣٠/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٣٠ ص
الاستثمار في الأمن الغذائي

عيسى المسعودي
الاستثمار في مشاريع الأمن الغذائي من الأمور المهمة التي يجب على الحكومة والمستثمرين ومؤسسات القطاع الخاص الاهتمام بها والنظر في إمكانية الاستثمار في هذا القطاع الهام والحيوي، ورغم جهود الحكومة ودورها طوال السنوات الماضية في إنشاء مشاريع تهتم بالأمن الغذائي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر إلا أن الفرص الاستثمارية في هذا القطاع لا تزال كبيرة وفرص واعدة خاصة وأننا ندرك احتياجنا الكبير في السلطنة، لتوفير الغذاء ولضمان أمننا الغذائي فهو أولوية من أولويات المرحلة المقبلة ليس فقط لتعزيز وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال شركات استثمارية حكومية متخصصة في الاستثمار بهذا القطاع الحيوي أو شركات ومؤسسات تستثمر في هذا القطاع وتحقق أرباح تساهم في انتعاش الحركة التجارية بالقطاع الخاص وتحقق أهدافاً معينة وإنما بالدرجة الأولى ضمان وجود المواد الغذائية المختلفة بالسوق وبأن يكون لدينا اكتفاء ذاتي من الصناعات والمواد الغذائية فلا يعقل أن نستمر في استيراد كل شيء حتى المواد الغذائية الرئيسية دون التحرك والتخطيط بشكل منظم واستثمار مختلف المقومات والفرص المتاحة في هذا المجال.

لا شك أن الحكومة متمثلة بوزارة الزراعة والثروة السمكية ووزارة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات قامت بعدد من الخطوات الإيجابية في هذا الجانب ولعل إنشاء الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة إحدى هذه المبادرات والخطوات الإيجابية التي نأمل أن تحقق أهدافها في المستقبل وتقديم الدعم لهذه الشركة في تنفيذ مشاريع استراتيجية تعزز من احتياجاتنا الغذائية وكذلك تحقيق أرباح ونتائج استثمارية جيدة، فالغذاء من المجالات والصناعات الناجحة التي تحقق أرباحاً كبيراً خاصة وأننا في السلطنة لدينا المقومات والمواد الخام لقيام صناعات غذائية، فمثلا في القطاع الزراعي لدينا الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة والماء ولدينا الإمكانيات المادية حتى ولو بالتمويل إضافة إلى الكثافة السكانية التي تحتاج لكافة المنتجات الزراعية، كذلك بالنسبة للقطاع السمكي يمكن الاستثمار في هذا المجال حيث حبا الله السلطنة بشواطئ من ذهب وثروة سمكية كبيرة، يمكن التخطيط والتنفيذ في إنشاء العديد من الصناعات التي تدخل في صناعة هذا القطاع، والاستفادة من هذه الثروة وإيجاد منتجات سمكية للاستهلاك الداخلي أو للتصدير والاستفادة من الأسواق الخليجية ومن الفرص الموجودة في كل هذه المجالات، فالسوق العماني وأسواق المنطقة بها العديد من الفرص المتعلقة بالغذاء خاصة وأننا كمواطنين ومقيمين في المنطقة لدينا ثقة كبيرة بالصناعات الوطنية مقارنة بالصناعات التي تأتي من الخارج وخاصة في مجال المواد الغذائية.

من الملاحظ أن الاستثمار في القطاع الغذائي حتى الآن لا يلبي الطموحات خاصة في ما يتعلق بالصناعات الغذائية فالمصانع الموجودة في هذا القطاع لا تزال محدودة والفرص موجودة وواعدة في هذا القطاع الحيوي لذلك على الحكومة وعلى القطاع الخاص، ورجال الأعمال النظر في هذا المجال والاستثمار فيه، وعلى الحكومة أن تقدم المزيد من الدعم والتسهيلات والتشجيع لقيام صناعات غذائية وإنشاء مزارع لمختلف المنتجات الزراعية والسلع الغذائية وفي كافة محافظات السلطنة فكل محافظة يمكن أن يقام فيها عدد من المشاريع وعدد من المصانع المتخصصة في الإنتاج الغذائي، كذلك كل فكرة مشروع يمكن الاستفادة منها بمشاريع وفرص أخرى فعلى سبيل المثال مشروع مزارع الدواجن أو البيض فهذه المشاريع تتطلب مواد خام وتتطلب احتياجات وأدوات مختلفة لإنجاح المشروع، وبالتالي يمكن للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو لأصحاب الأعمال من الاستفادة من الفرص التي يمكن تحقيقها من إنشاء المشروع وهذا يعني أن قيام مشروع واحد فقط يساهم في ظهور مشاريع جديدة وفرص استثمارية وتجارية مرتبطة بالمشروع الرئيسي وإذا نجحنا في التخطيط بهذا الأسلوب فذلك يعني نجاحنا في توفير فرص عمل وفتح آفاق جديدة في القطاع بشكل عام، لذلك علينا أن نفكر دائما من خارج الصندوق وأن تكون لدينا مبادرات تساهم في تشجيع الاستثمار وتحديداً تشجيع إنشاء مشاريع صناعية تحقق لنا التقدم والنمو في القطاع الغذائي.

وفي نفس الوقت التخطيط لضمان الأمن الغذائي للسلطنة، وهو هدف استراتيجي يجب العمل على تحقيقه والتخطيط له من الآن.

من الأمور التي يجب الاهتمام بها من قبل الحكومة ممثلة في الجهات والمؤسسات المعنية هي استقطاب وتشجيع المستثمرين على قيام الصناعات والمشاريع الغذائية وهذا النهج يجب أن يكون في مختلف القطاعات وأيضا تسهيل الإجراءات واتخاذ القرارات السريعة المحفزة للاستثمار سواء في القطاع الغذائي أو في القطاعات الأخرى فعلى سبيل المثال تحدث معي أحد أصحاب الأعمال قبل فترة عن رغبته في إنشاء مزرعة للدواجن في إحدى الولايات وبدأ في تنفيذ دراسة الجدوى ومعرفة الاحتياجات المالية وغيرها من الأمور التي يتطلبها المشروع وعند تقديمه للطلب في المؤسسات الحكومية المعنية بدأت المعاناة وبدأت قائمة الاشتراطات والموافقات من الجهات الحكومية واستمر يتابع المشروع بين هذه المؤسسات لأكثر من عام كامل وللأسف لم يستطع الاستمرار وأصابه اليأس من تنفيذ المشروع بسبب البيروقراطية والشروط والإجراءات المعقدة ليتوقف مؤقتاً عن التنفيذ، إن مثل هذه التصرفات وغيرها تؤثر وبشكل كبير على قيام المشاريع والصناعات سواء المتعلقة بالقطاع الغذائي أو القطاعات الأخرى لذلك نكرر التأكيد على المؤسسات الحكومية بضرورة مواكبة المستجدات ودعم وتشجيع الاستثمارات بمختلف أنواعها و الوقوف مع المبادرات حتى لو كانت صغيرة فمثل هذه المشاريع ستقودنا إلى تحقيق أهدافنا بإيجاد صناعات جديدة يعتمد عليها الاقتصاد الوطني.

عيسى المسعودي

Ias1919@hotmail.com