العُمانيون.. المحاصصة تخالف عقيدتنا ورؤيتنا

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/مارس/٢٠١٧ ٠٤:١٧ ص
العُمانيون.. المحاصصة تخالف عقيدتنا ورؤيتنا

فريد أحمد حسن
ليس فضائية واحدة وإنما لو أن كل فضائيات العالم وبمختلف اللغات تقول بما قالت به تلك الفضائية التي سعت إلى الإساءة إلى عُمان بمثل ذلك الكلام الناقص والبعيد عن الواقع وغير المعقول وغير الممكن لا يمكن أن أصدقها ولو كررت ما تقول في كل برامجها على مدار الساعة. لست وحدي من يقول هذا وإنما كل من يعرف عُمان وأهلها ويعرف شيئا ولو بسيطا عن قيادتها وتوجهاتها وإنسانيتها، فما سعت تلك الفضائية إلى ترويجه لا يمكن أن يكون في هذه البلاد وإلا كانت بداية النهاية لما تبقى من قيم ومبادئ وأخلاق.

ليس هذا كلام عواطف وليس هو من دون علم، ويكفي أن العالم كله رأى المثال عمليا وواقعا في عمان فيما يخص اللاتمييز بين المواطنين، فعمان لا ترفع الشعارات الفارغة ولا تتاجر بها ولكنها تترجم ما تؤمن به على أرض الواقع بأفعال يشار إليها بالبنان ويدونها التاريخ بأحرف من نور.

تأكيدا على عدم صحة ما ذكرته تلك الفضائية وافترائها على المثال والنموذج الإنساني والحضاري في عمان بادر العمانيون بالرد على ذلك والقول ابتداء إن تلك الفضائية لا تمثل إلا نفسها، ووفروا الأدلة على أنها تعمل ضمن أجندة مدروسة يضايقها توفر مثل هذا النموذج الإنساني في عمان والذي لا يميز بين مواطن ومواطن لأسباب دينية أو مذهبية أو قبلية أو بسبب عرق أو لون، إذ وجود هذا النموذج وشهادة العالم بأهميته وتقديرهم بناء عليه للسلطنة يزعج أصحاب تلك الأجندة وأمثالهم من الذين لم يفتضح أمرهم بعد.
التمييز بين المواطنين في أي مجال بضاعة لا تتوفر في السلطنة التي بناها صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- وأرادها لكل العمانيين من دون استثناء، أما من يقول بغير هذا فهو كاذب ومفتر ويريد الإساءة إلى السلطنة ويسعى إلى زرع الفتنة. أما من يشك في هذا الكلام فليس عليه إلا أن يتفضل بزيارة عمان ليومين فقط حيث سيرى بأم عينيه الكثير من الأدلة على صحته، ليس في الدوائر الرسمية فقط ولكن في كل المؤسسات والمساجد والأسواق أيضا (في إحدى السنوات وفي إحدى الشركات التي كنت أزورها شاهدت أحد مديريها وهو يخاطب مجموعة من الموظفين والموظفات الذين تقدموا للاستفادة من إحدى الترقيات الوظيفية ويقول لهم بوضوح إنه سيتم اختيار الأكفأ) قبل أن يتبين لي أن ابنته كانت من بين الذين تقدموا للاستفادة من تلك الفرصة.
«عمان كانت ولا زالت وستبقى عصية على هذه الأصوات التي تبث السموم والفتن على هذه الأرض.. كلنا أخوة سواسية.. حفظ الله الوطن»، هذه تغريدة لخصت رد كل العمانيين على ذلك الافتراء والتعدي. أيضا جاءت إدانة وزارة التعليم العالي عبر حسابها في تويتر لترد بقوة وتوضح الحالة الحقيقية للنموذج العماني، فكتبت «ردا على ما نشر مؤخرا من مزاعم تؤجج المذهبية والتي صدرت من إحدى القنوات التي قالت إن البعثات التعليمية في السلطنة قائمة على توزيع مذهبي»، «إن الوزارة تنتهج أساليب وأسسا علمية في أداء عملها مستدلة بنهج قويم يحترم المواطنة دون تمييز ومفاضلة إلا وفق المعايير العلمية واﻷكاديمية»، وأكدت «أن مخرجاتها التعليمية لا ترفع إلا شعار الهوية العمانية وتتقلد مناصب عليا في الوطن وفق الكفاءة وبغض النظر عن المذهب»، ودعت «كل من يجد أنه قد ظلم بسبب مذهبه في إجراءات التعليم العالي لتقديم ما يثبت لتكون اﻹدانة وقتها واجبة»، مؤكدةً أن «هذا الوطن ما كان إلا منارة علم وعطاء في كافة الميادين وما استظل إلا بكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله فكانت كافية منذ دخول الإسلام لهذه اﻷرض».
هنا مثال آخر يؤكد كل ذلك، فقد كنت مع بعض الأصدقاء في زيارة إلى إحدى المؤسسات ذات العلاقة بالكلمة في مسقط ولاحظنا كيف أن جميع منسوبي تلك المؤسسة يتعاملون مع موظف عربي بشكل راق ومميز، وأذكر أن الحديث دار بعد ذلك عن سبب ذلك التعامل المميز والحب الظاهر لموظف عربي وليس مواطنا أو خليجيا، ورأى البعض أن السبب يعود في الغالب إلى أنه ينتمي إلى نفس المذهب السائد في عمان، قبل أن يتبين للجميع أن الموظف ينتمي إلى دين آخر غير الإسلام.
هكذا هي عمان، وهكذا هو الشعب العماني الذي وفر قائده النموذج الذي يحتذى، فلم يكتف برفع الشعارات كما هو حاصل في الكثير من البلدان وإنما ترجم كل شعار رفعه إلى حقيقة على أرض الواقع أذهل بها العالم حتى لم يعد غريبا أن يستفز مثل ذلك الكلام الناقص كل ذي ضمير.
للتوثيق فقط ربما كان مهما الإشارة إلى أن ردة الفعل هذه -من العمانيين وغيرهم- سببها أن تلك القناة «استضافت أخيرا مواطنا خليجيا عبر أحد برامجها وذكر أن البعثات الخارجية في السلطنة تتم وفق المذاهب الإسلامية وأن هناك تحيزا في منح البعثات الدراسية».
«هو اختراق تكفيري لمعتقد أهل السنة والجماعة، ونحن في عمان لا نعتمد المحاصصة لأن هذا مخالف للرؤية العمانية ولسنا بحاجة إلى المحاصصة التي خربت العديد من الدول العربية»، هذا بعض ما قاله أحد مشايخ أهل السنة في السلطنة من خلال كلمة سجلها خصيصا للرد على تلك الترهات.

كاتب بحريني