دليل الخدمات ومؤشرات الأداء

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
دليل الخدمات ومؤشرات الأداء

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

وضعت وزارة الخدمة المدنية القطار على القضبان من خلال إصدارها وتقديمها دليل الخدمات الحكومية وكيفية الاستفادة منها، والأوراق الثبوتية المطلوبة لاستيفاء الخدمات من الوزارات والوحدات الحكومية، وتقييم مؤشرات الأداء طبقا لكل خدمة.

هذا الدليل وما يتضمنه من وصف عمل وتقييم أداء ورصد نسب الرضا يعد بداية لتغيير شامل في مفاهيم الخدمة الحكومية، حيث إن إدارتها ومسؤولياتها غير مفهومة من الموظفين حتى الآن، نتيجة لعدم وجود مثل هذا الوصف الوظيفي للوحدة وبالتالي للموظف لكي يترجم الخدمة للمتعاملين معها إلى واقع ملموس، وهو ما يسمى في العلوم الإدارية بوصف العمل ومؤشرات تقييم الأداء التي تعمل الشركات عليها كأساس لتقييم مدى كفاءة الشركة والموظف في أداء وظيفته وتقييم أدائه فيها، بل إن ترقية الموظفين من عدمها يعتمد على هذا التقييم لذلك يحرصون أن يكونوا دوما وأبدا بمستوى عال من المهنية الوظيفية من خلال تطوير أدائهم والمثابرة في العمل، وهو ما يعوز القطاع الحكومي بشكل عام.
ففي البداية يجب أن ندرك أن إصدار دليل للخدمات الحكومية بداية تغيير جوهري تقوده وزارة الخدمة المدنية تجسيدا لاختصاصاتها ومسؤولياتها في تطوير الأداء في الأجهزة الحكومية، ولعل تقاسم هيكلها بين التطوير الإداري وشؤون الموظفين يدلل على ما ترمي إليه هذه الجهة التي تسعى بكل طاقاتها إلى تغيير نمطية العمل في الجهاز الإداري للدولة سواء من خلال تطوير الأداء أو من خلال ضبط الدوام أو التدريب والتأهيل للموظفين في داخل السلطنة وخارجها.
فوزارة الخدمة المدنية تعمل بدون كلل أو ملل في هذا الشأن رغم المنغصات التي تثبط جهودها من بعض الأجهزة الحكومية ذاتها‏، فضلا عن التحديات المالية والإدارية التي لا يمكن إغفالها والتي تقف حاجزا في وجه أي تطوير، إلا أنها وللأمانة تعمل رغم كل الظروف بكفاءة عالية في الارتقاء بالجهاز الإداري للدولة من جميع الجوانب وتبلور من الخطط والإجراءات ما يسهم في تحسين العمل من خلال الكفاءات التي تدير وحداتها وتقبلها للأفكار والمقترحات والقابلية للتطوير المستمر.
ولعل إرساء نظام يسهم في تعريف المواطنين والمراجعين بشكل عام على الخدمات الحكومية وما تتطلبه، وقياس نسبة الرضا ليساهم في تقييم أداء الوحدات الحكومية يعد في حد ذاته تطورا يحسب لها في خضم ما يعتري الجهاز الإداري للدولة من ترهل يصعب ضبطه كما يصعب تقييم موظفيه بسهولة في ظل العديد من التحديات التي تواجهها الوزارات نفسها في برمجة موظفيها بشكل يتوافق مع متطلبات العمل، بل ورصد إنتاجيتهم وفاعليتهم من عدمها، كل ذلك يضيف صعوبة أكبر على الجهة المنظمة للعمل الإداري للدولة وإذ هي تعمل على تنفيذ العديد من النظم الإدارية على المستوى العام وهذا يحتم أن يقابله انضباط داخلي من كل جهة على حدة.
فالاستفادة من الدليل بشكل جيد وتقييم العاملين وقياس نسبة الرضا، يجب أن تحظى باهتمام كل الجهات في الجهاز الإداري للدولة ليتسنى تجاوز معضلة تردي الفاعلية وتدني حالة عدم الرضا عن الخدمات التي يعبر عنها صراحة الكثير من المراجعين، كل ذلك لغياب التقييم والقياس والمحاسبة على التقصير.
فضبط هذه الجوانب من خلال الدليل سواء على مستوى الجهات أو داخليا بكل جهة على حدة، سوف يبلور ثقافة جديدة ومتقدمة في التعاطي مع العمل الحكومي.
إن الذي يجب إدراكه هنا هو أن الهدف من هذا التطور ليس موجها للموظف بقدر ما هو موجه لتطوير الخدمات من خلال إيجاد مثل هذه الأنظمة التي تهدف لخدمة المستفيدين من خدمات الحكومة وهم المواطنون والمستثمرون على حد سواء، فكلما كان هناك وصف وظيفي ومؤشرات تقييم أداء ومسوحات قياس رضا كلما ساهم ذلك في تحسين بيئة العمل والارتقاء بمستوى الفاعلية فيه.
بالطبع بعض الجهات بدأ التطور يدب في أوصالها ويعمل الموظفين بدون دفع أو مراقبة، وإنما بوازع ضمير يحركهم للعمل وتلك هي الغاية من كل هذه الجهود.
نأمل أن يكون هذا الدليل وما يشكله عامل من عوامل التحول للأفضل وليكن بداية تغيير في الجهاز الإداري للدولة وللارتقاء بإنتاجية العاملين فيه ودفع العمل بما يسهم في تحقيق نسب الرضا المأمولة، وعلى كل الجهات التعاون لإنجاح مثل هذه الأنظمة الهادفة إلى إحداث النهوض في العمل الإداري في أجهزة الدولة.