دوائر التسويق لدى الجهات الحكومية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٨/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٤٠ ص
دوائر التسويق لدى الجهات الحكومية

علي بن راشد المطاعني

الكل يدرك أهمية التسويق في عالم اليوم، وهو أحد العوامل بالغة الأهمية التي تستثمرها الشركات بكفاءة عالية في زيادة عملائها، وإبقائهم مستخدمين لمنتجاتها وخدماتها، وعبر فاعليته تنجح المؤسسات وتتطور طالما كانت لديها سياسات تسويقية علمية وفرق متخصصة في عرض الخدمات والمنتجات والعكس أيضا صحيح وهو ما يجب أن ندركه ونعمل على تعزيزه بكل الوسائل الممكنة والمشروعة حتى في الجهات الحكومية أيضا باعتباره الحل الأمثل لرفد الاستثمار وإبراز الإمكانيات والمقومات التي تمتلكها السلطنة، وإزالة بعض اللبس الذي يعتري البعض بسبب عدم وضوح الرؤية لهم، فبدون ذلك تبقى الأمور تراوح مكانها وهو ما لا نقبله في المرحلة المقبلة وبخاصة في ضوء توجهاتنا الرامية لجذب الاستثمارات للمشروعات الاقتصادية.
فاليوم أصبح التسويق للجهات الحكومية ذا أهمية كبيرة في جذب المستثمرين ورجال الأعمال من داخل وخارج السلطنة من خلال تسويق الفرص الاستثمارية وعرض المزايا والتسهيلات الحكومية وشرح الأنظمة القضائية والإجراءات المتبعة بطرق أكثر جاذبية وسلاسة، وباستخدام أحدث طرق العرض، وهذا يتطلب دوائر تسويق متخصصة للترويج للفرص الاستثمارية في ظل تطور أساليب الترويج والاطلاع على أفضل الطرق وبناء قاعدة معلومات عن الأسواق والمستثمرين.
إن فلسفة التسويق يجب أن تنتهجها الوزارات والهيئات الحكومية كخطة عمل واضحة في المرحلة المقبلة تستفيد من المقومات المتوفرة لها، لكن هذا لا يتأتى إلا من خلال دوائر متخصصة في التسويق بها أقسام مختصة كل في مجاله، منها التسويق الخارجي ومنها المبيعات والهدايا والمعارض والمؤتمرات وإلى غير ذلك مما يضيف قيمة مضافة عالية لكل جهة بالداخل والخارج.
فتطور التسويق لا يقف عند حدود معينة أبدا، فكل يوم نلحظ جديدا يرفد هذا العلم الذي يعد من أهم العلوم التجارية التي تدرس بالجامعات والكليات، ‏فالتقنيات الحديثة وأهمية توظيفها بطرق وأساليب العرض المبتكرة من الأهمية بمكان في إنجاح الترويج، مثل الأفلام والفيديوهات التي تعد في حد ذاتها صناعة متكاملة لقوة تأثيرها وسهولة تحميلها وعرضها بوسائل التواصل الاجتماعية وأيضا توزيعها كأسطوانات على السفارات والمنظمات والمؤتمرات وغيرها، ولا نغفل أيضا المطبوعات التي لها تأثيرها الفاعل في توضيح الرؤى والخطط التي نتطلع أن يشاركنا الآخرون في تنفيذها كمشروعات.
إن نتائج افتقار الجهات الحكومية والخاصة لدوائر التسويق لدينا واضحة من خلال ما يقدم من عروض متواضعة وترويج أضعف في الداخل والخارج، وهي عروض تفتقر لأدنى متطلبات تسويق شركات فما بالك بدول، فضلا عن عدم الجاهزية الكافية للأحداث والفعاليات والمؤتمرات بشكل جيد من قبل غير المختصين بالجوانب التسويقية وبالتالي لا يملكون وسائل التأثير ولم يدرسوا علوم الاجتماع والنفس وغيرها من العلوم التي تسهم في التعرف على كيفية التأثير إيجابا على الغير.
إن فلسفة الترويج للاستثمار في البلاد سواء في الداخل أو الخارج لا يمكن أن تتطور وتأتي بنتائج إيجابية ما لم نخصص وحدات متكاملة العدد والعدة وترفد بكوادر متخصصة على مستوى عال من الجاذبية الشخصية واللباقة والخبرة الكافية التي تساعدهم على إقناع الآخرين وجذبهم، فهذه الدوائر والكوادر لها قيمة مضافة عالية، بل تعد من أدوات الاستثمار التي يجب أن نستثمر فيها باستمرار بهدف تطويرها، لأن العائد منها كبير وبقدر يتجاوز كل التكاليف بمئات آلاف المرات.
ولا يغيب عن الأذهان دور الإعلام الذي يوفر الأرضية الصلبة لانطلاق كل برامج التسويق والترويج، فهو يقوم بدور مهم في التعريف بالدول وما تتمتع به من مقومات وما يتوفر لديها وفيها من عوامل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وعلى رأسها استتباب الأمن، وهو أحد أهم العوامل في أركان منظومة الاستثمار في أي مكان على كوكبنا.
بالطبع لا نقلل من الجهود المبذولة في هذا الصدد من قبل مختلف الجهات في الترويج والتسويق، إلا أنها وكما أسلفنا جهود تفتقر للتخصصية وللتطوير المستمر وتعاني من الضعف المهني للكوادر التي تقدم العروض الترويجية، ومن بدائية الوسائل المستخدمة لتحقيق هذا الغرض النبيل.
نأمل من الجهات الحكومية أن تولي قضية التسويق اهتماما أكبر خاصة ذات العلاقة بالاستثمار في الخارج وتزويدها بكل المستلزمات والمعينات الحديثة التي تحتاجها لإبراز المقومات الحضارية التي تزخر بها السلطنة، والعمل على تأهيل الكوادر الوطنية في هدا المجال، فهذه الكوادر في حد ذاتها استثمار متكامل يحتاج اهتماما خاصا لكي يأتي بنتائج إيجابية للبلاد والعباد.