ميثاق للعمل الحكومي... هل حان وقت التغيير؟

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٣/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٥٦ ص
ميثاق للعمل الحكومي... هل حان وقت التغيير؟

علي بن سالم الراشدي
دليل للخدمات الحكومية عمّمته وزارة الخدمة المدنية مؤخراً على الوزارات كافة يتضمن ميثاقاً ملزماً للوزارات كافة لخدمة المتعاملين معها مما يعد نقلة نوعية هامة وتحولاً كبيراً في مسيرة العمل بقطاع الخدمة المدنية والذي يضم أكبر شريحة عاملة بالبلاد ويستفيد من خدماته سكان السلطنة كافة.

المؤكد أن إصدار هذا الميثاق سوف يقضي في حالة تطبيقه على البيروقراطية المعشعشة في أغلب وزاراتنا الخدمية والتي يبدع بعضها في تعقيد المراجعين وفي إضاعة أوقاتا وأموالا يصرفها المراجع لإنهاء خدمة قد لا يستغرق إنجازها ساعات أو يوم كأقصى حد، وذلك في حالة توفر المتطلبات لإنجاز هذه المعاملة، ولكن دائما ما يصطدم المراجع بكلمات مملة راجعنا الأسبوع القادم، والموضوع ناقص أوراق واكتب رسالة استثناء للوزير، والموضوع بيرفع للجنة، ناهيك عن لجاننا التي نمت وترعرت في كافة الوزرات والتي أصبحت لا تنبت ولا تزهر سوى التعقيد واليأس والتأخير والأمر لله من قبل ومن بعد. ومن أبرز ما أكد عليه بيان وزارة الخدمة ضرورة اشتمال دليل الخدمات على وضوح النماذج والاستمارات المطلوبة لإنجاز الخدمة وهي خطوة مهمة ورئيسية للقضاء على البيروقراطية حيث إن أغلب الشكاوى تأتي من عدم وضوح المطلوب لإنجاز الخدمة، حيث يمضي المراجع أغلب وقته ركضا لتصوير السجل والشهادات وغيرها من الوثائق والمستندات، وكذلك أيضا هناك أمر مهم جداً وهو تحديد المدة الزمنية اللازمة لإنهاء الخدمة وفترة الانتظار بعد استيفاء جميع الوثائق والأوراق المطلوبة بحيث لا تتعدى ثلاثة أيام أو عشرة أيام حسب الفترة التي تحددها الجهة المقدمة للخدمة، وإن تجاوزت هذه الفترة لابد من إبلاغ متلقي الخدمة عن سبب التأخير كتابة أو عن طريق الرسائل النصية القصيرة.

بيان الوزارة أكد أهمية أن يتضمن الدليل نقطة لا تقل أهمية عن تحديد المدة الزمنية لإنجاز المعاملة حيث حدد 20 دقيقة كفترة انتظار في صالات تلقي الخدمات وكذلك ألزم موظفي الوزارات بالرد على الهاتف وأيضا البريد الإلكتروني خلال أربع وعشرين ساعة وفي حالة التأخير في الرد تظهر علامة تنبيه للموظف بضرورة التواصل مع المتعاملين بضرورة عاجلة.
الميثاق ألزم الجهات التي تقدم الخدمات بضرورة تحديد رسوم كل خدمة وطرق دفعها من خلال القنوات والمنافذ المعتمدة وأيضا تحديد مواعيد العمل الرسمية واستقبال الطلبات. وفيما يتعلق بثقافة العمل وسلوك مقدم الخدمة وهي مفقودة وللأسف مع كثير من الموظفين ألزم الدليل على ضرورة أن يستقبل الموظف المتعاملين بلباقة واهتمام وأن يتعامل باحترام وحيادية ولا يحابي شخصاً على آخر وأن يتحلى بالصبر عند التعامل مع المراجعين ويمتص الانفعالات من قبل المتعاملين في حالة عدم رضاهم عن الخدمة وأن يتحلى الموظف بالقدرة على حل المشكلات التي تعيق إنجاز المعاملات وأن يحافظ على سرية المعلومات والبيانات. تحول وزارة الخدمة المدنية من وزارة مسؤولة عن التشغيل في أكبر قطاع للخدمة في البلاد إلى جهة مسؤولة عن تنظيم هذا السوق وتجويد العمل به أصبح ضرورة يفرضها الواقع وذلك للقضاء على التعقيدات والتي تحولت وللأسف في بعض الوزارات إلى نظام يعتمد على عقليات عفى عليها الدهر وشرب وترى في الإجراءات التي تتبعها مصلحة للعمل وهي في الحقيقة مضيعة للوقت وللمال وطريق لتفشي المحسوبية والواسطة، حيث يلجأ المراجع بعد أن أعيته الحيلة إلى السؤال عن المعارف العاملين بالوزارات لإنجاز معاملته وإلى توسيط فلان وعلان للنجاة من الغرق في بحر لجي من التعقيد والتسويف أفقده صحته قبل أعصابه.
نتمنى من وزارة الخدمة المدنية أن تراقب تطبيق هذا النظام وبشدة بفتح نافذة لتقديم الشكاوى، من أي تعقيد قد يصادفه مراجع وذلك من خلال استخدام التقنيات الحديثة للتواصل عبر الإيميلات والتويتر والهاتف، وأن تقوم كل حين وآخر بطرح استبيانات لقياس رضى المتعاملين بكل جهة حكومية ونشر نتائج هذه الاستبيانات لتكون دافعاً للجميع للتنافس.
في الأخير دليل الخدمات الحكومية وضع لتبسيط الإجراءات بما يحقق الإنجاز السريع لكافة الخدمات ونأمل من وزارات معروفة بتعقيداتها، بأن يكون الدليل بداية لفتح صفحة جديدة مع المراجعين تقوم على الشفافية التامة وعلى التفاني في خدمة المراجعين بالتساوي وبالسرعة التي تساعد على تحقيق العائد الاقتصادي، ويقلل الكلفة ونأمل أيضا من بعضها أن ترفع الحواجز والمتاريس على مداخلها وبواباتها وأن ترى في المراجع شريكاً لها وهي التي أنشئت في الأصل لخدمته وراحته.