كرسي الغرفة للدراسات الاقتصادية!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٢/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٤٠ ص
كرسي الغرفة للدراسات الاقتصادية!

علي بن راشد المطاعني
تعزيز الدراسات الأكاديمية والنهوض بالبحوث لا يتأتى من خلال الجامعات والكليات ومراكز البحوث في الدول فحسب، وإنما يشارك القطاع الخاص بدور حيوي في دعم هذا الجانب المهم في حياة الأمم والشعوب، لما له من أهمية في تعميق الاهتمام بالجوانب المهمـــة فـــي الدراسات التي تحتاج إلى التعمق والتحليل العلمي المتأني والمكلف مالياً، وهو أمر لا تقوى عليه بعض الجامعات بمفردها لذلك فهي تتطلع إلى مشاركين لها في تلكم الأعباء عبر تخصيص كرسي للدراسات العلمية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية من جانب الجهات والشركات والمؤسسات ورجال الأعمال المستنيرين منهم على وجه التحديد، ولنا أنموذج حسن ويحتذى في إنشاء الكراسي التي خصصها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في عدد من الجامعات في العالم لدراسة مجالات دقيقة تسهم في إثراء الحياة الإنسانية بجوانبها كافة، وهو ما أدركته غرفة تجارة وصناعة عُمان بوعي منها لأهمية الكراسي في رفد البحوث والدراسات الاقتصادية التي تتواءم مع اختصاصها كبيت للتجار ونواة للقطاع الخاص، فأنشأت كرسياً للدراسات الاقتصادية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس، لتقدّم نموذجاً في العمل الاقتصادي العلمي والممنهج والقائم على دراسات عميقة للأبعاد الاستثمارية والأوضاع الاقتصادية لكي يقدّم صورة واضحة وجلية عن ماهية العمل الاقتصادي الصحيح، في ظل المتغيّرات الاقتصادية المتسارعة عالمياً وما يشهده العالم حالياً من تغيّرات اقتصادية جوهرية قد تقلب موازين القوى الاقتصادية العالمية عبر تدحرج دول كانت عظمى إلى مراكز متأخرة، ونهوض دول كانت في مراكز أدنى لتصعد إلى القمة، وجميعنا يعلم أن الغلبة والقوة في إطارها الحديث تنالها الدول التي تمتلك اقتصاديات صلبة ومتينة، وليست الغلبة في المفهوم الحديث بعدد السكان أو بأطوال العمارات والمباني ولا بالكلام والصياح وبكثرة الصعود على المنابر، ذاك عصر قد ولى ومضى ليغدو الاقتصاد بكل ما يعنيه من دلالات هو أساس التفوق وركيزة الرفاهية لكل دولة ولكل شعب على ظهر البسيطة.

بلا شك فإن خطوة إنشاء كرسي لغرفة تجارة وصناعة عُمان وارتباطه بجامعة السلطان قابوس كبيت خبرة يعتد به في الكثير من الجوانب، يعد في حد ذاته قيمة كبيرة بأنه كان كرسياً شامخاً لبيت التجار في سلطنة عُمان، وإنه ما فتئ يضفي الزخم والحيوية والفاعلية على الدراسات الاقتصادية الهادفة إلى الارتقاء بمفاهيم الدراسات ويؤرخ لمرحلة جديدة من العمل في هذا الجانب بإنشاء كراس للدراسات الاقتصادية والحضارية والتراثية ترعاها شركات ورجالات أعمال ضمن مسؤوليتها الاجتماعية الهادفة لخدمة المجتمع إذ يتعيّن أن تتجاوز مثل هذه المبادرات إطارها التقليدي إلى آفاق أوسع وأشمل لتتطرّق إلى مناح جديدة مبتكرة تضفي الحيوية وتمهّد للسبق العلمي في مجالات لم يتم التطرّق إليها من قبل، وهذا هو عينه الهدف من الدراسات العلمية التي يبذل المال من أجلها رخيصاً باعتبار أن المردود الاقتصادي منها سيعود ريعه على اقتصاد البلاد ولخير العباد.

بالطبع لهذا الكرسي الذي ستتكفل الغرفة به عبر تكليف أستاذ بروفيسور في الدراسات الاقتصادية ستكون له بإذن الله مكاسب كبيرة آنياً ومستقبلاً، وسيفتح الباب واسعاً إما عبر إنشاء كراس أخرى أو مركز أو مراكز للدراسات الإستراتيجية الاقتصادية ويمكننا استشراف آفاق المستقبل بكل ثقة ويمكننا عبر ذلك القول إننا قد حاولنا قدر جهدنا وطاقتنا أن نقدّم للأجيال العُمانية عصارة جهدنا العلمي ليسيروا هم عليه وليبنوا فوقه صروح مجدهم المقبل.
نأمل أن تكلل مثل هذه الجهود بالنجاح وتعزز مثل هذه المبادرات بأخرى من جهات أخرى لرفد هذه الجوانب التي تحتاج لها البلاد في المرحلة المقبلة.