ما بين ملائكة الرحمة في الفضاء والأرض!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/مارس/٢٠١٧ ٠٣:٥٥ ص
ما بين ملائكة الرحمة في الفضاء والأرض!

علي بن راشد المطاعني

يطلق على الممرضين والممرضات وعلى مستوى كوكب الأرض صفة ملائكة الرحمة لعنايتهم وعنايتهن بالمرضى، وصبرهم وصبرهن عليهم آناء الليل وأطراف النهار، وعبر لمساتهم وكلماتهم التي تفيض حنانا وبلسما يخففون عنهم عذابات والآلام وأوجاع الألم الأليم عندما يشتد لهيب المرض، هذا جانب بشأن ملائكة الرحمة هؤلاء سجلناه في صحائف الدهر بمداد من نور.

إلا أن هناك من يستحق هذا اللقب أيضا وعن جدارة واستحقاق، أولئك هم الملائكة الذين يرتادون الفضاء على متن الطائرات في غدوها ورواحها، بين عواصم كوكب الأرض، هم المضيفون والمضيفات، ولأن المهنة أصلا خطرة وبما تعنيه الكلمة من معنى ومغزى، لذلك يتم اختيارهم بمواصفات خاصة، وبمعايير دقيقة، وبشروط قاسية، والهدف من كل ذلك هو الحصول على درجة الامتياز مع ضيوفهم، كرما وحنّوا وترحابا، وفي هذا يتنافس المتنافسون، فالشركات التي أحسنت اختيار ملائكة رحمتها هي التي تستطيع جذب المسافرين إليها، وهي التي تحقق الأرباح، وهي التي تبقى في سوق لا رحمة فيه لضعيف في هذا المعترك.
وحكما فإن أوجه الشبه ما بين ملائكة الفضاء وملائكة المستشفيات كبير لحد يصعب التفريق بينهما، فكلاهما مهتم بالإنسان عموما، غير أننا نتفق على أنهم يستحقون الاحترام وكل التقدير كل في مجاله، فالمهنة أصلا رفيعة المستوى إنسانيا.
فعندما نتحدث عن المضيفين والمضيفات في الطائرات، ثم نمضي بعيدا لنشبههم بملائكة الرحمة في المستشفيات فإن التشبيه صادف أهله، فملائكة الفضاء تتصف مهنتهم بالخطورة كوصف أولى لما يقومون به على متن الطائرات، فروادهم في الغالب من الأصحاء ومن الأقوياء والضعفاء أيضا، مع الاحتفاظ بحقيقة أنهم أيضا ينقلون مرضى من عاصمة لعاصمة طلبا للعلاج، عندها فإنهم يتفوقون على ملائكة المستشفيات في هذا النقطة إذ هم يتكبدون ذات المشاق التي يتكبدونها إضافة لجهودهم الخارقة في حفظ الهدوء والسلام داخل الطائرات، إذ أي فوضى أو إخلال بالنظام من قبل ركاب تختلف أمزجتهم وتتباين تركيبتهم النفسية والمزاجية قد يخلف مشاهد دامية ومعروفة، كل ذلك يضفي قدرا هائلا من الصعوبة على هذا المهنة وهذا الإخلال بهذه المسلمات وإن حدث فذلك يعني وقوع كارثة جوية قد تخلف ضحايا حتى ممن لا ناقة لهم ولا جمل كانوا يمشون مطمئنين على ظهر الأرض وباعتبار إن كل ركاب الطائرة إضافة للطاقم هم ضحايا كأمر مسلم به.
كما أن ملائكة الفضاء معروف عنهم إيمانهم بالإيثار قولا وعملا وفعلا، وتلك ميزة أخرى تضاف إلى مهامهم الجسام، فهم وعند الملمات يضعون ضيوفهم في قائمة الأولويات التي يحرصون كل الحرص على سلامتهم، والسعي إلى إنقاذ أرواحهم وقبل أن يفكروا مجرد تفكير في إنقاذ أرواحهم أولا، ولطالما سمعنا عن حالات جرت على هذا النحو، فهم يضعون سلامتهم الشخصية في الدرجة الثانية من سلم الأولويات، لذلك فهم خارقون إنسانيا، لهم التجلة والتحية لكليهما في المستشفيات أو في رحاب الفضاء الممتد إلى ما لا نهاية.