بالفيديو: رملة جديلة «الذهب الأبيض» في السلطنة

بلادنا الخميس ٠٩/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص

مسقط - خالد عرابي

حبا الله سبحانه وتعالى وطننا الحبيب عمان بالكثير من الثروات ومنها الطبيعة الفريدة التي لا مثيل لها في العالم، من مناظر طبيعية خلابة وشواطئ ومياه وجبال، وسهول ووديان، وغيرها الكثير.

وكان من آخر الاستكشافات أو الإضافات «قعيدة» رملة تلة جديلة التي تصنف كأعلى كثيب رملي ليس في منطقة الخليج العربي، ولا المنطقة العربية فحسب، بل في العالم، فبعد زيارة المستكشف والباحث السعودي د. عيد اليحيى ونشر تقريره الشهير حول أعلى كثيب رملي في العالم وهو «قعيدة» تلة جديلة على قناة «العربية»، أخذت شركة «الدليل الأول للسياحة» Guide Oman كشركة رائدة في المغامرات والرحلات وخاصة الصحراوية، بقيادة محمد الزدجالي ومشاركة مغامرين عمانيين، أخذت على عاتقها مهمة إعادة استكشاف التلة والتعرف عليها أكثر، وكذلك التعرف على طبيعة المنطقة التي تقع فيها وموقعها وحدودها الجيوجغرافية وسبل الصعود إليها وكيفيته وكم يستغرق من الوقت وكذلك كيف ينظر لها أهالي المنطقة المجاورة وماذا يتمنون لها كمعلم طبيعي بارز وكذلك للمنطقة عامة.. وقد أعدت العدة لذلك في مهمة مشتركة بالتعاون مع صحيفتي «الشبيبة» وTimes of Oman الصادرتين عن مجموعة مسقط للإعلام.

وضم فريق الاستكشاف من شركة الدليل الأول للسياحة كل من: محمد الزدجالي، رائف اليحيائي، وليد الزدجالي، عبدالرحمن الزدجالي، أحمد البلوشي، حسن البلوشي، فيصل الرئيسي، شاكر البلوشي، أسامة الزدجالي، نجيب الزدجالي، أحمد الميمني، علي خان، ومن صلالة انضم إليهم سامي الرواس، كما انضم إليهم أيضا دليل من أبناء المنطقة هو عبدالله بن محمد الحريزي.
في البداية أكد محمد الزدجالي على أن رمال تلة جديلة هي أعلى كثيب رملي في العالم وأنها عبارة عن رمال شاهقة يصل ارتفاعها إلى 455 متراً عن مستوى سطح البحر وأنها تقع على بعد حوالي 30 كيلومتراً من نيابة ميتن بولاية المزيونة.
ووصف الزدجالي رمال هذه التلة بالذهب الأبيض العُماني مشيرا إلى أنهم كفريق استكشافي سافروا إلى بلدان وأماكن كثيرة، وشاهدوا رمالا عديدة، غير أنهم رأوا أن رمال هذه التلة مختلفة عن أي رمال أخرى شاهدوها عالميا، فهي رمال تجمع بين اللون الأبيض النقي والأصفر الذهبي وتتميز ألوانها بنقاوتها ونصاعة بياضها المائل إلى لون الذهب الأبيض.
وتوجه الزدجالي بالشكر إلى مكتب نائب والي المزيونة بنيابة ميتن ومساعد الوالي محمد بن مسلم الحريزي، وإلى عبدالله بن محمد الحريزي.
وعن الوصول إليها قال أسامة الزدجالي: منذ أن عرفنا بزيارة د. عيد اليحيى وحديثه عنها في تقريره على قناة العربية عقدنا العزم للوصول إليها ورؤيتها بأعيننا بل والصعود إلى أعلى قمتها مع الحصول على كل الإحداثيات والأرقام الخاصة بها وفقا للمقاييس الدولية المعروفة بنظام الخرائط العالمي.

مسار الرحلة

أما عن مسار الرحلة فقال نجيب الزدجالي: توجهنا من مسقط إلى «قرن علم» في منطقة الوسطى، حيث قمنا وبرعاية من شركة المها لتسويق المنتجات النفطية -التي وفرت لنا صهريجا من الوقود لإتمام الرحلة بنجاح- وبمعيّة 120 شخصا قمنا بمغامرة في تلك المنطقة، وبعد انتهاء المغامرة في الـ25 من فبراير الفائت توجهنا إلى منطقة الغابة، ومن ثم قطعنا مسافة حوالي 700 كلم حتى وصلنا إلى منطقة «شصر» التاريخية، حيث خيمنا بها وفي اليوم التالي (أي 26 فبراير) توجهنا في الصباح الباكر إلى نيابة الحشمان، ولكن تعطلت إحدى السيارات وتحديدا سيارة قائد الفريق فأخذناها إلى نيابة الحشمان حتى تنقل إلى مسقط، وأكملنا الرحلة إلى رملة جديلة، حيث قطعنا من الحشمان إلى المنطقة الواقعة بها وهي نيابة ميتن مسافة 90 كلم ووصلنا إليها عند الساعة الثانية ظهرا، وبعد ذلك التقينا مع المرشد عبدالله بن محمد الحريزي الذي قابلنا في الطريق فبادر من نفسه بالوصول معنا إلى التلة، وعند وصولنا على بعد حوالي 12 كيلو مترا من منطقة التلة كانت تظهر لنا من بعيد وكأنها جبل بركاني.
وأضاف رائف اليحيائي قائلا: عند الوصول مباشرة بدأنا القيام بعمل مسح حولها حتى نستكشف أقرب وأسهل نقطة للصعود لها، وبدأنا ندرس خطة الصعود إليها سواء من يصعد بالسيارات أو على الأقدام، وبالفعل حددنا نقطة الصعود، وذلك من خلال خبراء في المجموعة معنيين بقراءة الرمال وبدأنا نستعد للصعود.. وأضاف أحمد البلوشي: بدأنا الصعود لها كمجموعتين، واحدة بالسيارات (حيث كانت القافلة تضم 9 سيارات، صعد منها 5 سيارات) والأخرى بالأقدام وضمت شخصين هما عبدالرحمن الزدجالي وحسن البلوشي، وقد قطعنا صعودها في 45 دقيقة فقط، ووفقا لنظام الخرائط العالمي كانت الأرقام تعطي أن ارتفاعنا 455 مترا ولم يكن هذا الصعود سهلا إذ إنه وكما توقعنا وجدنا عددا من المنحدرات والمنخفضات الشاهقة خلال الصعود لدرجة أن إحدى السيارات كانت على وشك الانقلاب، كما وجدنا تلالا شاهقة أخرى بالمنطقة، مما يخيل للزائر وكأن هذه التلال تنافس بعضها بعضا، وكل واحدة تقول للأخرى: «أنا الأكثر ارتفاعا». كما أنه بهذا الصعود كانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ هذه المنطقة أن يتم الصعود إليها بالسيارة.
وأضاف وليد الزدجالي: بعد أن وصلنا إلى أعلى قمة التلة كان الاثنان اللذان قررا الصعود على الأقدام قد لحقا بنا ووصلا إلى القمة بعد 10 دقائق من الوقت الذي أخذناه في الصعود بالسيارة وهو 45 دقيقة، وكانا قد أصابهما تعب وإرهاق شديدان وأصبحا يسيران على أربع، ولذا قرر قائد الفريق محمد الزدجالي ووليد الزدجالي النزول من قمة التلة على الأقدام وإعطاء السيارة لحسن وعبدالرحمن، اللذين وصفا شعورهما بعد إنجاز المهمة والوصول للقمة قائلين: «شعرنا بأننا حققنا وأنجزنا شيئا كان ضربا من الخيال أو مستحيلا، كما شعرنا بأننا حققنا إنجازا تاريخيا، ولمَ لا وهو سيضيف لعمان؟».
وأشار سامي الرواس إلى أن هناك بعض الأشخاص من محافظة ظفار كانوا يأتون إلى منطقة التلة، ولكن دون أن يعلموا بأنها أعلى كثيب رملي في العالم، وقال إن بعضهم حاولوا في مرات عديدة الصعود إليها بالسيارات ولكن لم يتمكنوا من ذلك.. كما أكد المرشد عبدالله بن محمد الحريزي على أنه كان يأتي بوفود إليها أيضا ولكن لم يتمكن أحد ممن أتوا معه من صعود التلة بالسيارة سابقا وأنه أول مرة يصعد التلة بالسيارة مع هذه المجموعة.

عاصفة رملية

وقال أحمد الميمني: بعد أن نزلنا من فوق التلة، كان قد دخل الليل وحل الظلام، فقررنا التخييم والمبيت في المنطقة ومن ثم بدأنا في نصب الخيام وتجهيز العدة، ولكن هنا حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث جاءت عاصفة رملية قوية لم نتمكن معها من القيام بنصب الخيام، فأصبحنا نواجه مشكلة كبيرة، حيث نعاني جميعا من التعب والإرهاق وصعوبة القيادة والعودة وكذلك صعوبة التخييم وأيضا صعوبة المبيت في السيارات وهنا جاء الحل إذ وجدنا أن مساعد نائب والي المزيونة محمد بن مسلم الحريزي يعرض علينا أن نذهب معهم للمبيت في استراحة سعادة نائب الوالي، وبالفعل رحبنا بذلك وكان أنسب وأفضل الحلول.
وأكد شاكر البلوشي على أن الصعود بالسيارة لم يكن أسهل من الصعود بالإقدام لأن فيه مغامرة أشد لأن سيارات الدفع الرباعي وفِي صعود لمئات الأمتار في رمال ناعمة قابلة للانهيار وهي لو قارناها برمال الشرقية فهي خمسة أضعاف، علاوة على أن قمتها وكأنها سيف حاد يحتاج إلى تمكن قوي جدا في قيادة السيارة.
وطالب مساعد والي المزيونة لنيابة ميتن محمد بن مسلم الحريزي -وهو من أبناء المنطقة- بضرورة ترويج المنطقة سياحيا، وذلك من خلال تسليط الضوء عليها كمعلم سياحي طبيعي عماني، خاصة وأنها أعلى كثيب رملي في العالم، وهي واحدة من الثروات الطبيعية التي حبا الله سبحانه وتعالى بها وطننا الحبيب عمان فلماذا لا نعمل على ترويجها سياحيا والاهتمام بها وبالطبع يأتي في إطار هذا الاهتمام توفير عدد من الخدمات التي يحتاجها السائح في المنطقة المحيطة من فنادق واستراحات ومطاعم ومرافق مثل دورات المياه وغيرها.. وأشار إلى أن هناك بعض الدول ليست لديها مثل هذه الموارد والثروات الطبيعية أو لديها أشياء بسيطة ولكن مع الاهتمام بها والترويج وتسليط الضوء عليها تجعل منها أشياء كبيرة، بل وتجعلها محطات سياحية تحقق شهرة عالمية سياحيا. ثم استطرد قائلا ولماذا نذهب بعيدا ولنا في كهف الهوتة مثال واضح فقد كان هذا الكهف قبل سنوات مجرد اسم ولم يكن حتى أحد يجرؤ على الوقوف أمامه ولكن مع الاهتمام به وتمهيده وتهيئته بالمرافق المطلوبة أصبح الآن واحدا من أهم معالم السلطنة السياحية التي يشار إليها بالبنان فلم لا تصبح هذه التلة في يوم من الأيام كذلك؟

مسابقات دولية

أما علي خان -وهو من هواة التصوير بالطائرة «الدرون»- فقال: كانت المغامرة فريدة من نوعها، وكانت فرصة أجمل لالتقاط العديد من الصور الطبيعية الرائعة التي تبرز مدى التفرد والخصوصية في المكان.
وأضاف فيصل الرئيسي: استمتعت جدا بهذه المغامرة وصعود التلة، وبما أنها بهذا الارتفاع الشاهق وهذا التفرد والخصوصية، فإنني أقترح أن يقام عليها مسابقات دولية وعالمية وخاصة مغامرات تحدي الرمال، وذلك على نمط المسابقات التي تجريها شركة «ريد بل Red Bull» العالمية وهي ليست بغريبة على السلطنة، حيث أقامت بعمان من قبل مسابقات عالمية مستفيدة من طبيعة السلطنة الفريدة مثل بطولة «ريد بول للغطس المرتفع» التي أقامتها بوادي شاب.
الجدير بالذكر أن الباحث السعودي «عيد اليحيى» حينما صعد إلى التلة قبل عدة أسابيع ووفقا لقوله وتقريره في قناة «العربية» أخذت منه ثلاث ساعات لصعودها، وذلك لأنه صعدها مباشرة (أي بشكل عمودي) بينما صعدها فريق الدليل الأول للسياحة في 45 دقيقة لأنه صعدها بطريق العروق (أي بشكل متعرج).