صناعة صحفي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٨/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص
صناعة صحفي

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

لأن قضايا الصحافة تعنيني مباشرة فإنني أطرحها باستمرار، كتابة وقراءة وتحدثاً، كما يقال في شرط "اللغة الإنجليزية" في إعلانات التوظيف، فهذه بضاعتي التي التصقت بها طوال ثلاثة عقود، ولذلك فإن مساءلة الذات مهمة كلما واجهت أسئلة الصحفيين الشباب وهم يسألون عن تفاصيل العمل الصحفي، والكتابة في عالم صاخب من النشر الإلكتروني، حيث لا حاجة كبيرة للصحافة الورقية طالما أن المعلومة تصل أسرع.. وإن لم تكن.. أنقى!
عندما دخلت قاعة في منتجع ميلينيوم المصنعة حيث ملتقى المنسقين الإعلاميين الذي نظمته أكاديمية عُمان للتطوع فوجئت بعدد المشاركين الذي قارب المئة شاب، تجمعهم كلمة الإعلام، ومحورها الأساسي الصحافة، وكيفية (تنشيط) المهنية لدى جيل يتمنى أن يقدم إعلاماً يليق بمستوى تطلعاته، عبر وسائله المعروفة: المقروءة والمرئية والمسموعة.
ركزت في حديثي على التغيير في نمط تقديم المحتوى، أن نتفاعل مع اللغة والأسلوب فذلك يعني أن اللغة الإعلامية ستتطور حتماً، حيث لا يكفي أن نمتلك المعلومة إن لم نرفدها بوسيلة التوصيل الجيدة، المبنى القادر على حمل المعنى، والمحتوى لن يصل إلى قارئه.. إن صادفته لغة ضعيفة وأسلوب مرتبك.
كان السؤال: كيف يمكن للإعلامي امتلاك هذا التغيير إن عجز عن بلوغ متطلباته، فالفراغ لن يحدث إلا فراغاً لا يمكن إقناع القارئ أنه ممتلئ، مهما بلغ أسلوب التحايل، أو الخداع، حيث يمكن أن تخدع إنساناً مرة، ولكنه لن ينخدع في كل مرة.
كان موضوع القصة الخبرية الهاجس الأكبر لتوجيه أنظار الصحفيين إليه، للخروج عن المألوف من الصياغات المتكررة والمستعادة مع أحداث معروفة، اجتماع أو افتتاح مشروع أو ندوة.. ووصولاً إلى مباراة في كرة القدم، وغيرها من الأحداث التي تملأ بياض صفحات الجرائد، إنما هناك سؤال أعمق: كيف يمكن لذلك أن يملأ شاشات الحواسيب والهواتف الذكية، حيث تطوير المحتوى ضروري ليتوازى مع وسائل/ وسائط مغايرة في نقل المعلومة.
ماذا عن القراءة؟
ذلك هو بيت القصيد، فكيف تتطور اللغة إن لم يكن عبر الإطلاع على تجارب صحفية معروفة، لا تتيح فقط توسيع المدارك في قضايا مختلفة تخرج عن المحلي، ولكنها تفتح مدارك الصحفي على لغة متماسكة، ومدارس عدة في صياغة الخبر، والتحقيق، ووصولاً إلى القصة الخبرية المعروفة بانتشارها في الصحف الغربية، كأبرز الأشكال الصحفية الناقلة للحدث بما يخرج عن الأسلوب التقليدي في صياغة تعتمد على (متى وأين وماذا) لتصل إلى سؤال (لماذا؟) في قراءة للحدث يقدمها شهود عيان، أناس بسطاء أو مختصون.
كان الملتقى يركز على نوعية خاصة من الإعلاميين، فأغلبهم في مبادرات تطوعية، وعبر منصات إلكترونية، وشباب يمارسون هوايتهم للتعريف بمبادراتهم، لكن بينهم ذوي الموهبة القادرين على اقتحام المنصات (الصحفية الورقية) والإذاعية، كما استمعنا لمشاركين لديهم خامة صوت إذاعية تستحق أن ترفد بالقراءة، لتعزيز مستوى اللغة على وجه الخصوص.
بوركت جهود أولئك الشباب، ولن تضيع تلك الجهود.