إشكالية الاستثمارات الأجنبية في مصر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٧/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
إشكالية الاستثمارات الأجنبية في مصر

محمد محمود عثمان
mohmeedosman@yahoo.com

الاستثمارات الأجنبية في مصر، تواجه العديد من الإشكاليات منذ انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي الذي عقد في شرم الشيخ في العام 2014، حيث تم الإعلان عن مشروعات متنوعة تحتاج إلى استثمارات أجنبية ببلايين الدولارات، وتحتاج إلى وجود برنامج زمني يجسّد الرؤية التي طرحت في المؤتمر لمستقبل الاقتصاد المصري في السنوات المقبلة، ولا شك أن ذلك يلقي بظلال كثيفة من الضغوط على الدولة وميزانيتها ومصداقيتها وقدرتها على الالتزام أيضاً، باعتبارها مشروعات حتمية لا بد من تنفيذها للنهوض بالاقتصاد، ودفع مصر للخروج من الوادي الضيق والتوسع في تنمية الأراضي التي تفتقر للموارد والاستثمارات والتكنولوجيا والأيدي العاملة، التي يمكن أن تواجه التحديات القائمة والمتوقعة، خاصة مع وجود بعض المتشككين في القدرة على إنجاز هذه المشروعات الطموحة وفق الدراسات التي أسست عليها، وإذا كنا لا نملك رفاهية الوقت، كما أن الاختيارات ليست متاحة تماماً، لذلك علينا أن ننتبه ونستيقظ ونتحرّك مبكراً حتى ننجو من السقوط في الهاوية، والبداية يجب أن تبدأ من حل مشاكل قوانين الاستثمار وبشكل سريع؛ لأن المشاريع العملاقة لم ولن تقوم لها قائمة، إذا لم يكن القانون واضحاً وشفافاً، ولائحته التنفيذية وافية وشارحة ومفسرة لكل المواد حتى لا يترك فهمه وتنفيذه لكل موظف طبقاً لمستوى فهمه أو إدراكه أو تبعاً لحالته المزاجية أو النفسية، كما لا بد أن نغيّر أسلوب التعامل مع المستثمر بلغة جديدة تعتمد على ألا يقف المستثمر أمام الحكومة بل تذهب الحكومة إليه بأكملها، من خلال دراسة كاملة عن كيفية التسويق عالمياً لهذا الكم الهائل من المشروعات الواعدة، إذ لا بد أن نجيد لغة العالم في الدعوة للاستثمار، وألا نستمر في أن نسمع أنفسنا فقط، إذ لا بد من أن نسمع العالم عنا، وأن نكون شبكة قوية من العلاقات الدولية التي تساعد على ذلك، وعليها أن تستوعب المتغيّرات الدولية وتهيئة المناخ الملائم والبيئة الصالحة لحماية رؤوس الأموال الأجنبية، مع توفير أكبر قدر من الشفافية في التعاملات، ووضع بدائل للفصل في المنازعات من خلال آليات متطورة وقوانين وتشريعات أكثر تطوراً، لتصبح مصر مشجعة وغير معوقة للاستثمارات أو طاردة للمستثمرين الأجانب والمحليين أيضاً، إلى جانب ضرورة توفير الكفاءات والخبرات عالية التدريب والمهارات العاملة في مجالات الاستثمار وفي الهيئات المسؤولة عن الاستثمار، كما يجب تشجيع القطاع الخاص المحلي على تحمّل المخاطر والأخذ بزمام المبادرة ليكون في صدارة المشهد الاقتصادي في مصر حتى يعطي رسالة ثقة للآخرين؛ لأن غياب المستثمرين المحليين، لا يشجع على جلب الكثير من المستثمرين الأجانب، بعد أن أصبحت الشراكات من الأمور الضرورية في الاقتصاديات الحديثة، إلى جانب ضرورة توفير الخبرات الفنية القادرة على التعامل مع التكنولوجيا والتقنيات الحديثة؛ لأنه لا يمكن لمصر أن تحقق رؤيتها في التنمية الاقتصادية بدون الاستثمارات الأجنبية والتمويل والخبرات، التي يمكن أن يستفيد منها الاقتصاد من خلال الشراكات مع دول العالم التي تعد أمراً حتمياً في ظل العولمة، وعلينا أن ندرك أن النوايا الحسنة، أو مجرد الرغبة العلنية والصادقة لا تكفي لتحقيق نمو شامل واستثمار مستدام، إذا لم يتم تطبيقها على أرض الواقع؛ لأننا في حاجة إلى تطبيق أفضل الممارسات الاقتصادية لتشجيع الاستثمار والقضاء على البيروقراطية، لتصبح الدولة محفّزة للاستثمار؛ لأن نقص هذه الكوادر الفنية والمؤهلة من أهم العوامل السلبية، بل ومن الإشكاليات أمام المشروعات الاستثمارية الجديدة إلى جانب الإشكاليات الأخرى المتمثلة في ضرورة إقرار حزمة من التشريعات السياسية التي تسهم في الاستقرار السياسي وتقضي على الإرهاب وتحقق الجانب الأمني؛ لأنه من المخاوف التي تقلق المستثمر الأجنبي هي عدم الثقة والضبابية والبيروقراطية، التي تحول دون تطوير السياسات المالية والنقدية والتشريعات التي تعزز خطط التنمية، وتعمل على توحيد سعر الصرف، وتقلل من معدلات التضخم التي بلغت 30%، بما يسهم في تدفق الاستثمارات الخارجية، وتحتفظ بها لفترات طويلة حتى لا تهرب إلى الأسواق المجاورة التي تنعم بالاستقرار النسبي، خاصة أن التقارير الدولية تضع مصر في مراتب متدنية في التقارير الدولية التي ترصد جاذبية الأسواق للمستثمرين، وحلّت في المرتبة 122 من أصل 189 دولة في التقرير الصادر عن البنك الدولي في أكتوبر الماضي عن ممارسة أنشطة الأعمال، كما حلّت في المرتبة 115 من 135 عالمياً على مؤشر التنافسية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.