«الشبيبة» تروي معاناتهم جرحى اليمن.. مأساة تنتظر الحل

الحدث الاثنين ٢٧/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص

عدن - إبراهيم مجاهد

جرحى الحرب في اليمن لا يزالون إعاقة قائمة، بعضهم على العصي، وآخرون مقعدون، أحد جرحى القوات الحكومية بتعز أقدم على الانتحار برمي نفسه من مكان عالٍ احتجاجا على الإهمال في معالجته بعد أن أصيب في المعارك في مدينة تعز بعد أن تفاجئ بتوقيف راتبه، وهو العائل الوحيد لأسرته في وقت لم يتمكن من السفر للعلاج بالخارج.

جريح آخر حاول الانتحار بعد أن فقد الأمل في استكمال علاجه بإلقاء نفسه من شاهق وثالث بإشعال النار في جسده قبل أن يتم إنقاذهما وجرحى لم يحاولوا الانتحار لكنهم يعيشون أزمة نفسية معقدة.

معاناة

عشرات الآلاف من الجرحى يعانون من الإهمال والتجاهل، طيلة الشهور الفائتة، لدرجة أن الكثير منهم تعفنت جروحهم، ومنهم من مات بسبب الإهمال وعدم وجود الإمكانيات المطلوبة لدى المستشفيات المتواضعة، ولا مواد طبية تساعد في تخفيف آلامهم.
30 ألف جريح يزيدون أو ينقصون قليلاً في صفوف القوات الحكومية في محافظات؛ عدن، البيضاء، الضالع، لحج، أبين، تعز.. ، خلال الحرب التي تشهدها اليمن بفعل الصراع الدائر في بلد يطحنه الجوع والحرب معاً.
يجود المقاتلون بأرواحهم ودون أن يضيع المعنيون بالتجنيد وقتاً طويلاً في إقناعهم بالالتحاق بالقتال، كما لا يضع المقاتل أية إجراءات تعرقل مسار القتال، لكن حين يسقط جريحاً أو شهيداً تتكاثر الإجراءات الرسمية لتتحول إلى روتين ممل يصيب أهالي الشهداء باليأس من متابعة حقوق أبنائهم الذين ذهبوا في حرب خاسرة وتركوهم بلا عائل كما أن كثيراً من الجرحى يصابون بالإحباط في مواصلة متابعة إجراءات استكمال علاجهم.. إهانة وإذلال تقابلهم وهم يقطعون مسافات محمولين على عربات أو مستعينين بالعصي، يبحثون عن وطن دون جدوى.

كارثة مرتقبة

«هشام القدسي».. أحد الناشطين يحذر من كارثية وضع الجرحى.

في تعز فقط بلغ عدد القتلى 3 آلاف و287 شهيداً لكن الجريح «شوقي مقبول» يتمنى لو كان منهم، لا جريح لم يستطع استكمال العلاج.

وتشدد الاتفاقيات المبرمة مع مركز الملك سلمان أن تتم معالجة الجرحى والخدمات الطبية حتى الشفاء إلاّ أن الأمر يقتصر على إجراء إسعافات أولية..
14 ألفاً و998 جريحاً في تعز وحدها.. تلك المحافظة التي تبدو بجرحاها كسيرة تمشي على عكاز، معظمهم يفتقرون لأدنى الخدمات الطبية.

مئات الجرحى بحاجة للسفر للعلاج..

لا يوجد مستشفى يقوم بدوره بشكل كامل وإن كانت المستشفيات التابعة للدولة مقتصرة على استقبال حالات الولادة.. كما يقول البعض.
يشير عصام التميمي مدير مؤسسة رعاية التنموية لأسر الشهداء والجرحى في تعز، إلى أن الأدوية غير متوفرة بشكل كامل والمستشفيات الحكومية خارجة عن خدمات الجرحى، فمستشفى الثورة مقفل باستثناء قسم الطوارئ ومستشفى الجمهورية يستقبل حالات الولادة والمستشفى العسكري يعاد تأهيله.

ويبرز دور العناية بالجرحى في تعز من خلال الهلال الأحمر القطري وأطباء بلا حدود ومركز الملك سلمان المتعاقد مع مستشفيات خاصة في تعز فقد تعاقد مع مستشفيات الروضة، البريهي، والصفوة..

ورغم وجود لجنة طبية لإحالة جرحى الحرب إلاّ أن المستشفيات التي يتم التعاقد معها من قبل مركز الملك سلمان لم تقم بدورها كاملا..يؤكد عصام التميمي صعوبة وضع الجرحى ويعزو ذلك إلى ضعف الإمكانيات وضعف دور وزارة الصحة..843 جريحاً إجمالي الجرحى الذين يحتاجون السفر إلى الخارج فيما تم تسفير عدد «307» منهم إلى تركيا والهند والسودان.. يفيد التميمي أن (536) جريحاً لا يزالون ينتظرون دورهم في السفر إلى الخارج بينهم «166» مبتوري الأقدام و»110» جرحى معاقين.. يصطدمون بعوائق شتى.

إجراءات معيقة

في عدن.. مئات الجرحى بحاجة إلى السفر للعلاج خارج البلاد، منهم 250 جريحاً تم تسفيرهم للخارج من إجمالي 850 جريحاً حيث لا يزال 600 جريح يصطدمون بعدة عوامل تعيق سفرهم.
يقول علي النوبة وكيل محافظة عدن لشؤون الجرحى: نستقبل الجرحى من عدة جبهات ولدينا اتفاق مع المستشفيات التي شملها الاتفاق مع مركز الملك سلمان بإحالة 150 جريحاً. ووقعت عدة اتفاقات لمركز الملك سلمان مع مستشفيات صهيب والوالي والبريهي في مدينة عدن. وأشار خلال حديثه لـ»الشبيبة» إلى أن مركز الملك سلمان تعاقد مع الهلال الأحمر البريطاني لاستقبال حالات الجرحى في مستشفى الجمهورية بعدن حيث لديهم كادر طبي في العظام والعيون وتخصصات أخرى. وحول آلية تسفير الجرحى، يوضح النوبة أن البعثة السودانية ترفع تقاريرها إلى وزارة الصحة لتقوم اللجنة الطبية بإعداد تقرير تسفير الجرحى إلاّ أن التأخر في صياغة التقارير من قبل وزارة الصحة يعيق العمل حيث يظل الجريح ينتظر نحو 20 يوماً لصدور التقرير من اللجنة الطبية التابعة لوزارة الصحة..تتوزع العوائق على عدة مستشفيات في عدن فيما الضحية هو الجريح، وفقا للوكيل النوبة فإن الجرحى الذين يتلقون العلاج في مستشفى الجمهورية يجدون الإمكانيات إلاّ أن الكادر قد يكون ليس بالشكل المطلوب فيما الجرحى في أطباء بلا حدود لا يتلقون الرعاية الكاملة، أما في مستشفى باصهيب توجد الإمكانيات لكن قد لا تكون هناك قدرة على توفير العلاجات.
ويؤكد النوبة أن الجرحى المشمولين باتفاقيات مركز الملك سلمان هم الأكثر حظاً بالرعاية..
ويشير إلى أن المركز متفاهم جداً، ومحافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي يقوم بتذليل عدة صعوبات إلاّ أن الروتين في وزارة الصحة بات مملاً حيث يعمل على تأخير سفر الجرحى بسبب تأخر صدور التقرير من اللجنة الطبية.

أدوية

يقول النوبة إن آلية العمل بحاجة إلى مراجعة، مشيراً إلى عدم توفر أجهزة طبية مهمة؛ حيث هناك جرحى بحاجة إلى عمل رنين مغناطيسي ولا يوجد جهاز وجرحى بحاجة إلى أشعة مقطعية دون توفر الجهاز الخاص بها.
يتحدث النوبة عن 56 شاحنة محملة بأدوية ومستلزمات وصفائح طبية مخصصة لمحافظتي عدن وتعز كدعم من مركز الملك سلمان وصل منها 12 شاحنة إلى مدينة عدن، معتبراً وصول الـ56 شاحنة سيكون لها أثر إيجابي في وضع الجرحى القائم حالياً.