تكتل بيئي لصالح الكوكب

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٧/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
تكتل بيئي لصالح الكوكب

مارتن فيلدشتاين

انضممت مؤخرا إلى عدد من كبار المسؤولين الجمهوريين السابقين الآخرين في اقتراح خطة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتضم المجموعة جيم بيكر، وهنري بولسون، وجورج شولتز -وكل منهم كان وزيرا سابقا للخزانة من الحزب الجمهوري- فضلا عن جريج مانكيف زميلي في جامعة هارفارد والذي تولى رئاسة مجلس مستشاري الرئيس للشؤون الاقتصادية في عهد جورج دبليو بوش. وقد خدمت شخصيا في نفس المنصب في عهد الرئيس رونالد ريجان.

وأنا أستشهد بهؤلاء المشاركين للتأكيد على مستوى دعم هذا الاقتراح من قِبَل التيار المحافِظ. ويأتي هذا الاقتراح في وقت بعد أن عارَض الجمهوريون عموما كل الجهود التي بذلتها الحكومة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حين أيد الديمقراطيون مثل هذه الخطط. ونحن نأمل أن يوفر دعم الجمهوريين لخطتنا الأساس للتوصل إلى تشريع بالتعاون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

تدعو الخطة إلى الجمع بين فرض الضرائب على كل مصادر ثاني أكسيد الكربون وخصم الإيرادات المحصلة لصالح كل الأسر على أساس نصيب الفرد. وينبئنا الخبراء بأن فرض ضريبة بنحو 40 دولارا على كل طن متري يحقق انخفاضا أكبر في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مقارنة بكل التنظيمات القائمة الخاصة بخفض الانبعاثات. وعلى هذا فإن خطتنا تدعو إلى تشريع يزيل كل هذه القواعد التنظيمية القائمة على التدخل بالترادف مع فرض خطة الضرائب والأرباح.
تدرك مجموعتنا أن جدالا كبيرا يدور حول حجم مشكلة الانحباس الحراري الكوكبي الآن وفي المستقبل، فضلا عن مساهمة الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون التي تصدرها السيارات، وأجهزة التدفئة المنزلية، وغير ذلك من الأنشطة البشرية في تفاقم الانحباس الحراري الكوكبي. ولكننا نعتقد أن الخطر المتمثل في احتمالات تسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في إحداث زيادات خطيرة في درجة حرارة كوكب الأرض في المستقبل مرتفعة بالقدر الكافي لجعل تبني سياسة قوية لخفض هذه الانبعاثات ضرورة قصوى.
الواقع أن ضريبة الكربون هي الطريقة الأبسط والأكثر كفاءة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وهي أفضل من الأساليب التنظيمية الأكثر تعقيدا وإرهاقا القائمة الآن. وهي أيضا أكثر بساطة وجدارة بالثقة من طريقة «تحديد السقف والمقايضة» التي جُرِّبَت في أوروبا واقتُرِحَت خلال إدارة الرئيس باراك أوباما.
تتسم استراتيجية فرض ضريبة على الكربون بالبساطة الشديدة: فهي تُلزِم كل أسرة أو عمل تجاري يُطلِق انبعاثات ثاني أكسد الكربون بدفع ضريبة تتناسب مع حجم الانبعاثات التي يطلقها سواء باستخدام البنزين لقيادة سيارة أو النفط لتدفئة مسكن أو تشغيل عمل تجاري.
ومن الممكن أن تُفرَض ضريبة الكربون بشكل غير مباشر من خلال فرض ضريبة على المواد الخام عند نقطة دخولها إلى الاقتصاد، وبالتالي يخضع النفط في المصافي للضريبة، والفحم عندما يخرج من المناجم، وما إلى ذلك. ثم تُدمَج الضريبة في أسعار المنتجات المصنوعة من المواد الخام. وبهذا يستوعب الأفراد والشركات ضريبة الكربون من دون الإزعاج المتمثل في دفع الضريبة على كل معاملة.
ولأن ضريبة الكربون سوف تنعكس في أسعار كل السلع والخدمات التي تستخدم الكربون في إنتاجها، فسوف ينشأ الحافز لدى الأسر والشركات لتغيير سلوكياتها على النحو الذي يؤدي إلى انخفاض حجم الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون. وربما يعني هذا الإقلال من قيادة السيارات، أو استخدام تكنولوجيات أكثر كفاءة، أو الاستثمار في الحفاظ على الطبيعة. وسوف تصبح الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أكثر قدرة على المنافسة نسبة إلى الطاقة المستمدة من الكربون من دون الحاجة إلى إعانات دعم حكومية.
تنتج الأنواع المختلفة من المواد الخام المعتمدة على الكربون كميات مختلفة من ثاني أكسيد الكربون. على سبيل المثال، يُنتِج استخدام الفحم لتوليد الكهرباء قدرا من ثاني أكسيد الكربون أكبر من ذلك الناتج عن استخدام الغاز الطبيعي. وبالتالي فسوف تختلف ضريبة الكربون عند نقطة الدخول إلى الاقتصاد تبعا لنوع المادة الخام المستخدمة. ومن الممكن أن يقدم خبراء الهندسة النصيحة للكونجرس الأمريكي بشأن حجم الضريبة التي ينبغي أن تُفرَض على كل نوع من المواد الخام الكربونية لتحصيل ضريبة تعادل 40 دولارا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون (أو أيا كان مستوى الضريبة الشاملة المرغوب).
كانت المشكلة العملية في ما يتصل بفرض ضريبة الكربون سياسية. فلا أحد يريد أن يدفع المزيد من الضرائب. ولهذا السبب تدعو خطتنا إلى الجمع بين ضريبة الكربون وتوزيع «ربح نقدي» على الأسر. وتتلقى كل أسرة نفس «العائد الكربوني» عن كل بالغ ونصف الكمية لكل طفل. ولن يعتمد هذا العائد على كم ضريبة الكربون التي تدفعها الأسرة.
وبالتالي فإن ضريبة الكربون من شأنها أن توفر الحافز الصحيح من خلال تناسبها مع انبعاثات دافع الضريبة، في حين يتسبب عائد الكربون في حصول نحو ثلثي كل الأسر على قدر أكبر من النقد مقارنة بما تدفعه في هيئة ضريبة على الكربون. ذلك أن ضريبة الكربون بقيمة 40 دولارا لكل طن من شأنها أن تنتج القدر الكافي من العائد لإعطاء كل أسرة مكونة من أربعة أشخاص نحو 2000 دولار كعائد سنوي.
ونحن نقترح مراجعة مستوى الضريبة كل خمس سنوات في ضوء الأدلة العلمية الآنية التي تؤكد حدوث الانحباس الحراري الكوكبي وارتباطه بالانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون. وحتى لو كان من المناسب رفع مستوى الضريبة، فسوف يجري تطبيق نفس الإجراء المتمثل في إعادة كل الإيرادات إلى الأسر.
ولأن ضريبة الكربون من شأنها أن ترفع تكلفة الصادرات الأمريكية، يدعو التشريع الذي نقترحه إلى منح خصم للمصدرين يعادل قيمة ضريبة الكربون المدمجة في منتجاتهم. وعلى نحو مماثل، تُفرَض ضريبة الكربون التي نقترحها على الواردات من الدول التي لا تفرض ضريبة مماثلة، وتُضاف الإيرادات إلى مجمع الأموال الموزعة على كل الأسر.
بعد الكشف عن هذه الخطة علنا في وقت فائت من هذا الشهر، تلقيت عددا كبيرا للغاية من رسائل البريد الإلكتروني من أفراد من اليسار واليمين يعربون عن مدى إعجابهم بالفكرة. وقد أثنى الديمقراطيون على الجمهوريين لاقتراحهم خطة لخفض الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون والسيطرة على الانحباس الحراري الكوكبي. ويحب الجمهوريون فكرة التعامل بفعالية مع الانحباس الحراري الكوكبي وفي الوقت نفسه إزالة القواعد التنظيمية البيئية القائمة.
الديمقراطيون هم الدعاة الرئيسيون تقليديا لفرض تشريع يقضي بخفض الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون. وفي ظل سيطرة الجمهوريين الآن على مجلسي الكونجرس والرئاسة، فالآن هو الوقت المناسب لإطلاق خطة تحظى بدعم وتأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد