نهاية شهر عسل ترامب بالنسبة للأسواق

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٦/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
نهاية شهر عسل ترامب بالنسبة للأسواق

نورييل روبيني

عندما انتُخب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، ارتفعت أسواق الأسهم بشكل لافت. وكان المستثمرون في البداية مندهشين بسبب وعود ترامب المتعلقة بالتحفيز المالي وتحرير الطاقة والرعاية الصحية والخدمات المالية وخفض كبير في ضرائب الشركات والأفراد والعقارات، وخفض الضرائب على أرباح رأس المال. ولكن هل يستطيع واقع اقتصاد ترامب الحفاظ على الارتفاع المستمر في أسعار الأسهم؟

ليس من الغريب أن يُسعد هذا الأمر الشركات والمستثمرين. وهذه النظرية الجمهورية التقليدية للاقتصاد، التي تقول إن فوائد الأثرياء تصل إلى الجميع، ستستفيد منها الشركات والأثرياء، في حين لا تفعل شيئاً تقريباً لتوفير فرص عمل أو زيادة دخل العمال ذوي الياقات الزرقاء». وفقاً لمركز بحثي غير حزبي «مركز السياسة الضريبية»، فإن ما يقرب من نصف الفوائد من التخفيضات الضريبية المقترحة من قبل ترامب ستذهب إلى 1 % من ذوي الدخل المرتفع.

لكن الغرائز الحيوانية لقطاع الشركات قد يحل محلها الخوف البدائي: الأسواق الاقتصادية آخذة في الهبوط بالفعل، وبدأ شهر عسل ترامب مع المستثمرين يقترب من نهايته. هناك عدة أسباب لذلك.
بداية، أدت الحوافز المالية المتوقعة إلى ارتفاع أسعار الأسهم، ولكن أدى ذلك أيضاً إلى ارتفاع أسعار الفائدة على المدى الطويل، وهو ما يضر الإنفاق الرأسمالي والقطاعات الحساسة مثل العقار. وفي الوقت نفسه، فإن قوة الدولار ستدمر أكثر وظائف العمال التي كان يدافع عنها ترامب.
والسبب الثاني لحد المستثمرين من حماسهم هو شبح التضخم. مع اقتصاد الولايات المتحدة القريب من العمالة الكاملة بالفعل، وبالنظر إلى الحوافز المالية لترامب فإن التضخم سيرتفع أكثر من النمو.
ثالثاً، هذا المزيج من السياسات غير المرغوب فيها من السياسة المالية الفضفاضة بشكل مفرط والسياسة النقدية المتشددة سيؤدي إلى تشديد الأوضاع المالية، وسيقلص دخل العمال ذوي الياقات الزرقاء وفرص العمل. وبعد ذلك ستضطر إدارة ترامب الحمائية لاتخاذ تدابير حمائية إضافية للحفاظ على دعم هؤلاء العمال، مما سيؤدي إلى إعاقة النمو الاقتصادي وتراجع أرباح الشركات.
وإذا ذهبت سياسة ترامب الحمائية بعيداً جداً، فستثير بلا شك حروباً تجارية. ولن يكون لدى الشركاء التجاريين للولايات المتحدة أي خيار سوى الرد على الولايات المتحدة بفرض قيود على الاستيراد عن طريق فرض الرسوم الجمركية الخاصة بها على الصادرات الأمريكية.رابعاً، تفيد تصرفات ترامب أن التدخل الاقتصادي لإدارته سيتجاوز الحمائية التقليدية. وقد عبَّر ترامب عن استعداده لاستهداف العمليات الخارجية للشركات مع تهديد بفرض رسوم جمركية على الواردات، واتهاماته العلنية بالتلاعب في الأسعار.خامساً، يشكك ترامب في التحالفات مع الولايات المتحدة، ويتملق للمنافسين الأمريكية مثل روسيا، مستعدياً القوى العالمية المهمة مثل الصين. وتخيف سياسته الخارجية غير المنتظمة الأسواق العالمية.وأخيراً، قد تجعل أساليب الحمائية لتقليص الضرر الأمور أكثر سوءاً. على سبيل المثال، قدم هو ومستشاروه بالفعل تصريحات لفظية تهدف إلى إضعاف الدولار. لكن الكلام لا يكلف شيئاً، وعمليات فتح الفم يكون لها فقط تأثير مؤقت على العُملة.وهذا يعني أن ترامب قد يتخذ نهجاً أكثر راديكالية وبدعة. وخلال الحملة، انتقد الاحتياطي الفيدرالي لكونه معتدلاً جداً ولكونه يصنع «اقتصاداً زائفاً». ومع ذلك، فإنه الآن يميل إلى تعيين أعضاء جدد في مجلس الاحتياطي الاتحادي الذين هم أكثر اعتدالاً، وأقل استقلالاً.
وإذا فشل ذلك، يمكن لترامب التدخل من جانب واحد لإضعاف الدولار، أو فرض ضوابط على رأس المال للحد من تدفقات رأس المال وتعزيز الدولار. لقد أصبحت الأسواق بالفعل حذرة. وبُغية السيطرة على رأس المال، من المرجح أن يسود الذعر إذا أدى هذا التوجه الحمائي المتهور والمُسَيس إلى حروب نقدية وتجارية.ومن المؤكد أن توقعات التحفيز وتخفيض الضرائب وإلغاء القيود ما زالت قادرة على تعزيز الاقتصاد وأداء السوق على المدى القصير. ولكن، كما تم تداوله في الأسواق المالية منذ تنصيب ترامب، سوف يؤثر تردد الرئيس والسياسات الهدامة سلبا على النمو الاقتصادي المحلي والعالمي على المدى الطويل.

نورييل روبيني أستاذ الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال، بجامعة نيويورك.