ضمان الأمن الأوروبي الأطلسي

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٣/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص

ديس براون
فولفجانج إيشنجر
إيجور إيفانوف
سام نان

يبدو أن الهوة بين روسيا والغرب أصبحت الآن أوسع من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة. ولكن رغم الخلافات الصارخة، هناك مجالات من الاهتمام المشترك التي تتصل بالقدرة على البقاء. وكما فعلنا خلال أحلك أيام الحرب الباردة، يتعيّن على الأمريكيين والأوروبيين والروس أن يعملوا معاً لتفادي الكارثة، بما في ذلك منع الهجمات الإرهابية والحد من مخاطر اندلاع صراع عسكري- أو حتى نووي- في أوروبا.

منذ تسببت الأحداث التاريخية في الفترة 1989- 1991 في تغيير أوروبا إلى الأبد، كان كل منّا مشاركاً في الأمن الأوروبي الأطلسي، سواء داخل أو خارج الحكومة. وعبر كل تلك الأحداث، كانت الجهود الرامية إلى بناء الأمن المشترك في المنطقة الأوروبية الأطلسية تفتقر إلى حِس الضرورة القصوى والإبداع. ونتيجة لهذا، ظَل الحيّز الأوروبي الأطلسي عُرضة للأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية.

ومن المرجح، في غياب أي مبادرات جديدة من قِبَل الأطراف كافة، أن تتفاقم الأمور سوءاً. فقد ضربت الهجمات الإرهابية موسكو، وبيسلان، وأنقرة، وإسطنبول، وباريس، ونيس، وميونيخ، وبروكسل، ولندن، وبوسطن، ونيويورك، وواشنطن، وغيرها من المدن- ومن الواضح أن المسؤولين عن تنفيذ هذه الهجمات عازمون على شن ضربات جديدة. وعلاوة على ذلك، قُتِل الآلاف من البشر في أوكرانيا منذ العام 2013، وهناك آخرون يموتون في مجابهات متجددة اليوم. ويفر اللاجئون الأبرياء من الحروب المدمّرة الدائرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والآن أصبحت العلاقات الغربية الروسية متوترة إلى حد خطير، مما يزيد من مخاطر وقوع حادث أو خطأ أو سوء تقدير ربما يتسبب في التعجيل بالتصعيد العسكري- أو حتى اندلاع حرب جديدة.
تتمثل الخطوة الأولى في العمل على تعزيز مصالحنا المشتركة في تحديد ومتابعة مبادرات ملموسة وعملية في الأمد القريب، على أن تكون مصممة للحد من المخاطر، وإعادة بناء الثقة، وتحسين المشهد الأمني الأوروبي الأطلسي. وينبغي لمثل هذه المبادرات أن تغطي خمسة مجالات أساسية.
يتعيّن علينا أن نعمل على تقليص الخطر المتمثل في احتمال استخدام السلاح النووي. فاليوم، أصبح احتمال إطلاق صاروخ باليستي نووي عن طريق المصادفة أو الخطأ مرتفعاً للغاية بلا ضرورة. وربما تكون نقطة البداية للحد من هذا التهديد في هيئة إعلان جديد من قِبَل الرئيسين الروسي والأمريكي يؤكد على استحالة الفوز في حرب نووية وأن مثل هذه الحرب لا يجب أن تندلع أبداً. وهذا من شأنه أن يعكس البيان المشترك الذي أدلى به الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان والزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف، والذي استُقبِل استقبالاً حسناً في البلدين، وكان بمثابة محاولة جديدة لتحسين العلاقات.
كما يتعيّن علينا أن نعمل على الحد من المخاطر المرتبطة بالإبقاء على الأسلحة النووية على وضع «الإطلاق الفوري»، وهو ما يجعلها جاهزة للإطلاق الفوري وقادرة على ضرب أهدافها في غضون دقائق. وينبغي للولايات المتحدة وروسيا أن تتعهدا بالشروع فوراً في إدارة الحوار بشأن إلغاء وضع الإطلاق الفوري لنسبة كبيرة من الأسلحة النووية الاستراتيجية في وقت لاحق. وهذا، جنباً إلى جنب مع الإعلان المقترح أعلاه، من شأنه أن يحدد توجهاً استراتيجياً نحو تقليص التهديد النووي.
• ويتعيّن علينا أن نعمل على التقليل من خطر وقوع المواد النووية والإشعاعية في الأيدي الخطأ. ففي إطار المساعي التي يبذلها تنظيم داعش لابتكار طرق جديدة لتصدير الإرهاب إلى أوروبا وأمريكا الشمالية وأماكن أخرى، ربما يحاول الحصول على/‏ وتفجير أداة ناشرة للإشعاع، والمعروفة بالاسم الشائع «القنبلة القذرة». والحاجة ملحة بشكل خاص إلى قيادة الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا لجهد عالمي لتأمين المواد النووية والإشعاعية الأكثر عُرضة للخطر في مختلف أنحاء العالَم. وهنا تتضح الحاجة الملحة بشكل خاص إلى التعاون في تأمين المصادر المشعة. ذلك أن العديد من المرافق التي تستخدم هذه المواد اليوم عُرضة للخطر، ولكن الموعد المقدر لتأمينها عالمياً هو العام 2044.
كما يجب علينا أن نعمل على الحد من مخاطر اندلاع مواجهة عسكرية من خلال تحسين الاتصالات بين المؤسسات العسكرية من خلال إنشاء مجموعة جديدة لإدارة الأزمات تضم حلف شمال الأطلسي وروسيا. ولا بد أن تكون هذه المبادرة مصحوبة بجهود لاستئناف الحوار الثنائي بين المؤسستين العسكريتين الأمريكية والروسية. ولا بد أن يكون التركيز على زيادة الشفافية والثقة من كافة الجوانب.
أخيراً، يتعيّن علينا أن نعمل على الحد من خطر وقوع حادث في الجو ربما يؤدي إلى اندلاع صراع سياسي أو عسكري. والواقع أن النشاط العسكري المتزايد في مناطق حيث تعمل القوات الروسية وقوات حلف شمال الأطلسي الآن يشكل خطراً شديداً إلى حد غير مقبول على حركة الطيران المدني. وبادئ ذي بدء، ينبغي للدول النشطة في منطقة بحر البلطيق أن تتبادل المعلومات التنظيمية الخاصة بالمسارات الجوية الواجبة- إجراءات التشغيل الوطنية التي يتعيّن على الطائرات التابعة للدولة أن تتقيّد بها عندما تكون قريبة من المدنيين. ويشكّل الدعم الفني لقدر أكبر من الشفافية الجوية أهمية بالغة لتقليص خطر حدوث تصادم في الجو.
الحق أن أوروبا والولايات المتحدة وروسيا تواجه مجموعة من القضايا المهمة اليوم. ولكن لا ينبغي لأي من هذه القضايا أن تصرف الانتباه عن الهدف المهم المتمثل في تحديد إطار جديد للسياسات، يقوم على المصالح المشتركة الوجودية، وقادر على وقف تدهور العلاقات وتثبيت استقرار الأمن الأوروبي الأطلسي. وتمثل الخطوات العملية القريبة الأمد التي حددناها هنا نقطة الانطلاق المناسبة. ويتعيّن علينا أن نبدأ الآن.

ديس براون: وزير الدولة لشؤون

الدفاع في بريطانيا سابقاً.
فولفجانج إيشنجر: نائب وزير
الخارجية الألماني الأسبق.
إيجور إيفانوف: وزير خارجية روسيا الأسبق.
سام نان: سيناتور ديمقراطي أمريكي سابق.