أكاديميون يؤكدون لـ«الشبيبة»: مشكلة الباحثين عن عمل مسؤولية الجميع

بلادنا الاثنين ٢٠/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
أكاديميون يؤكدون لـ«الشبيبة»: 

مشكلة الباحثين عن عمل مسؤولية الجميع

مسقط - عبد الوهاب بن علي المجيني

أشارت نائبة رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الدولة المكرمة د. زهور بنت عبدالله الخنجرية إلى أنه يمكن للقطاع الخاص أن يتحمل جزءاً من مشكلة الباحثين عن العمل، لكنه لا يمكن التعويل عليه في حل المشكلة برمتها، موضحة في تصريح خاص لـ»الشبيبة» أنه لا يمكن الضغط على القطاع الخاص لتوظيف الباحثين عن العمل، بل يجب أن يتقاسم الجميع حل هذه المشكلة وبخاصة في وقت الأزمات، مشيرة إلى أن الجزء من الحل والذي يمكن للقطاع الخاص تحمله هو الذي يتعلق بتوظيف الخريجين المتخصصين الذين يستطيعون تقديم الكثير للقطاع بشكل مباشر، بحيث لا توجد هناك حاجة لتدريبهم قبل العمل من قبل مؤسسات القطاع لفترة طويلة قد تصل إلى أكثر من سنة.

ضم فترة التدريب

وأوضحت الخنجرية أن هناك إمكانية لدى الهيئات الأكاديمية لضم فترة التدريب التي يحتاج إليها الطالب لكسب المهارة المطلوبة التي يطلبها القطاع الخاص قبل تخريج الطلبة، بحيث يكون الخريج جاهزا للتوظيف في القطاع الخاص وبشكل مباشر، وهناك مثال على ذلك في قسم علوم الحاسب الآلي بجامعة السلطان قابوس، حيث لا يتخرج الطالب من هناك إلا ولديه المقدرة على العمل في أي مكان في مجال الحاسب الآلي بمختلف التخصصات، لأنه سبق وأن اكتسب المهارة المطلوبة لتحقيق ذلك، وقد تمت تجربة الطلاب لمدة فصل دراسي كامل وأثبتوا جدارتهم، موضحة أن بعض طلاب القسم قاموا بفتح شركات خاصة بهم ووظفوا أنفسهم فيها، وأيضا وظفوا بعضاً من زملائهم.
وأضافت الخنجرية: أن الوضع الحالي بحاجة إلى فتح المزيد من مجالات التفاهم بين مختلف مؤسسات القطاع الخاص والهيئات الحكومية مع الهيئات الأكاديمية، فلابد أن يكون هناك مسار مفتوح بين هذه الجهات، وليس هناك أي مجال لغلق أبواب أي مؤسسة في اتجاه توظيف الباحثين عن العمل، بخاصة وأن المشكلة عالمية وليست محلية، فالجميع في العالم يبحث عن وظائف حالياً.
وإذا كان القطاع الخاص يبحث عن مخرجات أكاديمية مؤهلة ومدربة فلماذا لا نقوم نحن في الهيئات الأكاديمية بتدريبهم قبل تخريجهم؟ وأيضا لماذا لا يبادر القطاع الخاص إلى مناقشة الجهات الأكاديمية بما يريده ويحتاجه من تخصصات ومخرجات لديها المهارات التي يحتاجها؟ ولدينا مثال آخر على ذلك في نفس القسم بجامعة السلطان قابوس، حيث تم التنسيق مع القسم لغرض تدريس بعض المواد التعليمية والمهارات الأساسية لدى الطلبة في قطاع صناعي محدد لكي يحصل الخريج على وظيفته في مجال التصنيع بالقطاع الخاص في هذه المؤسسات، وبالفعل قام القسم بدمج هذه المهارات مع المواد التعليمية ليمارسها الطالب في الجامعة خلال فترة الدراسة، وتمكن القسم من تخريج طلبة لديهم الشيء الكثير من العلم والمعرفة بالإضافة إلى المهارات التي يريدها القطاع الصناعي الخاص في نفس الوقت.

تنافس الكليات والجامعات

وأوضحت د. زهور أن تنافس الكليات والجامعات على تخريج طلبة بنفس التخصصات والبرامج هو سبب رئيسي في تزايد أعداد الباحثين عن العمل، مشددة على ضرورة تقديم حلول مناسبة لهذه المشكلة، موضحة أن الوضع الحالي لسوق العمل بالسلطنة بحاجة إلى البرامج التعليمية التخصصية، فيجب أن يكون لدينا مركز قوة في كل جامعة وكلية لنفس البرامج التعليمية ولكن في برامج تعليمية أكثر تخصصية، أي إنه في مجال علوم الحاسب الآلي على سبيل المثال لابد أن تتخصص جامعة ما في تخريج طلبة متخصصين في مجال ثلاثي الأبعاد فقط، وهذا هو التوجه العالمي الحالي في التعليم وهو التعليم التخصصي.
فلابد أن تتركز الجهود في مكان معين ولابد أن تركز مؤسساتنا التعليمية على المخرجات المتخصصة الأمر الذي سوف ينعكس إيجابا على الأبحاث العلمية والخريجين والتوظيف أيضا.
من جانبها أوضحت نائبة رئيس جامعة مسقط للشؤون الأكاديمية البروفيسورة يسرى المزوغي أنه يمكن بتعاون الجميع مع مؤسسات التعليم العالي أن نوجد حلولا لمشكلة الباحثين عن العمل، مشيرة إلى أنها مشكلة عالمية وليست في السلطنة فقط، ولن تحل إلا بعد تكاتف جهود جميع الجهات المختصة فلابد أن تساند جميع الأطراف بعضها بعضا لحل المشكلة.
وأوضحت أن جامعة مسقط اتخذت بعض الإجراءات ووجدت بعض الحلول لحل هذه المشكلة، ففي مستوى البكالوريوس وجدت الجامعة سنة تدريبية كاملة ليتخرج الطلبة ولديهم المهارات المناسبة التي تساعدهم على الحصول على وظائف في سوق العمل، وهذا الأمر مهم جداً، كما وفرت الجامعة التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل بالسلطنة وبخاصة في الدراسات اللوجستية وهو تخصص جديد في السلطنة ويوجد هناك نقص في مخرجات هذا التخصص، مشيرة إلى أن الجامعة بدأت بربط برامجها مع سوق العمل، وذلك لتطوير مناهجها التعليمية لتواكب متطلبات سوق العمل في السلطنة، ولذلك نحن على قرب مع جميع الجهات الخاصة والحكومية وبشكل مستمر. أما المدرب في التنمية البشرية والباحث الأكاديمي مساعد عميد كلية الدراسات المصرفية والمالية للدعم المؤسسي علي بن حمدان البلوشي فقد أشار إلى أن قضية الباحثين عن عمل هاجس يهم الجميع وبخاصة مؤسسات التعليم العالي كونها الجهة المعنية بالتعليم والتأهيل وأيضا هناك دور كبير يتحمله القطاع الخاص، مشيراً إلى البحث الذي قدمه لرسالة الدكتوراه ركز على إحدى تحديات مؤسسات التعليم العالي، وهي إدارة وقيادة هذه المؤسسات ودور رؤساء وعمداء ستة من هذه المؤسسات في صنع بيئة أكاديمية مواتية، كما أن البحث أوضح أسباب وجود هذا الكم الكبير من الباحثين عن عمل في السلطنة.

ثغرات متباينة

وكشف البحث عن وجود بعض الثغرات المتباينة والمهمة في ممارسة إدارة وقيادة هذه المؤسسات، وهناك حاجة إلى سد هذه الثغرات حسب المعايير الدولية وأن عدم تطبيقها يؤثر على منح صلاحيات التخويل لموظفي هذه المؤسسات، وأوضح أيضا أن تطوير علاقات مؤسسات التعليم العالي مع القطاع الخاص وخاصة القطاع الصناعي بحاجة إلى وقفة جادة من قبل الجهات ذات العلاقة لدعم تطوير المناهج حسب متطلبات سوق العمل وهي الآن محدودة ومقيدة نظراً لارتباط أكثر هذه المؤسسات بأخرى دولية من خلال الارتباط الأكاديمي الذي يفرض قيودا على تعديل مناهجها المعتمدة، وهذا يحد من صلاحية مؤسسات التعليم في السلطنة في إجراء التعديلات، والنتيجة عدم وجود توافق وتكامل بين البرامج المقدمة واحتياج سوق العمل والدليل هو حاجة الخريج إلى دورات إضافية وتدريب وتأهيل. كما كشف البحث عدم وجود صلاحيات كافية لرؤساء وعمداء مؤسسات التعليم العالي ما يحد من إيجاد بيئة مواتية، والدليل على ذلك عدم الرضا الوظيفي وبخاصة للأكاديميين، وقد تمت ملاحظة كثرة الاستقالات في بعض من هذه المؤسسات، وأيضا كشف البحث أن صلاحيات ودور أعضاء مجالس بعض مؤسسات التعليم تفوق صلاحيات رؤسائها وعمدائها، وأوضح البحث أن مشكلة الباحثين عن عمل تحتاج إلى تعاون جاد بين مؤسسات التعليم العالي والقطاع الخاص ووجود آليات محددة مدعومة وقابلة للمراجعة الدورية.