تقرير إخباري هل تنجح رسائل واشنطن في تهدئة قلق أوروبا من ترامب؟

الحدث الاثنين ٢٠/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص

عواصم – ش – وكالات

بعد مرور شهر واحد على تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة وتوالي سلسلة من الأحداث غير العادية، توجه عدد من كبار المسؤولين في إدارته إلى بروكسل وبون وميونيخ الأسبوع الفائت لطمأنة أوروبا التي انتابها القلق، بأن كل شيء سيكون على ما يرام.
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو، في مقابلة مع صحيفة جورنال دو ديمانش، أمس الأحد، إن أي محاولة أمريكية لتقسيم الأوروبيين محكوم عليها بالفشل؛ لأن واشنطن تفتقر إلى القدرة على تعويض المزايا التي يمنحها الاتحاد الأوروبي لأعضائه.
وسُئل إيرو عن عدم وجود وحدة بين الأوروبيين من وجهة نظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالمية، فقال إن الوضع يتغيّر وبشكل أساسي بسبب "الهجمات المتكررة" من جانب ترامب ضد أوروبا.
وقال: "أراهن أن أي محاولة لتقسيم وحكم الأوروبيين لن تنجح. بالنسبة للولايات المتحدة فهي لا تملك بالتأكيد القدرة على تعويض المزايا التي يوفرها الاتحاد الأوروبي لأعضائه".
في هذه الأجواء استمع الأوروبيون إلى وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس وهو يقول لهم إن حلف شمال الأطلسي ليس مؤسسة عسكرية "عفا عليها الزمن" رغم أن ما يردده ترامب يشير إلى عكس ذلك.
وقال لهم نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إن روسيا "ستحاسب" على أفعالها في أوكرانيا رغم مفاتحات ترامب الودية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
غير أن دبلوماسيين وساسة ومحللين أوروبيين تجمعوا في ميونيخ، قالوا إنه إذا كانت هذه الزيارات تهدف إلى طمأنة أوروبا أن أسس السياسة الخارجية الأمريكية ما زالت كما هي فإن هذه الزيارات لم تحقق الهدف المنشود.
وقال الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني روبرخت بولنز، لرويترز بعد كلمة بنس أمام مؤتمر ميونيخ للأمن "ما سمعناه ليس مطمئنا".
وأضاف "لا توجد رؤية على الإطلاق للكيفية التي سنعمل بها معاً مستقبلاً".
وبنس هو أرفع مسؤول أمريكي في إدارة ترامب يتوجه إلى أوروبا وكانت كلمته محل اهتمام كبير. فقبل ثماني سنوات وفي القاعة ذاتها وعد سلفه جو بايدن "بإعادة ضبط" العلاقات مع روسيا لتحتل كلماته عناوين الصحف.
غير أن بنس على النقيض من بايدن جاء إلى ميونيخ ومعه عائق مدمر يتمثل في إحساس شائع أنه ليس من أفراد الدائرة المقربة من ترامب وهو إحساس غذته الظروف التي أحاطت باستقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين مؤخراً.
وقال ديريك كوليت، أحد كبار مستشاري السياسة الدفاعية للرئيس السابق باراك أوباما ويعمل الآن مع صندوق مارشال الألماني الذي أنشأته الولايات المتحدة: "مهمته كانت بطبيعتها صعبة لكنها ازدادت صعوبة بسبب تساؤلات حول افتقاره للنفوذ داخل البيت الأبيض".
وحاول نائب الرئيس معالجة تلك الشكوك مباشرة بإعلانه في بداية كلمته أنه يتحدث باسم ترامب.
لكنه ذكر الرئيس 19 مرة خلال الكلمة التي استمرت 20 دقيقة ما دفع المؤلف والمؤرخ روبرت كاجان الذي كان بين جمهور الحاضرين لوصف الخطاب بأنه "تحية آلية للرجل صاحب السلطة".
وقال إلمار بروك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي أحد الحلفاء الحزبيين للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "بنس وماتيس و(وزير الخارجية الأمريكي ريكس) تيلرسون يمكنهم المجيء هنا والحديث عن أهمية العلاقات عبر الأطلسي وعن حلف شمال الأطلسي وكل هذا أمر حسن. لكننا لا نعرف ما سينشر على تويتر صباح غد". مشيراً إلى ولع ترامب بإصدار بيانات سياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد أدت استقالة فلين إلى ازدياد الغموض حول من سينصت له ترامب في السياسة الخارجية رغم أن من المعروف أن ستيف بانون كبير مستشاريه في الشؤون الاستراتيجية وصهره جاريد كوشنر لهما نفوذ كبير في هذا الصدد.
وشبه دبلوماسي أوروبي صعوبة معرفة الشخصية التي يجب الانصات لها في إدارة ترامب، بمهمة المتخصصين في شؤون الكرملين خلال الحرب الباردة.
وقال محلل السياسة الخارجية في مركز إلكانو للأبحاث في بروكسل، أولريك سبيك، إن المعضلة التي طرحها هنري كيسنجر عندما تساءل عمن يوجه حديثه إليه عندما يريد التحدث مع أوروبا قد انقلبت رأساً على عقب.
وأضاف سبيك: "الآن أوروبا تسأل عمن تتصل به إذا أرادت التحدث مع الولايات المتحدة".
وبخلاف التطمينات الخاصة بحلف شمال الأطلسي والعلاقات مع روسيا، حاول بنس تهدئة المخاوف من أن الولايات المتحدة تبتعد عن القيم الديمقراطية في عهد ترامب الذي هاجم وسائل الإعلام والقضاء مراراً منذ تولى السلطة قبل شهر.
وقال بنس: "هذا هو وعد الرئيس ترامب. سنقف مع أوروبا اليوم وكل يوم لأن مثل الحرية والديمقراطية والعدالة وسيادة القانون النبيلة تربط بيننا".