دلالات زيارة ضيف السلطنة الكبير

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
دلالات زيارة ضيف السلطنة الكبير

علي بن راشد المطاعني
ali.matani2@gmail.com

تكتسب زيارة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة والوفد المرافق له للسلطنة، بدعوة كريمة من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- أهمية كبيرة على مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية والثنائية المتطورة على وجه التخصيص، تأتي الزيارة في ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات متسارعة تتطلب المزيد من الجهد المشترك لتحقيق المزيد من الاستقرار والأمن الذي يسعى العاهلان لتجنيب المنطقة المزيد من التأزيم، ولعل هذه الزيارة التي صنفت بأنها من أرفع الزيارات الرسمية بين الدول، ستشهد مراسم استقبال وبروتوكولات بمستوى رفيع تعبيرا عن المكانة السامية التي تكنها السلطنة حكومة وشعبا لضيف البلاد. وهذه الزيارة تتويج لما وصلت إليه العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتشكل مرتكزاً مهماً لحكومتي البلدين في أن يبنيا عليها المزيد من التعاون المشترك وأن يؤسسا قاعدة صلبة تقوم عليها منظومة فاعلة للتعاون في كافة المجالات وتمهد لبناء مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، وهذا ما يبعث في النفس الاعتزاز والفخر لما تشهده العلاقات العمانية الكويتية من تطور يعكس واقعية المنطلقات المشتركة بينهما، ويمهد لانطلاقة مستقبلية أكبر في هذه المسيرة المظفرة المفعمة بالخير للبلدين والشعبين.

فعلى الصعيد الشخصي يحظى العاهل الكويتي الشيخ صباح الأحمد الصباح، بعلاقة خاصة مع أخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- تعكس عمق أواصر الأخوة بينهما، وأن التشاور الدائم والمستمر كان أبدا ديدنهما وفي كل ما يهم العلاقات بين السلطنة ودولة الكويت الشقيقة، وهذا ينعكس إيجابا على علاقاتهما الخليجية والعربية، إذ يشكلان فيها حجر الزاوية والركن الأساس مع إخوانهم بقية قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فضلا عن ما يتمتع به الزعيمان من ثقل سياسي على المستوى العربي ودورهما الكبير في تعزيز التعاون العربي المشترك والارتقاء به إلى المستويات التي تتطلع لها شعوب أمتنا العربية.

كما أن سعيهما الدؤوب لا تخطئه عين لحل العديد من النزاعات بالطرق السليمة حقنا للدماء وصونا للمكتسبات.

أما على الصعيد الشعبي فإن لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح تقديرا شعبيا كبيرا في السلطنة يعكس التواصل الاجتماعي الضارب في القدم بين الشعبين، فلا غرو أن يغدو الترحيب بضيف البلاد العزيز فوق العادة بمقاييس الحفاوة، فسمو الأمير لم تنقطع زياراته الخاصة للسلطنة، فهي أبدا متواصلة ويمارس عبرها هواية الصيد المحببة لنفسه.
إذ له ارتباطات وثيقة ببعض المحافظات وله علاقات اجــــتماعية مع المواطنين تعكس ما يكنه الشعب العماني من حب وتقدير لصاحب القلب الكبير أمير دولة الكويت المفدى.
فلا يغيب عن الأذهان القول إن العلاقات بين السلطنة والكويت متجذرة وتبلور عمق الرؤية المشتركة لدى قيادتي البلدين في التعاطي مع كل ما يخدم البلدين والشعبين الشقيقين، وعبر الزيارة الكريمة فما من شك أن هناك المزيد من العمل الهادف لتقوية وتقريب المصالح الهادفة إلى الوصول بهذه العلاقات إلى مبتغاها الحقيقي الذي يمكن مواطني البلدين من قطف ثمار هذا التآخي الفريد، على كافة الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
إن اهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وأخيه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، بالارتقاء بهذه العلاقة المميزة إلى آفاق أرحب لا حدود لها واضح للعيان ويجد الترحيب والإشادة من المواطــــــنين في البلدين، وهما يسعيان لتسريع ورفـــــد كافة مجالات التعاون بالمــــزيد من الــــزخم وصولا لشواطئ الآمال المشتركة.
فعلى صعيد التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية، فالكويت تستثمر بشكل كبير في البنية الأساسية في السلطنة سواء من خلال الصندوق الكويتي للتنمية أو من خلال الجهات الأخرى، فهناك العديد من المشاريع التنموية موّلت من دولة الكويت الشقيقة في عدد من المجالات الحيوية في البلاد، وشاركت في مسيرة التنمية والإعمار في السلطنة طوال السنوات الفائتة من خلال القيام بمشاريع تنموية شملت العديد من مرتكزات البنى الأساسية لدينا.
وكان لهذه المشاريع الأثر الطيب في اندياح رحيق التنمية إلى ربوع الوطن والتسريع ببعض الخدمات المهمة للمواطنين. السلطنة حكومة وشعبا تكن كل التقدير والامتنان للكويت أميرا وحكومة وشعبا في هذا الشأن، إذ هي -الكويت- أبدا ودوما تعمل بصمت في رفد الجهود التنموية الحكومية الرامية لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، فكانت بذلك خير معين وخير أخ وخير صديق.
لقد بلغ حجم الاستثمارات الكويتية في السلطنة العام 2014 ما يقارب البليون دولار أمريكي موزعة على مختلف القطاعات منها الخدمية والمقاولات والإنشاءات والفنادق والعقارات وصناعة الأدوية والأجهزة الطبية والصناعات الغذائية، وهناك استثمارات جديدة في مجال المصافي والبتروكيماويات وغيرها من المشاريع الصناعية في ميناء الدقم.
ولا نغفل هنا الدور الكبير للقطاع الخاص الكويتي في الاستثمار في السلطنة وفي العديد من المجالات، حيث بلغ عدد المستثمرين الكويتيين في السلطنة حوالي تســــــعة آلاف مستثـــــمر في العديد من المجالات وخاصـــــة العــــقارات والمراكز التجارية.
وعلى الجانب السياسي تحظى علاقات البلدين بتوافق غير عادي حيال مختلف القضايا الخليجية أو العربية أو الدولية ومواقفهما متقاربة من مجمل القضايا الدولية لما تشكله منطلقاتهما في التعاطي مع المستجدات والمتغيرات من مبادئ ثابتة ومواقف أصيلة لا تتغير ولا تتبدل لقاء أي طارئ، وهو ما يعكس رؤية قيادتي البلدين ونظرتهما الثاقبة تجاه القضايا الدولية وكيفية التعاطي معها من منطلقات تأخذ في الاعتبار العديد من الجوانب التي تحكم العلاقات بين الدول.
نتطلع إلى أن تواصل العلاقات العُمانية الكويتية تقدمها يوما بعد آخر بما يخدم شعبي البلدين وإضفاء المزيد من التعاون والاستثمارات المشتركة الهادفة إلى تعزيز المصالح وتوثيق الروابط التي تبلور الاستفادة المثلى من المقومات المتوفرة وتوجيه الإمكانيات إلى موضعها الصحيح.