أسعار العلاج والفحوص الطبية في القطاع الخاص

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
أسعار العلاج والفحوص الطبية في القطاع الخاص

محمد محمود عثمان

القطاع الخاص الطبي في بلادنا العربية يفرض ما يريد من أسعار على الجميع، بدون رقابة، في ظل عدم وجود أسعار استرشادية من قبل الجهات الصحية المختصة تلتزم بها المراكز الصحية والمستشفيات والعيادات الخاصة، تجنبا للمغالاة أو استغلال المرضى أو تحويل العلاج إلى استثمار في صحة البشر، وحتى يمكن ضبط المخالفات أو أن تخضع لرقابة أجهزة حماية المستهلك، وخاصة إذا صاحب ذلك قصور في أداء بعض القطاعات الحكومية نتيجة للضغط عليها، أو بسبب طول فترات الانتظار، أو وجود شعور بعدم الثقة، على الرغم من الحصول على مراكز عالمية متقدمة وفق التصنيفات الدولية للأداء الصحي للدول، بما يدفع المرضى للسفر للخارج أو اللجوء إلى العلاج في القطاع الخاص على الرغم من لهيب الأسعار التي تكوي المرضى وذويهم وتزيد من آلامهم، والتي قد تحرم البعض غير القادرين من العلاج، خاصة ممن لا تنطبق عليهم شروط العلاج المجاني في القطاعات الحكومية، لأن الأسعار التي تفرضها بعض المستشفيات والمستوصفات الخاصة تعد ضربا من العبث والمرابحة غير المشروعة ومغالاة يجب التدخل فيها، فبعض المؤسسات الطبية الخاصة تسعى للتربح وربما الكسب غير المشروع، الأمر الذي يتطلب وضع أسعار صارمة للكشف والفحص والتنويم وغيرها من الخدمات الصحية، ولا سيما أنه يتم فرض الأمر الواقع على المرضى، وإن كان البعض يرى أن هناك صعوبات في تحديد أسعار الخدمات الصحية والفحوصات الطبية في القطاع الخاص نظرا لإشكاليات متعددة منها مسمى الطبيب المعالج وهل هو خبير أو استشاري أو اختصاصي أو طبيب عام، وكذلك مستوى المستشفيات أو المراكز الطبية أو العيادات، وهذه من الأمور التي يمكن معالجتها ببساطة عن طريق المختصين والمتخصصين في هذه المجالات في وزارة الصحة وحماية المستهلك، حيث يمكن تحديد عدة مستويات تعتمد أجر أو أتعاب الطبيب على أساس درجته العلمية وخبرته العملية وكفاءته وسمعته، لأنه لا يمكن تعميم الأجر على كل الأطباء بدون التفرقة بين مكانتهم العلمية وخبراتهم الميدانية، وكذلك تصنيف مستوى المستشفيات ومواصفات الإقامة ودرجة الفندقة‏، وهذه كلها من العوامل التي لا بد أن توضع في الاعتبار، حتى يمكن تحديد أجور الجراحات والخدمات الطبية‏ بأنواعها، وكذلك يمكن التوصل إلى أسس موضوعية ليتم على أساسها تحديد الأسعار، مثل أجر العملية الجراحية، ورسوم غرفة العمليات وأجر التخدير ومقابل استخدام غرفة العمليات المحددة لكل درجة، وخدمة الممرضة الخاصة، وأسعار الرعاية الخاصة للأطفال حديثي الولادة والمبتسرين والإقامة بالحضانات، وتحديد أجر التحاليل والأشعة وخدمات الرعاية المركزة، وذلك حتى لا تكون أسعار العلاج قيدا على حرية الاستثمار خاصة في مجال الصحة والطب، ووفقا لهذه الأسعار الاسترشادية تضع كل مؤسسة علاجية قائمة بأسعار جميع خدماتها المقدمة للمرضى، بدرجاتها المختلفة في الجناح العادي والدرجة الأولى الممتازة والثانية الممتازة، وصولا إلى الدرجة الثالثة الداخلية، بعد اعتمادها من لجنة متخصصة لتقييم الأسعار، ومن ثم لا بد من تكثيف المتابعة الفنية للتأكد أولا من صحة المعلومات المقدمة من المؤسسات العلاجية حول مؤهلات وخبرات العاملين لديها وملاءمة المكان للتصنيف الخاص بها، وثانيا التأكد من سلامة الأداء وفق الأسس والمعايير الصحية التي تحقق أفضل الخدمات للمرضى والمترددين وثالثا مراجعة ملفات المرضى لأن موضوع السعر ليس محصورا في كشف الطبيب بل قد تكون المبالغة في أجور العملية أو التشخيص أو أسعار الأدوية، لذلك لا بد من متابعة كل ذلك بشكل دقيق، لأن غياب الرقابة على المستشفيات الخاصة بشكل عام يوجد التفاوت في أسعار الخدمات الطبية، نظرا لأن كل مؤسسة خاصة تضع الأسعار التي تراها، كما أن بعض المستوصفات والمستشفيات تعمل على تعويض خصومات شركات التأمين الإلزامي عن طريق رفع الأسعار والتلاعب في الفواتير مما يمثل عبئا إضافيا على المرضى.

لذلك أضحى من الأهمية وضع لائحة بأسعار محددة للكشف عند الاستشاريين والأخصائيين وتحديد قيم وأسعار للعمليات الجراحية والخدمات الطبية بحسب نوعها تتراوح حول متوسط سعري بين حد أدنى وحد أعلى لكل صنف أو إجراء علاجي، بما يحقق العدالة والمعقولية خاصة أن وجود تسعيرة محددة من الوزارة يمنع التلاعب ويضمن تقديم خدمات جيدة للمرضى.