الأمل بالصحة العالمية في 2017

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
الأمل بالصحة العالمية في 2017

ميلفن سانيكاس

لو نظرنا لسنة 2016 قد لا نجد فيها ما يدعونا للاحتفال فبالنسبة للصحة العالمية فقط تبدو تلك السنة على إنها سنة مأساوية بشكل كبير فبالإضافة إلى قصف المستشفيات في مناطق الصراع، تزايد التهديد الذي يشكله فيروس زيكا كما كان هناك أيضا انتشار الميكروبات التي تقاوم المضادات الحيوية أو ما يطلق عليه «الجراثيم التي لا تقهر» وعودة الحمى الصفراء بالإضافة الى عودة شلل الأطفال في نيجيريا والتي أعلنت في السابق أنها أصحبت خالية من مرض شلل الأطفال. لقد تحطمت الآمال بإيجاد لقاح لفيروس الجهاز التنفسي المخلوي وفي أوروبا زادت الوفيات المرتبطة بالمشروبات الكحولية.

لكن بين كل تلك القصص السيئة كانت هناك بعض التطورات الإيجابية والملهمة فيما يتعلق بالصحة العالمية سنة 2016.

التطور الإيجابي الأول حصل في تنزانيا وموزمبيق حيث تم إعادة استخدام الجرذان الجرابية العملاقة الأفريقية والتي تم تدريبها في السابق من قبل منظمة غير حكومية بلجيكية تدعى أبوبو على اكتشاف الألغام الأرضية وذلك من أجل المساعدة في المعركة ضد مرض السل. لقد خضعت الجرذان لتدريب مكثف بحيث يتم تعريفها بالمحفزات المختلفة وكيفية التفاعل مع البشر كما تم تدريبها على كشف مرض السل في عينات النخامة (وهو المخاط الذي يأتي من المجاري التنفسية السفلية ويخرج عند السعال). إن باستطاعة الجرذان اكتشاف مرض السل بدقة تصل إلى 100% تقريبا على الرغم أنها لا تستطيع أن تميز بين السلالات العادية وتلك المقاومة للأدوية.
إن التطور الإيجابي الثاني هو إنشاء التحالف من أجل ابتكارات الاستعداد للأوبئة. إن ظهور الأمراض المعدية (مثل الإيبولا وتشكونجونا وزيكا وفي السابق سارس وانفلونزا الخنازير وميرس) يسلط الضوء على القدرات غير الكافية لأنظمة الصحة العامة على بناء الدفاعات بشكل سريع.
إن التحالف من أجل ابتكارات الاستعداد للأوبئة ينوي تغيير ذلك فأعضاؤه – الذين ينتمون لمنظمات دولية وحكومات وصناعات وجهات التمويل الخيرية والعامة للأبحاث والتطوير والجهات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع الدولي-سوف يعملون على تطوير لقاحات جديدة يمكنها أن تمنع الأمراض المعدية الناشئة قبل أن تصبح أوبئة.
إن التطور الإيجابي الثالث لسنة 2016 كان التقدم الذي تم إحرازه في مكافحة الملاريا فلقد انخفضت الوفيات الناجمة عن الملاريا في السنوات الفائتة وفي أفريقيا والتي توجد فيها أعلى نسبة وفيات ناتجة عن الملاريا فإن عدد الضحايا انخفض من أكثر من 800.000 شخص سنويا في سنة 2000 إلى حوالي 400.000 في العام الفائت.
لقد اعتمدت الجهات التنظيمية للأدوية في أوروبا أول لقاح بشري مرخص ضد الملاريا يدعى ر ت س س أو موسكيوريكس سنة 2015 بعد حوالي ثلاثة عقود من الأبحاث والتطوير وهذا لا يعني أن الأمور ستصبح سلسة بالنسبة لهذا اللقاح فلقد لاحظ الباحثون أن تأثير اللقاح يضعف مع مرور الوقت وهو فعال بنسبة 4% فقط خلال فترة سبع سنوات.
لكن اللقاح يشكل اختراقا جوهريا ونتيجة لإمكانية إنقاذه للأرواح فلقد تمكنت منظمة الصحة العالمية من تأمين التمويل اللازم لفترة اختبار أولية تبدأ سنة 2018 حيث ستقدم منظمة الصحة العالمية لقاح ر ت س س من خلال برامج تجريبية بحيث تختبر فعاليته الحقيقية على الأرض في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية. إن هناك المزيد من الأخبار الطيبة على جبهة اللقاحات فلقد تم تطوير لقاح القوباء من أجل معالجة مرض القوباء وهو مرض فيروسي يتسبب بطفح جلدي مؤلم مع بثور وهو ناتج عن تنشيط فيروس جدري الماء في الجسم ولو وصل الطفح الجلدي للعين فإن من الممكن أن يصاب الشخص المصاب بفقدان البصر وبعض الناس يصابون بألم مستمر في الأعصاب يمكن أن يستمر لأشهر أو حتى سنوات. إن اللقاح الجديد هو أكثر فعالية بشكل كبير مقارنة باللقاح المتوفر حاليا والذي يقلل من خطر الإصابة بمرض القوباء بنسبة 50% فقط.
إن حمى الضنك كذلك يمكن الوقاية منها عن طريق اللقاح. إن حمى الضنك مصنفة من قبل منظمة الصحة العالمية على إنها أهم مرض فيروسي ينقله البعوض وأسرعه انتشارا وهو يتسبب بحوالي 50 مليون إصابة سنويا ولكن في سنة 2016 فإن أول لقاح لمرض حمى الضنك دينجفاكسيا قد تم اعتماده في 12 بلداً. لقد تم اعتماد لقاح دينجفاكسيا من قبل جمعيات طبية كبيرة على المستوى الوطني والإقليمي والتوصيات تتوافق مع تقرير الموقف الصادر عن منظمة الصحة العالمية والذي أوصى بأن على البلدان التي تتحمل أعباء كبيرة بسبب المرض أن تنظر في إمكانية استخدام اللقاح كجزء من برنامج شامل لإدارة حمى الضنك.

ميلفن سانيكاس هو خبير طبي
إقليمي في شركة سانوفي باستور.