تحــديات ومطـبــات فــي طريق تـرامــب

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٤/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
تحــديات ومطـبــات 
فــي طريق تـرامــب

غازي السعدي

يدخل الرئيس الأمريكي المنتخب «دونالد ترامب» البيت الأبيض، وسط مشاكل وإشكالات عديدة، ومظاهرات في الشارع الأمريكي للنيل منه، ومقاطعة عدد كبير من النواب ومن المدعوين لحضور مراسم تتويجه للرئاسة، وتأديته اليمين الدستورية رئيساً، وانخفاض شعبيته في الولايات المتحدة إلى 40% -حسب جريدة «واشنطن بوست»- تعد من أدنى المستويات التي حصل عليها، وهناك أربع مطبات حرجة وصعبة وخطيرة، سيقوم الرئيس «ترامب» بمواجهتها في مستهل ولايته.

المطب الأول: فضيحة الأشرطة الجنسية التي وثقتها المخابرات الروسية، وصورها الروس سراً منذ العام 2013 أثناء زيارته إلى موسكو، وأكد تقرير عن موقع «بازافيد» الروسي، أن بحوزة الجهات الروسية أشرطة فيديو للرئيس «ترامب» خلال وجوده مع مومسات في فندق «ديتش كارلتون» في موسكو، وأفاد تقرير الموقع المذكور أن الفندق كان مغطى تماماً بكاميرات وميكروفونات من المخابرات الروسية «F.S.B» الذين التقطوا كل مشهد وكل كلمة في الغرفة.

فضيحة الأشرطة الجنسية هي أسهل المطبات المتعود عليها «ترامب» والتي أثيرت أثناء الحملة الانتخابية، فروسيا التي تتآمر علناً ضد المصالح الأمريكية وغير الأمريكية، في جميع الساحات، هي معتادة على مثل هذه الأساليب، فالرئيس المنتخب واقع تحت التأثير والابتزاز والضغوط الروسية، وهذا هو سر تأييد «ترامب» العلني للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، فوسائل الإعلام الأمريكية أطلعت الرئيس المنتخب على وجود هذه الملفات المحرجة لدى المخابرات الروسية، جمعتها على مدى سنوات بهدف الابتزاز.

وبحسب جريدة «يديعوت احرونوت 14-1-2017»، فإن روسيا تمتلك وسائل ضغط على «ترامب» لإخضاعه، وهناك شبهات بوجود روابط غير معلنة بين «ترامب»- أو بعض مساعديه- مع الكرملين، حتى أن مجلس الشيوخ الأمريكي أعلن عن فتح تحقيق في الشبهات بعلاقة الرئيس مع الكرملين، والتحقيق بتدخل موسكو في انتخابات الرئاسة الأمريكية لصالح «ترامب»، وأن المجلس سيستدعي مسؤولين كبار من إدارة «ترامب» الجديدة، ومن إدارة الرئيس «أوباما» المنتهية ولايته، لاستجوابهم في هذه القضية. المطب الثاني: فقد ذكر راديو إسرائيل باللغة العبرية بتاريخ «11-1-2017»، وجود تحذير لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي تتبادل المعلومات، وتنسق مع المخابرات الأمريكية، وإلى المسؤولين الإسرائيليين ذوي العلاقة، بوجوب الحذر من تزويد المخابرات الأمريكية بمعلومات حساسة، خشية أن تصل إلى المخابرات الروسية، حيث وضعت المخابرات الأمريكية على طاولة الرئيس «أوباما» المنتهية ولايته، والرئيس المنتخب «ترامب»، خلاصة تقرير يقوم على معلومات وتحقيقات شخصية توثق العلاقات الحقيقية للرئيس «ترامب» مع حكومة «بوتين» الروسية، والأخطار الكامنة باحتفاظ روسيا بمعلومات هامة مؤثرة عن «ترامب»، يمكنها أن تكون وسيلة لابتزازه، وحذر التقرير المخابراتي كلا من «أوباما» و»ترامب»، من وجود قناة اتصال مفتوحة بين الرئيس المنتخب والكرملين، حيث إن «ترامب» ومساعديه ساعدوا الكرملين، بتزويدهم بمعلومات طلبها الروس، عن شخصيات روسية الأصل تقيم بالولايات المتحدة.

المطب الثالث: يتعلق بموضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فقرار نقل السفارة هذا جرى اتخاذه من قبل الكونجرس الأمريكي منذ سنوات، وحسب القانون الأمريكي فإن من حق الرئيس الأمريكي تأجيل هذا الانتقال كل ستة شهور، وفي هذه الأيام ومع انتهاء الستة شهور الأخيرة، وقع الرئيس «باراك أوباما»، قبل أن تنتهي ولايته الأمر بعدم نقل السفارة لستة أشهر أخرى، غير أن الإسرائيليين نفذ صبرهم من كثرة الوعود الأمريكية في كل انتخابات لنقل السفارة، وهم بانتظار تولي «ترامب» مهامه الرئاسية، لمعرفة إذا كان سيفي بوعوده، ويلاحظ من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية بداية تراجع من قبل إدارة «ترامب» بالنسبة لنقل السفارة إلى القدس، فقد أفادت المعلومات، أن السفارة الأمريكية قد تبقى في مكانها بتل-أبيب، ويتم إرسال طواقم صغيرة من موظفي السفارة للعمل من القنصلية الأمريكية في القدس، هذه القنصلية التي تعمل من قصر المندوب، بالقرب من فندق دبلومات، وحتى إذا قرر «ترامب» نقل السفارة إلى القدس، فليس من الواضح إذا كانت ستقام في غرب المدينة أم في شرقها، مع العلم بأن السفير الأمريكي الجديد، يملك ثلاثة منازل في حي الطالبية في القدس، فطواقم «ترامب» ما زالت في مرحلة دراسة أفكار عديدة بالنسبة لنقل السفارة، منها وضع حجر أساس للسفارة في القدس، مع تجميد البناء.

المرشح لمنصب وزير الدفاع الأمريكي «جيمس متيس»، سئل أثناء استجوابه من قبل مجلس الشيوخ: ما هي عاصمة إسرائيل؟ أجاب أن العاصمة الإسرائيلية التي أزورها هي تل-أبيب، والتي يوجد فيها كل أعضاء الحكومة، وسئل: هل توافق على أن القدس هي عاصمة إسرائيل؟ فرد قائلاً: أنا أتمسك بموقف الولايات المتحدة، وسئل: هل أن أقوال «متيس» تعكس تغييراً في موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من نقل السفارة إلى القدس؟ فنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية.

أما المطب الرابع والذي قد يؤثر جداً في قوة ومكانة أمريكا في العلاقة مع أوروبا، حيث أدلى «ترامب» بتصريحات أكد فيها علناً على عدم أهمية حلف الناتو، مما يعني فك الشراكة الأمنية مع أوروبا، مما قد يخلق تعارض مصالح، وهو الأمر الذي وصفه الرئيس الفرنسي «هولاند» بالكارثة.

إن فك الشراكة الأمنية الأمريكية الأوروبية عبر حل حلف الناتو يعني سحب القيادات الأمريكية والقوات الأمريكية من أوروبا، مما يعرض أوروبا أكثر للضغوط الروسية، ويدفع بها نحو سباق تسلح لمواجهة الأخطار التي كانت تعتمد على الولايات المتحدة لمواجهتها، بكل الانعكاسات المترتبة على ذلك.
على صعيد آخر، فقد أعلنت القيادة الفلسطينية أنها في حال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فإن الفلسطينيين سيعيدون النظر باعترافهم بإسرائيل، وحذرت القيادة الفلسطينية أن نقل السفارة سيكون بمثابة إعلان حرب على المسلمين، وسيوجد سيناريوهات لا يأمل أيا منا رؤيتها، وستعرض المنطقة كلها للخطر، فموضوع نقل السفارة تفاقم في أعقاب رسالة الرئيس «محمود عباس»، إلى الرئيس «ترامب»، ناشده فيها بعدم نقل السفارة، وتحذير ملك الأردن «عبد الله الثاني» من أن اتخاذ هذه الخطوة، سيكون بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء، وإشعال النار في الشارع الإسلامي، واعتبر وزير الإعلام الأردني د. محمد المومني، أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء، وسيكون لها أبعاد كارثية، وقال وزير الخارجية المنتهية ولايته «جون كيري»، إن نقل السفارة سوف يحدث انفجارا في كل المنطقة، ونقلت جريدة «هآرتس18-1-2017»، عن «كيري» أن مثل هذه الخطوة ستفضي إلى اندلاع أعمال عنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وفي الشرق الأوسط كله، وتؤثر تأثيراً سيئاً على علاقات إسرائيل مع مصر والأردن، ويبقى السؤال: هل سيرتكب الرئيس «ترامب» حماقة بنقله للسفارة من تل-أبيب إلى القدس؟ الأيام القادمة ستعطي الجواب.