تأثير محدود لواشنطن في «محادثات أستانة»

الحدث الثلاثاء ٢٤/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
تأثير محدود لواشنطن في «محادثات أستانة»

مسقط - محمد محمود البشتاوي

ربما جاء توقيت عقد محادثات السلام السورية في أستانة في توقيتٍ حرجٍ بالنسبة لواشنطن، فالرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي تسلم منصبه الجمعة الفائت، أمامه تحدٍّ يتمثلُ في الـ100 يوم الأولى لتنفيذ وعودهِ الانتخابية، الأمر الذي سيجعل تركيزه ينصب بداية على الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، وليس أدل على ذلك من حجم التمثيل الضعيف لإدارة ترامب في هذه المحادثات، حيث مثل واشنطن سفيرها في أستانة.

علاوة على ذلك، ينظر إلى مسرح عقد المحادثات في كازخستان، رغم التأكيد أن «أســـتانة» ليســـت بديلاً عن «جنيف»، إلا أنها بكـل تأكــيد، تقــع ضــمن نطاق النفـــوذ الروسي، إذ أن لموســكو سطوة فيها، وهي من الدول الموالية لروســــيا، أو ضــمن معســكر أصــدقائـهــا.
المحلل في مركز دراسات الرئاسة الأمريكية والكونجرس دان مهافي يؤكد أن تركيز ترامب سينصب على الحفاظ على فرص العمل ونمو الوظائف، وكذلك الإنفاق على البنية الأساسية، وإنتاج الطاقة، وخفض الإنفاق الحكومي، وقال زميل معهد بروكينجز داريل ويست لوكالة أنباء الصين الرسمية «شينخوا» -النسخة الإنجليزية- إن الأولويات المحلية للرئيس الجديد ستشمل «التخفيضات الضريبية، ورفع القيود وإلغاء «برنامج الرعاية الصحية للرئيس السابق المعروف بأوباما كير، وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ستكون الأولويات إعادة النظر في العلاقات مع موسكو».
المختص في الشأن الدبلوماسي الدولي نيك روبرتسون محرر «سي أن أن» أكد في تقرير للموقع بنسخته الإنجليزية، أن دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعقد هذه المحادثات بعد ثلاثة أيام تنصيب ترامب، سواء جاءت بالصدفة، أو بحسن نية من موسكو، فإن بوتين دعا إلى حضور الولايات المتحدة الأمريكية بصفة مراقب، وهو ما يعكس رغبة الكرملين في تهميش دور البيت الأبيض حيال الأزمة السورية، مشيراً في التقرير الذي اطلعت عليه «الشبيبة» أن روسيا تولت زمام المبادرة في هذه الأزمة، بعد أن اختارت التوقيت، لتكون بذلك هي الراعي الرسمي لهذه المحادثات.
وأشار روبرتسون إلى أن سوريا تمثل تحدياَ كبيراَ للولايات المتحدة لما تمتلكه روسيا فيها من نفوذ واســـع، وليـــس بوسع ترامب، إلا اللعب ضمن الحد الأدنى الذي تركه له الرئيس الســابق أوباما، لتأمين مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بأسرهِ، إلا أن محلل سي أن أن، يستدركُ قائلاً: إن كلاً من ترامب وبوتين يريدان القضاء على داعش، الأمر الذي قد يشكل قاسماً مشتركا بين البلدين حيال الملف السوري.
مدير الأبحاث في «جامعة ليون 2» فابريس بالونش، نشر تحليلاً في معهد واشنطن، اطلعت عليه «الشبيبة»، تساءل فيه إن كانت الأستانة ستكون البديل لجنيف في عملية السلام السورية؟، مجيباً أن اختيار الأستانة يعد «تناقضاً رمزياً صارخاً مع جنيف»، إذ بقيت كازخستان، «هذه الجمهورية السوفياتية السابقة حليفاً مقرباً عموماً من موسكو»، عكس جنيف، الدولة الغربية كما أنها تحتفظ بـ«ثروات من النفط والغاز الطبيعي واليورانيوم»، و«يبدو أن هذا المنحى الدولي الجديد يخضع حرفياً للأنابيب التي تمتد خارج أراضيها نحو الشرق والغرب»، الأمر الذي يدفع الصين وتركيا لأن تكون على صلة بتلك الدولة.
ويؤكد بالونش، أن الإعلان الرسمي لاجتماع الأستانة هو أن يكون مكملاً لعملية جنيف وليس بديلاً لها. لكن في النهاية، قد يتوجب على الفرقاء تفضيل عملية واحدة على الأخرى اعتماداً على من يملك معظم النفوذ في ساحة المعركة.
ويختتم التحليل بسؤالين، «في ظل هذه الظروف، هل للولايات المتحدة مصلحة في المشاركة في مؤتمر الأستانة؟»، ليجيب الكاتب: «يقيناً، إن إدارة ترامب قد تولّت مهماتها للتو، كما أن الوضع الرسمي لدعوة واشنطن لا يزال غير واضح المعالم»، ثم يعود ليتساءل: «ما هو الدور الذي ينبغي أن تضطلع به الولايات المتحدة في الأستانة؟»، ليقول: «إن الخيارات ليست جيدة. لكن العجز عن التصرف قد يُعتبر بمثابة إذعان لخطة روسيا ومؤشر على أن إدارة ترامب ستقلّص وبقدر أكبر دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط».