حقبة جديدة من التعاملات النقدية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٣/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
حقبة جديدة من التعاملات النقدية

أدريان بريدجووتر

نعيش في عالم متغيّر نواجه فيه كل يوم مصطلحات ومفاهيم جديدة مثل «تطبيق» و»سيلفي» و»إيموتيكون». وغالبًا ما تكون هذه التعابير الجديدة التي تجتاح حياتنا وتملأ تفاصيل يومنا مستوحاة من أحدث تطورات التكنولوجيا. ومن هذه التعابير التي انتشرت مؤخرًا كلمة underbanking أو عدم القدرة على الحصول على الخدمات المصرفية.

وإذا ما أردنا تعريف هذا المصطلح والأشخاص الذين يجدون أنفسهم في مثل هذا الوضع، يمكن القول إن مفهوم «عدم القدرة على الحصول على الخدمات المصرفية» يعبر عن الأشخاص والشركات الصغيرة التي تعاني من إمكانية محدودة أو معدومة للوصول إلى خدمات الأفراد المصرفية الرئيسية.
ولعل أحد الأسباب التي تؤدي إلى عدم القدرة على الحصول على خدمات مصرفية هو بُعد الناس عن المرافق والخدمات المصرفية التقليدية، أو في بعض الحالات عدم كفاية المصادر المالية المحلية لتأمين احتياجات تطوير وإنشاء بنية تحتية خاصة للمصارف المحلية.
ينقسم الأشخاص والشركات الذين يعانون من اعتماد متضائل على الخدمات المصرفية إلى مجموعتين، الأولى تعتمد على البنوك بمستوى ضئيل والثانية لا تتعامل مع البنوك على الإطلاق. وتفتقر هاتان المجموعتان إلى الأساس القوي والجيد لتنمـــية الأعمال أو تطــوير مســتوى معيشتهم.
وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن احتمالية أن يكون للأشخاص ذوي الدخل المنخفض ممن يعيشون في الشـــرق الأوســـط حساب مصرفي أقل من الأشخاص ذوي الدخل المنخفض الذين يعيشون في أفريقيا أو جنوب آسيا.
وعلى حد قول مدوّن البنك الدولي سيمون بيل فإن «4 %فقط من البالغين الذين لا يتعاملون مع البنوك في الشرق الأوسط يعزون سبب عدم امتلاكهم حساب مصرفي إلى أنهم ليسوا بحاجة لواحد، أي بمعنى آخر يبدو أن هناك طلبا غير ملبّى على الخدمات المالية».

ويضيف بيل: «إن احتمالية أن يكون لدى الشخص المذكور حساب مصرفي أقل بكثير من شخص يعيش في أمريكا اللاتينية أو أوروبا الشرقية أو شرق آسيا مقارنة بدولة أو منطقة ذات دخل متوسط».
كيف يتمكن الأفراد والشركات غير القادرين على التعامل مع البنوك من البقاء والاستمرار؟
إذا ما أردنا الإجابة على هذا السؤال بناء على التعايش يومًا بيوم، فإن هذه الفئات تلجأ إلى الاعتماد على المقايضة والأشكال غير التقليدية للتمويل وما يسمى بـ «التمويل الأصغر».
إلا أن هناك حالة من الغموض تحيط بالتمويل الأصغر فيما يتعلق بالثغرات الأمنية والافتقار لأدوات الرقابة الرسمية، الأمر الذي يتفاقم أحيانًا لاستغلال مرابي القروض وغيرهم من الشخصيات غير الجديرة بالثقة على المستوى المالي. ومرة أخرى، هذا ليس أساسًا جيدًا لنمو الأعمال أو تنمية رفاه الإنسان.
ومما لا شك فيه أن عدم القدرة على الحصول على الخدمات المصرفية هو أمر شائع في عدد من الدول العربية كاليمن والجزائر والمناطق الريفية في مصر ولربما في مناطق نائية من المغرب؛ ولكننا فوجئنا بانتشار هذه الحالة في بعض المناطق الأكثر نموًا وتطورًا في الشرق الأوسط.
كيف يمكننا التخلص من عدم القدرة على الحصول على خدمات مصرفية؟
شركة «ريد كلاود» هي شركة بريطانية ناشئة تُعرف بمساهمتها في تطوير وإطلاق خدمة «إم-بيسا» وهي خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول. وتتولى الشركة حاليًا مهمة حل العديد من مشاكل البنية التحتية المصرفية في الشرق الأوســط وأفريقيا بالاستعانة بتقنياتها المصـــممة لربط المجتمعات والشركات المتباينة والتي لا تملك القدرة على التعامل مع البنوك بأنظمة تحويل الأموال.
إذا، فإن شركة «ريد كلاود» تملك منتج «بطاقة بيضاء» بحيث تقدم منصة حوسبة هندسية مفتوحة تبيعها للبنوك في الشرق الأوسط والأسواق الناشئة. وعندها تصبح هذه المؤسسات قادرة على تخصيص المنصة والخدمة المصرفية التي تقدمها بما ينسجم مع علامتها واسمها التجاري. وبالتالي تعمل كوكالة محلية تمنح إمكانية الوصول إلى البنية الأساسية المصرفية المركزية.
وتتميز المؤسسات التي يطلق عليها مصطلح «وكالة مصرفية» بقدرتها على اختراق المناطق المحرومة وتعزيز إمكانية وصول هذه المناطق إلى المنتجات والخدمات المالية التي تحتاجها. وكل هذا يحدث دون الحاجة لأن تقوم أي جهة بالاستثمار في البنية التحتية لفروع البنك.
تسهم الوكالات المصرفية في تحويل مهمات موظفي شركات الهواتف إلى ما يشبه مهمات أجهزة الصراف الآلي بحيث يقدمون مختلف الخدمات المالية باستخدام أجهزة مثل قارئ البطاقة أو نقاط البيع أوالهواتف المحمولة لإتمام تعاملات مالية حقيقية. ومن المهم أن يكون موظفو الوكالات المصرفية قادرين على تأدية مهماتهم في ظل أصعب الظروف، في مزرعة أو منطقة صناعية صعبة أو حتى على أحد الجبال.
كيف يمكن تحويل البنوك لاستقبال العصر الرقمي؟
في ضوء دراستها لعدد من البنوك مثل بنك الخرطوم في السودان، تقترح شركة ريد كلاود الاستعانة بتكنولوجيا «محرك معالجة التعاملات الحقيقي». إن من شأن هذه التكنولوجيا أن تمكن البنوك من تطوير قاعدة عملائها من بضعة آلاف إلى ملايين العملاء. كما يمكنها أيضًا تطوير بنية تحتية مصممة للتعاملات ذات القيمة العالية أو التي تتضمن مبالغ ضخمة.
تقول سمية حمزاوي، المدير التجاري في شركة ريد كلاود للتكنولوجيا: «تفرض الأسواق الناشئة في العالم العربي ومناطق أخرى تحديًا أمام البنوك التقليدية التي تسعى لتوسيع نطاق عملياتها».
وتضيف: «عادة ما تفتقر المناطق غير الحضــرية الواسعة إلى البنية التحتية الجاهزة التي تتيح إمكانية تطوير منتجات وخدمات ماليــة بســرعة، كما أن تكلفة الدخـــول إلى هذه المناطق النائيـــة تكون باهظة في أغلب الأحيان. وهنا تأتي أهمــية الوكالات المصــرفية التي تمكّن البـــنوك من توسيع نطاق وصـــولهـــا دون أن تتأثر بشكل سلبي».
تشير سمية إلى حقيقة أن أكثر من 80 %من السكان البالغين في المناطق النامية في الصحراء الكبرى بأفريقيا لا يتعاملون مع البنوك أو يتعاملون بمستوى ضئيل أو «مستبعدون فيما يتعلق بالشؤون المالية».

متخصص في شؤون تطوير البرمجيات

وإدارة المشاريع والتكنولوجيا