نحو مؤسسة ائتمانية للأفراد والشركات

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٢/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
نحو مؤسسة ائتمانية للأفراد والشركات

على بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

في ظل تزايد الأنشطة الاقتصادية في السلطنة، ومتطلبات التمويل الفردي والمؤسسي المتزايدة، وزيادة حجم التعاملات المالية والمصرفية على هيئة قروض، وتسهيلات مالية، فإنه من الأهمية بمكان أن تكون لدينا شركة أو مؤسسة تقييم ملائمة مالية تمنح معدلات ائتمان للأفراد والشركات مثلما عليه الحال في الكثير من دول العالم، وتحمي المقرضين من المخاطر التي قد تنشأ من بعض الممارسات الخاطئة في السوق، ومن الأعباء التي تترتب في متابعة حقوق الناس، سواء من أجهزة الشرطة والادعاء العام والقضاء في ملاحقة المتهربين من دفع المستحقات عليهم.

فاليوم نجد أن أكثر القضايا التي تعج بها أروقة المحاكم هي الشيكات المرتجعة أو المرتدة والتسهيلات الائتمانية غير المبنية على الكفاءة المالية، وبيانات عن المقترضين تنقصها الدقة والموضوعية أيضا.
فإنشاء مثل هذه المؤسسات سوف يوفر الكثير من الجهود والأموال التي تهدر سدى، فضلا عن أنها تعزز الثقة بين المتعاملين في الجوانب المالية، كما تعزز الثقة في النظام المصرفي من ناحية عامة وهذا بدوره يفضى لتعزيز ثقة المتعاملين والمستثمرين على النطاق الإقليمي ويعزز إيجابيا سمعة السلطنة على النطاق الدولي.
هذا المنحى عينه يفرض بالضرورة وجود مؤسسات ائتمان ذات قيمة مضافة عالية للقطاع المالي عموما وحمايته من الكثير من الأخطاء في تقييم الملائمة المالية.
بلا شك أن تزايد التعاملات المالية والطلب على التسهيلات على اختلافها من القطاع المالي متمثلا في البنوك وشركات التمويل وغيرها من مؤسسات تعمل على توفير التمويل المالي في البلاد ذو أهمية كبيرة، إلا أن حماية هذه المؤسسات والحفاظ عليها من الأخطاء والعثرات والإخفاقات يعززان الثقة بين المقرضين والمقترضين والمستثمرين من خلال نظام بالغ الشفافية يعمل على توفير تقييم مالي محايد، يعطي «تصنيفا» ماليا بدرجات متفاوتة يجعل الممول على بينة من أمره في تمويل هذا الشخص أو تلك الشركة بناء على كفاءتها ومقدرتها وسمعتها السوقية ارتكازا على قاعدة البيانات المتوفرة والمتجددة بنحو لحظي ويومي ودوري ومن ثم توفير مخرجات تتناسب مع الملائمة المالية للمقترضين والراغبين في التسهيلات المالية، وهو ما يتطلب التعجيل في إنشاء مثل هذه الأنظمة التي تعزز من الحماية للهياكل التمويلية ويقلص حجم المخاطرة على الشركات والمؤسسات التي تتعامل بالدفع المؤجل لشرائح واسعة من المستفيدين.
السوق اليوم في السلطنة بحاجة ماسة لمثل هذه المؤسسات التي توفر تقييم للملائمة المالية للأفراد والشركات لضبط إيقاع تباين البيانات بين المقترضين والمقرضين، وتكون بمثابة وعاء ائتماني معلوماتي موثوق به في الأوساط الاقتصادية يعطي صورة واضحة عن وضع المقترض المالي وفق مؤشرات دقيقة تبنى على أسس من المعلومات المالية التي تظهر تصنيفه الائتماني بدقة.
وسوف يكون مثل هذا النظام ركيزة مالية معتمدة في السلطنة قد تسهم في الحد من التعثر في سداد القروض، وتحسين فرص التمويل للقطاعات الاقتصادية التي لا تعاني من إشكاليات ائتمانية ناتجة عن عدم ملائمة الأوضاع المالية للمقترضين مع الالتزامات المترتبة عليهم، فضلا عن أنها تساعد في تقييم مستوى مخاطر التمويل وتساهم في تقليل متطلبات الحصول على التمويل.
هناك الكثير من التجارب العربية والعالمية في إيجاد مؤسسات ائتمان داخل الدول تعمل على إيجاد تقييمات للمؤسسات والبنوك التي تمول المشتريات والاستثمار والأطر والقوانين التي تنظم عملها، يجب الاستفادة من تجاربها ‏في تطوير النظام الائتماني في السوق العماني.
هذه النظم معمول بها في العالم إذ مناط بها إصدار التقييمات للاقتصاديات والتنبيه بوقت مبكر لأي نذر أو احتمالات لانهيارات وشيكة للأسواق المالية كما حدث في بعض دول المنطقة في فترات سابقة.
ربما تكون هناك بعض المخاوف من سرية البيانات والمعلومات عن العملاء وغيرها، فهذه الجزئية من الممكن وضع ضوابط لها تحدد طبيعة المعلومات والبيانات التي تكون تحت تصرف هذه المؤسسات، كأن لا تظهر بيانات شخصية للمتعاملين وغيرها من البيانات ذات الطابع الحساس، وبالتالي يقتصر عملها على تقييم ائتماني بالأرقام أو الرموز والشفرات، رغم أن المؤسسات الدولية وخاصة شركات الماستر كارد والفيزا لديها معلومات ائتمانية عنا كغيرنا وهي تستخدمها فقط في الإطار الرسمي والخاص بسلامة المعاملات المالية، وبالتالي يجب علينا الثقة في أنظمة هي أصلا تحت تصرفنا بالكامل، وهو خيار أفضل بالتأكيد من أن نقبع تحت وصاية غيرنا.
نأمل أن نرى مثل هذه المؤسسات التي يفتقدها السوق العماني نظرا لأهميتها في حماية السوق التمويلي والحد من الممارسات الخاطئة في الشراء الآجل بدون ضمانات كافية وبدون تقييم ملائم بالغ الدقة يربك المشهد التمويلي ويضفي أعباء على الكثير من الجهات هي في غنى عن مثل هذه الأوجاع والآلام. فالوقاية كما يقال خير من العلاج وخير البر عاجله في إيجاد مثل هذه المؤسسات.