ما بيننا.. والمحروسة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٢/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
ما بيننا.. والمحروسة

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

لم نزايد يوماً على محبتنا لمصر، ولا كانت مشاعرنا صوب "المحروسة" وفق ترمومتر المصالح السياسية، فإن انساب نسيمها ملنا إلى الكلام العاطفي كثيراً، وإن ارتفعت حدة الزوابع انطلقت ألسنتنا نيلا من بلاد النيل.
ولم يكن الخطاب العماني إلا جزءاً من شخصية الإنسان في هذه البلد، لم يرفع عقيرته بالقدح يوم أن اختلفت لغة المصالح ولا علا صوتها بالمدح يوم أن ارتفع مؤشر التقارب؛ لأن علاقتنا بأشقائنا أرقى من أية مصلحة، وعلاقاتنا مع الجميع يد ممدودة بالاحترام والمحبة، فلا تخدشها "المواقف المؤقتة" ولا تنال منها حدّة الأصوات وهي تتعالى، فإيماننا بما يجمعنا أقوى من أن نصوّب سهام الألسن (ضد) أخوة وأشقاء.. وإن تغيّر اتجاه الريح.. ملنا حيث تميل.
مصر التي اختارت "كامب ديفيد" احترمنا خيارها، وكنّا معها حينما كان حسني مبارك.. وحينما كان محمد مرسي.. وحينما كان عبدالفتاح السيسي، ببساطة متناهية؛ لأن علاقتنا بحاضرة العرب.. لا بمن يختاره شعبها حاكماً، فتتغير الأسماء والاتجاهات، وتبقى الأرض لا تتغيّر، بحضارتها وإنسانها.
وحينما يشيد البرلمان المصري بمواقف جلالة السلطان المعظم تجاه مصر فإنها إشادة بكل عُماني رأى في مصر البلاد التي تبقى فوق الرهانات الزائلة، فعُمان التي تقف مع أشقائها في وقت المحنة لا تشترط عليهم حالة التناسخ في المواقف؛ لأن الاحترام يبقى، وغيره يبقى هشاً، يتحول مع تحوّل المصالح، وتبدل المواقف.
ولا تحتاج العلاقة بين عُمان (المحبة) ومصر (المحروسة) لتنشيط يتم تأويله "سياسياً" في فترة تأزم علاقات آخرين؛ لأن اليد الممدودة بين مسقط والقاهرة لم يصبها الجمود الذي يعتري العلاقات أحياناً؛ لأن علاقتنا بمصر مرتكزها الأول والأخير: الأرض والإنسان، بمنأى عن نزق السياسة وتطلعات الاستثمار.. ومقاصد الإعلام وهو يدق الطبول.. للحرب أو للرقص على الحبال.
كمواطن عُماني أجد مصر البيت الذي لا غنى عنه، ويكفي أن نقول إننا من عمان، بضم العين، حتى يتبادر إلى محدثنا اسم "السلطان قابوس" مع إشادة بمواقفه وحكمته، والمنعكسة احتراماً نجده في كل بلد نذهب إليه.
أتمنى أن نستثمر هذا الأفق الناصع في العلاقة مع المحروسة بما يعود بالنفع على أبناء البلدين، عُمان الصغيرة بعدد سكانها، لكنها الكبيرة بمكانتها، ومصر العظيمة بتاريخها وعدد سكانها، والثرية بكل ذلك.
ليس بوسعنا إنكار أن مصر تسير في عروقنا كنبض عربي ممتد، منذ أن تعلمنا حروف الأبجدية على يد أبنائها، وليس مروراً بحكاياتنا وسهراتنا، وليس تجاوزاً لأدبائها وشعرائها وعلمائها، وكل ما يمت إلى هذه البلاد بصلة "احترام" تفوق أي هواجس أخرى أو سوء ظن لم نعرفه يوماً في علاقتنا "السياسية" معها، على امتداد سنوات العهد العُماني بالسياسة، وهو يعود إلى آلاف السنين.. كما هو شأن المحروسة.