شــي جين بينج وعام محـفــوف بالمخــاطر

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٩/يناير/٢٠١٧ ١٢:٣٩ م
شــي جين بينج وعام محـفــوف بالمخــاطر

ربما يبدو من السَخَف أن نقترح أن الرئيس الصيني شي جين بينج، الزعيم الأقوى في البلاد منذ ماو تسي تونج، قد يتعرض لمخاطر في العام 2017. ولكن المظاهر خادعة، وقد لا يكون توطيد سلطته حصينا كما يبدو. وسوف يأتي الاختبار العام المقبل، عندما يعقد الحزب الشيوعي الصيني المؤتمر الوطني التاسع عشر لاختيار فريق جديد من القادة للعمل تحت قيادة شي.

من المؤكد أن شي، منذ أصبح الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر 2012، قطع خطوات كبيرة نحو ترسيخ سلطته. ففي إطار حملة مناهضة الفساد المتواصلة، سجن شي أكثر من 200 من كبار المسؤولين والجنرالات كثيرون منهم أعضاء في فصائل منافسة. ومع عجزهم عن شن هجوم مضاد فعّال، شاهده خصومه هو يرفع مؤيديه إلى مناصب رئيسية في الحزب. لكن هذا قد يتغير في مؤتمر الحزب العام المقبل. ورغم أن شي يضمن ولاية ثانية، فربما يضطر إلى النضال للتغلب على معارضة سلسلة من قرارات التعيين التي من المتوقع أن يتخذها أو يرفض اتخاذها.

في عصر ما بعد ميدان السلام السماوي، تجنب الحزب الشيوعي الصيني الصراع على السلطة من خلال تحديد الرئيس التالي ورئيس الوزراء قبل سنوات من تسليمهما السلطة فعليا. ففي العام 1992، اختار دنج شياو بينج زميله هو جين تاو لكي يتولى السلطة في العام 2002. وفي العام 2007، وافق كبار قادة الحزب على تعيين شي خليفة للرئيس هو جين تاو، قبل خمس سنوات من انتهاء ولاية الأخير.
لكن هذا النظام غير رسمي، وهو بالتالي غير قابل للتنفيذ قسرا. ولهذا ففي حين يسعى الحزب الشيوعي الصيني العام المقبل إلى اختيار الرئيس ورئيس الوزراء اللذين سيتوليان السلطة في العام 2022، لا يوجد ما قد يضمن مجاراة شي لهذا الاختيار. ففي نهاية المطاف، في حال عدم اختيار خليفة، سوف يتمتع شي بقدر هائل من المرونة في العام 2022، فإما أن يسعى إلى ولاية ثالثة أو يعين شخصًا مواليًا خليفة له. وإذا تم اختيار خليفة في المقابل وهي نتيجة أفضل كثيرًا لمصداقية الحزب الشيوعي الصيني وشرعيته فسوف يتحول شي إلى رئيس بلا صلاحيات.
وبالإضافة إلى المواجهة المتوقعة بشأن قضية الخلافة، ربما يواجه شي أيضا مقاومة بشأن مسألتين إضافيتين بخصوص تعيين هيئة الموظفين.
الأولى تتعلق بحجم اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، وهي أعلى هيئة صانعة للقرار في الحزب، والتي يشغل مقاعدها حاليًا سبعة أعضاء، خمسة منهم من المتوقع أن يتقاعدوا العام المقبل، بعد أن بلغوا الحد الأقصى للسن القانونية. وإذا عين شي ثلاثة فقط، واكتفى بلجنة مدمجة من خمسة أشخاص ويغلب عليها أشخاص من الموالين له، فسوف يحقق بهذه الهيمنة الكاملة على مستوى القمة. ولكنها لن تكون مناورة سهلة، لأن منافسيه سوف يعارضونها بشراسة.
تتعلق القضية الثانية بمصير وانج تشي شان، رئيس لجنة الانضباط في الحزب الشيوعي الصيني وقائد حملة شي لمكافحة الفساد. فإذا تقاعد وانج العام المقبل، كما تقضي قواعد الحزب، فسوف يخسر شي حليفه الأكثر جدارة بالثقة. ولكن إذا ظل وانج في منصبه، فربما يرفض أعضاء اللجنة الآخرون الذين بلغوا سن التقاعد الامتثال لهذه القاعدة، وهو ما يعني فعليا إنهاء حدود سن التقاعد لمسؤولي الحزب الشيوعي الصيني.
ونظرا لسجل شي الحافل بإخضاع خصومه بلا أي جهد تقريبا في السنوات الأخيرة، فمن المغري أن نراهن على أنه سوف يخرج منتصرًا من مواجهة العام المقبل. ولكن هناك أمر يستحق النظر: فلابد أن توقع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على التغييرات الرئيسية المقترحة لكبار الموظفين، وبرغم إلقاء القبض على تسعة أعضاء، فإن نسبة كبيرة من أعضائها الذين يبلغ عددهم 205 عضوًا لا زالوا موالين لخصوم شي. وإذا تمكنوا من العمل معا والفوز بدعم كبار المتقاعدين من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني سابقا أشخاص مثل الرئيس السابق جيانج تسه مين، الذي يظل يتمتع بنفوذ كبير فربما يصبح بوسعهم تخريب أفضل خطط شي.
من الأسلحة السياسية التي ربما يستخدمها خصوم شي استغلال سجل إخفاقاته السياسية منذ العام 2013، بما في ذلك التباطؤ الاقتصادي المستمر، وارتفاع الديون إلى عنان السماء، والتقدم البطيء على مسار إعادة الهيكلة الاقتصادية، والفقاعة العقارية. وحتى مبادرة «حزام واحد، طريق واحد» التي روج لها كثيرا، والتي تهدف إلى ربط آسيا بأوروبا عبر سلسلة من مشاريع البنية الأساسية الكبرى، ربما تكون نقطة ضعف بالنسبة لشي، إذا قرر قادة الحزب الشيوعي الصيني أنها طموحة بدرجة أكبر مما ينبغي.
وتصبح مقاومة أجندة شي أكثر ترجيحا، لأن المشاكل الاقتصادية التي تواجه الصين تتجه في ما يبدو إلى التفاقم في العام المقبل. ومع انحسار تأثير التحفيز الذي يتغذى على الائتمان، فسوف يزداد تباطؤ النمو. ومن الممكن أن تتسبب أي صدمة خارجية، مثل حرب تجارية يشنها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أو حتى الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة الأميركية، في دفع قيمة اليوان الصيني إلى المزيد من الانخفاض، وهو ما قد يعجل بجولة جديدة من هروب رؤوس الأموال. وإذا انهارت السوق العقارية الساخنة في المدن الصينية من الدرجتين الأولى والثانية فسوف تتسارع وتيرة هروب رؤوس الأموال، من خلال فرض ضغوط هائلة على النظام المالي المثقل بالأعباء بالفعل بسبب القروض الرديئة.
من المستحيل أن نعرف من سيخرج منتصرًا من الصراع على السلطة في الصين العام المقبل. في اللحظة الراهنة، يبدو أن شي، الذي تُوِّج للتو «زعيما أساسيا» للحزب، يمسك بزمام الأمر. ولكن من الخطأ أن نستبعد كيد خصومه، الذين لن تكون المخاطر بالنسبة لهم بسيطة على الإطلاق: ويمثل مؤتمر الحزب الشيوعي التاسع عشر في نهاية المطاف فرصتهم الأخيرة للحفاظ على نظام ما بعد ميدان السلام السماوي. وهذا يعني أن 2017 سوف يكون عامًا محفوفًا بالمخاطر التي تهدد شي.

مينشين باي أستاذ الإدارة الحكومية في كلية كليرمونت ماكينا، وكبير زملاء غير مقيم لدى صندوق

مارشال الألماني للولايات المتحدة.