التفحيط.. بين الهواية والإجرام

بلادنا الأربعاء ١٨/يناير/٢٠١٧ ١٥:٤١ م
التفحيط.. بين الهواية والإجرام

خاص –
خرجوا بعد أدائهم امتحانهم المدرسي، متجهين لمنازلهم وإذا بشاب متهور فقد السيطرة على مركبته وتدهورت في أربعة طلاب مخلفاً مشهداً دموياً أمام مدرستهم الواقعة في ولاية المصنعة يوم أمس.

الأمر الذي أكده بيان صادر من قبل شرطة عُمان السلطانية أمس قالت فيه: إن 4 طلاب أصيبوا إصابات متفاوتة في حادث تسبب فيه سائق مركبة أثناء استعراضه وقيامه بتفحيط الإطارات أمام المدرسة الواقعة في ولاية المصنعة بمحافظة جنوب الباطنة، مما أدى إلى تدهور المركبة واصطدامها بجسم ثابت ودهس ثلاثة طلاب وإصابة المرافق، وبانتقال رجال الشرطة والإسعاف إلى موقع الحادث تم نقل المصابين إلى مجمع صحي المصنعة، فيما تم إلقاء القبض على المتسبب في الحادث وحجزه على ذمة التحقيق.

مشهد يتكرر بشكل واضح ليس في ولاية المصنعة فقط بل في جميع ولايات ومحافظات السلطنة تقريباً، حيث يقول أحد المفحطين والذي رفض الكشف عن اسمه لكنه يتحدث عن رأيه في هذه الأمر قائلا لـ«الشبيبة»: اعتاد بعض الشباب منذ الصغر على المحركات القوية والسيارات الرياضية، وأنا أحدهم فقد بدأت ممارسة التفحيط مع أصدقائي. مشيراً إلى أنها أصبحت تقليداً تتعلمه الأجيال في أماكن خاطئة، وذلك لأن المجتمع والعائلة كانا سبباً في عدم مشاركتهم في حلبات سباق مصرحة «كالجمعية العُمانية للسيارات»، حيث إن النظرة السائدة أن «التفحيط» تسبب في هلاك الأرواح سواء كان بشكل قانوني أو غير قانوني، مضيفاً خلال حديثه أن وجود ثقافة لدى المجتمع والحكومة بإنشاء حلبات استعراض بمواصفات سلامة عالية في محافظات السلطنة التي تكثر فيها هذه الأنشطة غير القانونية سيحد من تفشي ظاهرة التفحيط في الطرقات. ويتابع: كما هو ملاحظ يتم تزويد المركبات في حفلات الزفاف بأصوات فقط من غير تفحيط ولا إيذاء لمستخدمي الطريق إلا أن شرطة عُمان السلطانية تحد من هذا الأمر بحكم أنه مجرم قانوناً.
من جانب آخر يحكي لنا حمدان البلوشي قصته بعد تعرضه لحادث بسبب مفحط قائلاً: كنا مجتمعين أنا وأصدقائي للعشاء، وتلقيت اتصالاً هاتفياً من أحد أصدقائي لمشاهدة تفحيط السيارات، وقد رفضت وكانت هي المرة الأولى التي أرفض فيها الذهاب لحضور الاستعراضات ولكن إصراره دفعني للذهاب.
ويتابع: بعدها وصلنا إلى مكان الاستعراض، وبدأنا بالمشاهدة، ثم طلبت منهم المغادرة لكن أحد أصدقائي طلب مني الانتظار لمشاهدة آخر سيارة استعراض، وفجأة رأيت جميع الناس تركض والتفت للخلف وإذا بسيارة مسرعة باتجاهي فاصطدمت بي. بعدها تم نقلي إلى المستشفى وقاموا بإجراء عملية لي، حيث فقدت بسبب الحادث إحدى ساقيّ. ويوجه البلوشي نصيحة لجميع من يحب التفحيط بأن يمارسه بالشكل الصحيح وفي المكان الصحيح.

اقرأ أيضا: مفحط يدهس طلاب بالمصنعة.. والشرطة تقبض عليه

من جانبه، يوجه المدرب في الجمعية العمانية للسيارات علي البلوشي نصيحته لكل مفحط غير قانوني بالانضمام إلى الجمعية العمانية للسيارات فهي المكان الآمن لهذه الرياضة، وهي تفتح أبوابها لجميع عشاق هذه الرياضة وتوفر الجمعية دورات تثقيفية للمتسابقين في كيفية التجهيز للسباق واستخدام سيارات السباق وكل المتطلبات التي يحتاجها المتسابق، مشدداً على عدم ممارسة هذه الرياضة في الأماكن العامة والسكنية لكونها تفتقد لأنظمة السلامة، وتشكل خطورة كبيرة جدا على مستخدميها.
وكان مصدر مسؤول بشرطة عُمان السلطانية قد صرح لـ«الشبيبة» في وقت فائت قائلاً: إن بعض الشباب يلجأون إلى ممارسة هواية التفحيط أو الاستعراض بالسيارات اعتقادًا منهم أن هذا العمل يمثل شكلاً من أشكال البطولة، متناسين المآسي التي وقعت نتيجة أمثال هذه الاستعراضات، مشيرًا إلى أن ممارسة هذه اللعبة الخطرة تكثر في أيام المناسبات والإجازات وفي الإجازات الطويلة، ناهيك بالطبع عن ظهور هذه الممارسة عقب نتائج المباريات الرياضية، حيث يلجأ الشباب للتعبير عن فرحتهم بفوز النادي الذي يميل إليه ويشجعه، أو بفوز المنتخب الوطني أو حتى فوز منتخبات وأندية أُخرى خليجية وعربية وأوربية، حيث تتولد لدى البعض رغبة في التعبير عن فرحته بأسلوب يراه مناسبًا دون التفكير في النتائج.
وردًا على سؤال فيما إذا كانت هناك مناسبات تسمح فيها شرطة عمان السلطانية بممارسة التفحيط أشار مؤكدًا أنه لا توجد في الأساس لدى الشرطة مناسبات تسمح فيها وأخرى لا تسمح فيها بالتفحيط، فهذه الأفعال والتصرفات جميعها ممنوعة قانوناً ويعمد البعض إلى قطع بعض الطرقات الداخلية المسفلتة واستخدامها كميادين وحلبات لممارسة هذه الهواية مما يخلف آثارًا غير حميدة لدى من يمارسها أو يستمتع بمشاهدتها.
وأكدت الشرطة أن على الأسرة دورا كبيرا في التصدي لهذه الظاهرة، وذلك بحسنِ تربيتهم ومراقبتِهم لسلوك أبنائهم وعدمِ تمكين الصغار منهم من قيادة السيارة، فبعض الآباء يشتري الموت لأبنائه وهو لا يشعر، وربما يكون دور الأسرة هو الدور الفعال في مراقبة سلوكيات الأبناء ونبذ هذه الأفكار والممارسات من أذهانهم واستغلال أوقات الفراغ.