الجوع والمرض يجتمعان في اليمن.. وشهداء يسقطون بلا معارك

الحدث الأربعاء ١٨/يناير/٢٠١٧ ٠٦:١٦ ص
الجوع والمرض يجتمعان في اليمن.. وشهداء يسقطون بلا معارك

عدن - إبراهيم مجاهد

بعد أن اصطدم كغيره من الموظفين بأزمة عدم صرف الرواتب.. اضطر لمغادرة المنزل الذي استأجره في أحد أحياء العاصمة ليقطن آخر عبارة عن دكان؛ لتفادي ارتفاع تكلفة الإيجار، لكن الحال ظل في تدهور مطرد.

يقول أحد جيرانه إن الحال وصل به إلى الاعتماد على ما يجود به الناس وصارت وجبات أسرته اليومية تقتصر على «الكدم والماء»، بحسب قوله.

(م.س) وُجِد قبل أيام ميتاً في «الحانوت» بعد أن غادرت زوجته مع أهله الذين استاؤوا من الوضع واعتبروه أهان كرامة ابنتهم فأخذوها مع أطفالها الثلاثة وفقاً للعرف القبلي، ليبقى (م.س) وحيداً حتى أتاه الموت.

في اليمن هنالك معركة جديدة بلا جبهات.. إذ بات هناك شهداء للجوع وشهداء للمرض الذي ينتشر، كما أن هناك شهداء للحرب.. حياة اليمنيين باتت كل يوم تزداد سوءاً، فمعاناتهم تتضاعف بين الحين والآخر، ولا يوجد ثقب أمل يحيي رميم نفوس أجساد ينخرها الجوع لتفقد كل يوم جزءاً من أوزانها حتى غدا البعض أشباحاً تمشي على الأرض، بالذات بعد انقطاع أهم شريان يعتمد عليه محدودو الدخل موظفو الدولة، والتي توقفت منذ أربعة أشهر، وهناك مَن وصلت فترة انقطاع رواتبهم إلى أكثر من عام كالمشمولين في الضمان الاجتماعي والمتعاقدين بالأجر اليومي مع الدولة.
وسبق ذلك أن فقد قطاع واسع أعمالهم في القطاع الخاص قبل فقد عمال وموظفي الدولة رواتبهم بسبب اندلاع الحرب والنزاع المسلح، وحتى الشركات التي لا زالت صامدة تضطر بين الحين والآخر للاستغناء عن عدد من موظفيها بسبب عجزها عن الإيفاء بالتزاماته كاملة؛ نتيجة ركود الوضع الاقتصادي.

خيبة أمل

عوامل مرهقة أدت إلى أن 85 % من الفقراء الجدد باتوا يعيشون على وجبة واحدة باليوم، وفقاً لخبراء اقتصاديين، إذ تفشى الجوع والمرض ومنها مرض الكوليرا والحميات المتعددة.
يقول الخبير الاقتصادي عبده زيد المقرمي: إن الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته وحلفاءه خيبوا ظن اليمنيين، إذ إنهم بعد نقل البنك عجزوا عن الوفاء بالتزامات البنك لموظفي الدولة والذي يفترض أن يطبق فيه الالتزامات حتى أغسطس 2014 لكنهم لم يوجِدوا آلية لمواجهة معاناة موظفي الدولة وضمان تسليم الرواتب لجميع موظفي الدولة والذي اتضح أنها المحرّك الرئيسي للعجلة الاقتصادية ومحاربة الفقر بحكم التكافل بين أفراد المجتمع برغم ضعف نسبة دخل الموظف الذي يمثل أقل نسبة دخل بالعالم، حيث أقل دخل يصل إلى 100 دولار شهرياً، ناهيك عن عدم قدرة الدولة على معالجة الأوضاع الإنسانية وغيرها في المناطق المحررة نفسها والتي ما زالت تعاني من عدم معالجة أوضاع المواطنين فيها.

الأثاث مقابل الطعام

(لطيفة. ن).. تزداد تعاريج وجهها وهي تسرد قصة أسرتها مع الجوع والألم.. زوجها باع كل أثاث البيت بثمن بخس وهو يكافح لتوفير لقمة العيش (خبز وماء)، وأحياناً شاي وأحياناً أخرى خبز و«الإدام» (مسحوق الطماطم) فقط، كون الألبان والشاي لم تعد في القائمة، على حد تعبيرها..
يضيف عمار الشرعبي: الأمور تنزلق نحو الهاوية والكارثة تتخبط الجميع وليس هناك قادر على الحل.. ويقول الشرعبي وهو صاحب بقالة «متجر لبيع المواد الغذائية»، إن أحد زبائنه كان يسدده نهاية كل شهر 20- 30 ألف ريال يمني قيمة احتياجاته وأسرته، إلا أنه اضطر إلى إيقاف الدين بعد أن وصل إلى مئة ألف ريال.
يعيش المواطن اليمني اليوم فاقد أمل الحياة تماماً؛ بسبب ما يتجرّعه من ويلات رحى أطراف النزاع المسلح التي جعلت من المدنيين من أبناء المجتمع، فريسة لها، وجعلت من أتباع الأطراف يعيشون في رعاية خاصة من أطرافهم خلافاً عن بقية المدنيين، فكل ما يُقدم من مساعدات ومعونات تصل إلى أطراف الصراع وهم بدورهم يوزعونها لأتباعهم فقط، وكل طرف وأتباعه يعمل على تمديد الحرب ليحقق مكاسب تلو المكاسب للاستثمار بالنزاع وبناء قوتهم والاهتمام بأتباعهم فقط.