(1100)

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٨/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٢ ص
(1100)

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

عزمت يوماً على إجراء تحقيق عن العنف ضد الأطفال، وكنت يومها محرّرة متدرّبة في قسم التحقيقات الصحفية، فقصدت مركزاً معنياً بحماية الأطفال وعُرضت عليّ صورٌ، أستطيع القول بعد 15 عاماً أو يزيد، إنها لا زالت حيَّةً شاخصةً في مخيلتي وكأني رأيتها بالأمس!

أحد الأطفال، وأخاله صار اليوم رجلاً، كان في السابعة من عمره وقد ضربه والده حتى سلخ جلده وظهر لون لحمه! سألتهم عن تبريره لهذا الضرب الوحشي فقيل لي إن الأب كان قد أعياه التعب من العمل فخلد للنوم وأيقظه الطفل بجلبته ولعبه، فضربه «لأنه لا يسمع الكلام» ورفض أخذه للمستشفى لما ساءت حالته وظل يبكي من الوجع لساعات «خوفاً من المساءلة بالطبع» لكنه اضطر أخيراً لإيداعه للمشفى ليلاً وأدّعى وقتها أن ابنه قد «وقع» فآذى نفسه وعندما انكشف أمره قال بوقاحة «إنه ابنه وهو حر في تأديبه»!
وكم من الجرائم ارتُكبت في حق الطفولة باسم «التأديب». أحدهم أحرق فخذ ابنه مراراً بملعقة ملتهبة؛ لأنه كان يكتشف جسده بلمس نفسه بدعوى «تربيته» وهو لعمري مزيج من الجهل والوحشية. وللأسف العقوبات بحق هؤلاء تكون معدومة أو بسيطة. وكثيراً ما يُعاد الطفل لذات المنزل الذي تأذى فيه. فنظامنا الاجتماعي لا يسمح بزرع أطفال في عائلات جديدة كما يحدث يومياً في دول الغرب.
قبل أيام فقط، تداول المستخدمون في الخليج مقاطع لأب يُعذّب ابنته الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها أشهراً لقهر طليقته! وكان الأب يصوّر المشاهد ويرسلها لأمها ليحرق قلبها وحسناً فعل بنشر المقطع ليأتي المدد للطفلة من الجهات المختصة بعد ضغط جماهيري واسع.
تذكرت كل هذا وأنا أرى أخبار تدشين وزارة التنمية الاجتماعية لخط مجاني للتبليغ عن أية حالات إساءة للأطفال. وخزّنت الرقم فوراً في هاتفي المحمول لما شهدتهُ، غير ذي مرة، من حالات إساءة علنية لأطفال من قِبل ذويهم في أماكن عامة وعلى مرأى ومسمع الأشهاد الذي يحارون في كيفية التدخل في مواقف كتلك. أغلب تلك المواقف التي رصدتها كان أبطالها وافدون. ومن حسن الطالع أن الخط ليس مختصاً بالحالات المتعلِّقة بأطفال المواطنين فحسب بل بكل مَن يعيش على أرض السلطنة وافداً كان أم مواطناً.
في حفل تدشينها لهذه الخدمة أقرّت لجان الحماية بأنها تعاملت مع 299 حالة اعتداء في 2016م فقط «وهو عدد كبير» وتوزعت الحالات على الشكل التالي:
الإهمال 55%، وإساءة جنسية 24%، وإساءة جسدية 18%، وإساءة نفسية 3%.
الخط المجاني لحماية الطفل (1100) رقم يجب أن يسجّله المعلمون والباحثون والأطباء بل والوالدان للتبليغ عن المخاطر. فحماية الطفولة واجــب عام مطلق على كل فرد فينا. فما دام الطفل مهيــض الجناح عاجزاً عن الدفاع عن نفسه وحمايتها، فله على الجميع -وأعنى الجميع- حق العناية والرعاية.