أرقام.. وماذا بعد؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٨/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
أرقام.. وماذا بعد؟

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby

خلال الأسابيع الأولى من السنة الجديدة انهالت علينا الأرقام بصورة تحيلنا إلى صورة هذا العالم الرقمي الذي نعيش فيه، وليس لنا إلا الحيرة من هذه المتابعة، أو الشعور بالصدمة، ومع تكرارها فإننا نكاد نشعر بفقدان التوازن.

هناك أرقام الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2017، ومسميات كثيرة تقبع تحتها أرقام أكثر، والمعوّل الأول هـــو ســـعر برميل النفط، إلى أين يذهـب بهــذه الحسابات؟
وهناك أرقام تلتها في خبر عمّا أنفقه السياح خلال مهرجان خريف صلالة السياحي، وتلك الملايين لا أعرف ماهية الآلية التي احتسبت بها، وهل أضيفت ملايين الريالات تدخل إلى جيوب الآسيويين القابضين على محلات بيع «المشلي والفواكه الاستوائية» على طوال الشوارع الداخلية لمدينة صلالة، أو عشرات المطاعم المتناثرة في سهل إيتين يمسك بزمام أغلبها من جاؤوا لطلب الرزق من خارج السلطنة، وهو وفير.. والحمد لله، لكنه لمن يشمّر عن ساعديه ليعمل بتفانٍ.
وهناك أرقام طرحها وزير القوى العاملة خلال يومين تحت قبّة مجلس الشورى، والأعضاء يعرفونها جيداً، وما وراءها من خبايا، لكن مبالغ التحويلات للخارج صادمة، ومع ذلك تطلب الشركات (كبيرها وصغيرها ومتوسطها) المزيد من العمّال الأجانب، كما يطلب الأفراد أيضاً، حيث بقيت النخلة في بلادنا رهناً بذلك العامل الآسيوي والذي تكمن أهميته أنه أبقى عليها حية، ولولاه فربما مات كثير منها لفرط إهمالنا لهذه الثروة، وانشغالنا بالوظيفة الناعمة، المضمون عائدها، طالما أنه يأتي من خزانة الدولة، بكيفية ما، والعودة إلى النقطة الأولى هو ما تشــكله هذه الأرقام من ضــغط على الدخل الوطني، العبء الذي لا يأتي بعائد إنتاجي موازٍ.
الموازنة وأرقامها، ودخل أهم مهرجان سياحي.. أسس احتسابه والمستفيدون منه، ووصولاً إلى قضية الباحثين عن عمل، وما يدفع من ثمن على مستويات عدّة بسبب ضغوطها، وكلما مرّ عام تضخمت الأرقام أكثر.
تبدو مفارقة: ارتفاع أعداد الباحثين عن عمل وعدد العمال الأجانب في البلاد.
ومَن يعرف حيثياتها يرى أن الأمر طبيعي، فاحتياج التنمية يتصاعد مع ارتفاع نسبة العمال الوافدين في شرائح لا يمكن تصور تعمينها، وبعضها ربما يمكن ولكن ليس على المدى المنظور: عمال النظافة، عاملات المنازل، البناؤون، فيما أخفق تعمين محلات الخياطة (على كثرتها) لضعف الثقة، حيث تفضيل الوافد (رغم ارتكابه للأخطاء) على ابنة البلد!
كيف نجيّر هذا الإنفاق السخي على السياحة ليكون محلياً ويصبّ في (ساقية البلاد) بما يروي أشجارها، وكيف نحد من التحويلات العالية للخارج؟
يبدو أن إيجاد بيئة حقيقية لتعمين الوظائف في القطاع الخاص بيت القصيد في أزمات نعيشها: أزمة اقتصادية، أزمة هوية، أزمة اجتماعية نتيجة ضغوط جيل قادم لا يجد فرصة عمل، والعمل بأسلوب «المسكنات» لن يفيد طويلاً، حيث توطين «آسيوي» يطل بوجه سافر مع وجود الآلاف لعشرات السنين في بلادنا، ويصبح «اللوبي» أكثر تغوُّلاً في شريان حياتنا الاقتصادية.