مؤتمر باريس.. عزلة إسرائيل تزداد وترامب قد يعيد عقارب الساعة إلى الوراء

الحدث الثلاثاء ١٧/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
مؤتمر باريس.. عزلة إسرائيل تزداد وترامب قد يعيد عقارب الساعة إلى الوراء

مسقط – محمد محمود البشتاوي

خلافاً لما تطمح إليه القيادة الفلسطينية في مؤتمر باريس، ترسخ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قواعد جديدة للتعامل مع الأطروحات الفرنسية للسلام في الشرق الأوسط، عبر المتغير الأمريكي المتمثل في وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض؛ فلا غرابةَ مثلاً أن نجد موقع «المصدر» الإسرائيلي الناطق باللغة العربية، أن يروِّجَ لانقلابٍ قريبٍ في السياسة الخارجية الأمريكية يقودهُ صهر ترامب جاريد كوشنر، الذي قد يعينُ وسيطا خاص للسلام في الشرق الأوسط من قبل واشنطن.

وعلى خطٍّ موازٍ، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف يطرحُ في تحليلٍ تساؤلي إن كان ترامب يمكنهُ «تجاوز إخفاق أوباما مع إسرائيل؟»، منتهياً إلى أنه «يمكن تصحيح العلاقات الأمريكية-الإســرائيلية من خلال إدارة جديدة عازمة على إعادة العلاقة الحميمة والهدف المشترك إلى هذه الشراكة. حتى أنه بإمكان واشنطن تعزيز عملية السلام الإســـرائيلية-الفلسطينية إذا كان البيت الأبيض على استعداد للتفكير خارج حدود المبادئ الفاشلة القائمة على العمل من القمة إلى القاعدة التي أعرب عنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بشغف كبير، إن لم نقل بإيجاز شديد».

أولَ مؤشرٍ على توجه الإدارة الأمريكية في الاصطفاف إلى جانب الحكومة الإسرائيلية، ما أعلن عنهُ ترامب، من نيَّةِ نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس.
مؤتمر باريس الذي أجمعت فيه الدول - باستثناء بريطانيا - على حل الدولتين، ورفض أي خطوات أحــاديـة، يؤشــر إلى عزلة دولية تعيشــها إسرائيل، لاســيما أنه يأتي بعد أن اعتمـــد مجلــس الأمــن الدولي القرار رقم 2334 الـــذي طالـــب إسرائيل بوقـف الاسـتيطان.
إذا؛ ثمة من يراهنُ في واشنطن وتل أبيب على حصانِ ترامب في تغيير قواعد اللعبة، بيدَ أن هذه ليست كل أوراق النزاع، فكيفَ يفكر الفلسطينيون في هذا السياق؟.
يمكن الانطلاق من رؤية كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات، الذي قال في تصريح سابق لـ»الشبيبة»: إن سياسة ترامب ستحدد مستقبل المنطقة، الأمر الذي يعني أن الفريق الفلسطيني يسعى أيضاً إلى كسر خطوط التحركات الإسرائيلية.
عريقات الذي أجرى جولةً أوروبية، إلى جانب زيارةِ موسكو، سلّمَ إلى وزير الخارجية الروســية سيرجي لافروف رســـالة إلى الرئيس فيلاديمير بوتين، يطلب فيها الرئيس عباس تدخلهُ لدى واشنطن لمنع نقل السفارة،
وأكد أن «السلطات الفلسطينية تقوم بخطوات استباقية لمنع كارثة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لأن القضية الفلسطينية هي مفتاح السلام في المنطقة ولا أحد يستطيع التخلي عنها». وأشار عريقات إلى أن «إسرائيل ليست إلا دولة وظيفية للولايات المتحدة بالذات في المنطقة»، وهو توجه مستجد لدى السلطة الفلسطينية التي بقيت لطوال سنوات حبيسة التواصل مع واشنطن لحل الصراع مع إسرائيل.

نتائج دون المستوى

ينظر كبير المفاوضين الفلسطينيين إلى نتائج مؤتمر باريس بتفاؤلٍ كبير بعد أن أقر الاجتماع حل الدولتين، معتبراً أن الدول التي حضرت المؤتمر عبرت عن «رفض الاحتلال والاستيطان وضرورة الالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني يوجه رسالة إلى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بأنه لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم دون إنهاء الاحتلال العسكري عن فلسطين السبب الرئيسي في العنف والإرهاب».
الباحث في معهد واشنطن غيث العمري، الذي خدم سابقاً في العديد من المناصب الاستشارية مع السلطة الفلسطينية، رأى أن آمال الفلسطينيين حيال المؤتمر «مبالغ فيها»، ومخاوف إسرائيل «مضخّمة»، معتبراً أن اجتماع باريس قد يؤكد «إلى خيبة أمل بالنسبة لأشد المتحمسين والمنتقدين له على السواء. فكما يقول المسؤولون الفرنسيون باستمرار، لا يُقصد من مبادرتهم أن تكون تحوّلية، إلا أنها تهدف إلى الحفاظ على حل الدولتين، وخلق الحوافز التي تقرّب الطرفين من المفاوضات المباشرة».
وأكد العمري أن اعتراض إسرائيل على نتائج المؤتمر ينطلق من مبدأ «أنهــا تعارض فكرة التدويل. كما سترفض أي انتـقــاد معيّــن لســـياساتها، وخاصـــة حـــول المستوطنات».
الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي، رأى أن نتائج مؤتمر باريس للسلام لم ترق إلى المستوى المطلوب، وما تحقق فيه أقل بكثير مما كان متوقعاً «رغم أن مجرد انعقاده كان هزيمة لنتنياهو الذي حاول إفشاله ودليلاً على عزلة إسرائيل التي تجلت في قرار مجلس الأمن سابقاً وفي الإدانة الدولية الواسعة للنشاط الاستيطاني وهذا فشل آخر لنتنياهو»، مشيرا إلى «أنه كان يجب على المؤتمر التلويح بالعقوبات ضد إسرائيل، وأنه لا يجوز استخدام معايير مزدوجة في مناطق مختلفة من العالم.
وطالب البرغوثي الدول الأوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين، معتبراً أن هذا أقل ما يمكن عمله، كـــما أن من الواجب الآن تشديد حركة المقاطعة وفرض العقوبات ضد إسرائيل على المستوى الشعبي والضغط على الحكومات من أجل معاقبة إسرائيل.