سبلة الخنجي في 2016

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٧/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
سبلة الخنجي في 2016

سمعان كرم

تابعت سبلة الخنجي نشاطاتها خلال سنة 2016، مرافقةً التطورات الاقتصادية والاجتماعية، مستمعةً للخبراء والمسؤولين في الشركات ولرؤساء الجمعيات الخيرية، والذين رافقوا النهضة المباركة منذ انطلاقها. هل هذه السبلة إذن نادٍ ثقافي، أم منبر اقتصادي، أم مركز توعية، أم تجسيد للتلاحم المجتمعي؟ برأيي المتواضع هي كل ذلك. فهي وريثة السبلات العُمانية النابعة من التقاليد العريقة، وهي مظهر من مظاهر المواطنة وهي بمثابة حركة وعي لما يحدث في الوطن وفي المنطقة ومحطة تفهّم لسياسات الحكومة لغرض تنفيذها، كلٌ في مجال عمله من الحاضرين. ومن هذا المنطلق وبالأسلوب العُماني التشاوري تطرّقت السبلة إلى مواضيع شيّقة، مهمة على مدى العام 2016، استعرض بعضها في هذا الحصاد.

تكلّم في السبلة رؤساء تنفيذيون لشركات خدمية، فقدموا للحضور عروضاً عن أهداف شركاتهم ورؤاهم لها، ونظرتهم المستقبلية والتحديات التي يواجهون، كما أن هؤلاء المتحدثين استقبلوا برحابة صدر تعليقات الحضور وأجابوا على أسئلتهم. في هذا السياق تعرّفنا أكثر وأكثر على مشاريع حيا، وأوضاع وطموحات الطيران العُماني وشركة الكهرباء القابضة، والشركة العُمانية للاتصالات والخطوات العملية للشركة العُمانية للمطارات. في هذا الجو البعيد عن الانتقادات السلبية من الحضور، والتواضع من المحاضرين ازدادت معرفتنا بعمل تلك الشركات من جهة وازدادت معرفة المسؤولين عنها عمّا يجول في خاطر مستخدمي الخدمة. في مجال التلاحم المجتمعي والعمل التطوعي وحوكمته استقبلت السبلة رئيسات بعض الجمعيات الخيرية، منها جمعية دار العطاء، وجمعية الرحمة وفريق الخير، ودهش الحضور من ضخامة نشاطات تلك الجمعيات والمساحة العريضة التي يعملن من خلالها وعزيمة المسؤولات ونخوتهن التي لا تنضب. واستقبلت السبلة بشغف، خصوصاً فئة الشباب من الحضور، استقبلت أشخاصاً رافقوا النهضة المباركة ودوّنوا ذكرياتهم في كتب ومذكرات وزعت على الحاضرين الذين أبدوا عجباً يقارب دهشة العجائب لما تحقق في فترة قد تبدو طويلة بالنسبة للأفراد لكنها قصيرة بمقياس تاريخ الدول والشعوب. قصة مثيرة لمسؤول سابق في القوى المسلحة والشرطة وكيف كدّ وتعب وحارب وجُرح في الحرب وتعلّم وارتفع في السلّم الوظيفي والمسؤولية إلى أعلى الدرجات وساهم في تطوير وتأهيل وتوطين وظائف حساسة تم نقلها إلى العُمانيين. وقصة أخرى هي مثيرة أيضاً عن شاب شغف بعالم الاتصالات وواجه التحديات لنقل المعلومة في ظروف حرجة لم تتوافر فيها الوسائل الحديثة. لكن الإرادة الصلبة للتعلّم السريع والكثيف والسعي المستمر للمعرفة، والغوص في مجال الابتكار والإبداع، كلها عناصر ساعدت ذلك الشاب للوصول إلى الوظائف العليا في الدولة. وقصة أخرى عن عربي أبيّ وصل عُمان في بداية النهضة المباركة للعمل في أحد كبار المصارف العربية وكيف ساعد في تذليل أزمة السيولة في مرحلة من المراحل وكيف شارك المصرف في المشاريع الإنمائية الكبرى ونقل الخبرات وتوطين الوظائف وهو الذي أحبه هذا الوطن من كل قلبه فتبنّته السلطنة بين أبنائها. قصص نجاح تلهم الشباب والشابات.

وخصصت السبلة سلسلة حلقات متعلّقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات لفهم معناها الحقيقي، إذ إنها لا تندرج تحت باب الأعمال الخيرية بل تحت فصل التنمية المحلية بهدف استدامة الفرص والنمو. واطلعت السبلة على المبادرات الرائدة والناجحة التي قامت بها ولا تزال المؤسسة التنموية للشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال. وعلى هذا النحو قدّم مركز الزبير للمؤسسات الصغيرة مبادرته التي اتسمت بالنهج العلمي والالتزام بالجودة والعطاء الجاري وأمثلة عن نجاحات، كما قدّمت مجموعة تاول عرضها عن مبادرات مجتمعية وإنسانية ومنح دراسية وتدريب فوق رأس العمل وبناء مساكن وحزمة من المبادرات يديرها موظفون عُمانيون متفرّغون. كذلك عرضت مجموعة كيمجي رامداس مبادراتها من تبرعات للمستشفيات، وإنشاء مراكز تدريب، ومساعدة المزارعين في تسويق منتجاتهم الزراعية، خصوصاً «البسر»، وأوصلوها إلى الهند. هذه العروض التي تمت في جلسات منفردة أعطت الحاضرين أمثلة حقيقية عن المسؤولية الاجتماعية وحثت الجميع على الامتثال بها.
أما في مجال تحسين الأداء قدّم لنا أحد المختصين في التفكير المقتصد (Lean Thinking) وهو من جامعة السلطان قابوس، لمحة عن البرنامج والتغيير المطلوب في الذهنيات لضمان نجاحه. وتبعه في جلسة أخرى فريق عمل من شركة نفط عُمان عرض نموذجاً حياً عن البرنامج الذي يطبق حالياً في الشركة وعن الفوائد المتعددة التي نجمت عن تطبيقه. وفي الشأن الاقتصادي الخارجي قدّم لنا أحد الخبراء العُمانيين نظرة إلى اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة أزمة النفط، كما اطلعنا سعادة أمين عام الغرف الخليجية على أهم القرارات الاقتصادية لمجلس التعاون الخليجي خلال مؤتمر القمة الأخير. كذلك قدّم لنا رئيس الجمعية الاقتصادية في عُمان، نبذة عن أعمال منتدى حوار التعاون الآسيوي، وعلى صعيد الاقتصاد الوطني قدّم لنا خبير بلجيكي متمرّس في الشؤون الاقتصادية العُمانية وذو خبرة واسعة وكان موجوداً لفترة طويلة في السلطنة، محاضرة بعنوان «عُمان ماضٍ عريق ومستقبل واعد». وقدّم لنا الرئيس التنفيذي لـ»عمران» عرضاً عن مشروع الواجهة البحرية في ميناء السلطان قابوس، حضره بعض أعضاء مجلس الشورى عن مطرح وذلك بصفتهم الشخصية. أثار ذلك العرض كثيراً من التساؤلات والنقاشات. وقدّم لنا باحث عُماني في الاقتصاد ورقة عمل تبيّن عوائق التنويع الاقتصادي. وطبعاً تم استعراض البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ) ولا تزال السبلة تتابع عن كثب مراحله الثمانية واحدة تلو الأخرى. وقدّم لنا الرئيس التنفيذي عرضاً عن مشاريع الصندوق الوطني للاستثمار وبخاصة المشاريع السياحية التي ستمتد من مسقط إلى قريات إن شاء الله. (Riviera Oman) وقدّمت الجمعية العقارية مرئياتها عن دور القطاع كداعم أساسي للتنويع الاقتصادي. وحلقة تبيّن كيف أن التنشيط الاقتصادي هو الطريق إلى الأمن الاجتماعي. وفي جلسة أخرى عرض علينا مسؤول في وزارة الخدمة المدنية آليات تطوير الأداء الحكومي، كما قدّم لنا المسؤولون عن الشركة العُمانية لتطوير الابتكار عرضاً شيقاً ومستقبلياً. وفي وقت آخر تعرّفنا على المنصة القائمة للتدريب والتوظيف ومتطلبات سوق العمل وممكنات الاستيعاب، علماً أن هذه المنصة هي مبادرة خاصة. وفي أيام الأعياد الوطنية استعادت السبلة ذكريات يوم النهضة المباركة 23 يوليو 1970 وأقامت السبلة لقاءً خاصاً باحتفالات العيد الوطني الـ46. وقدّم رئيس جامعة مسقط التي باشرت أعمالها في أكتوبر 2016 عرضاً متميِّزاً عن أهداف الجامعة ومساهمتها في تقديم برامج تنسجم مع الرؤية الاقتصادية ومتطلبات السوق والتي تطمح لجودة عالية في التعليم والتخصص. كانت أيضاً جلسة لبحث دور القطاع الخاص في توفير الخدمات السياحية في الولايات «بين الممكن والمتاح». وأخيراً قام رواد السبلة وأصدقاؤهم وعائلاتهم بزيارة المتحف الوطني؛ للإطلاع على تاريخ هذا البلد الغالي وعلى إنجازات نهضته.
هذه نبذة عن نشاطات سبلة الخنجي، التي سيبقى إن شاء الله، السبلة الحديثة التي تأخذ معناها من جذور عادات هذا الشعب الكريم.