أهمية اللغة والاقتصاد الياباني

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
أهمية اللغة والاقتصاد الياباني

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

رغم أن اللغة الإنجليزية هي السائدة في العالم في كثير من المعاملات الدراسية والتجارية والتداول اليومي، إلا أن جميع دول العالم تهتم بلغاتها القومية وتفرض على الآخرين تداولها في المعاملات اليومية في التعليم والتدريس والتداول في جميع المعاملات. وهذا ما نراه في دول كفرنسا وألمانيا والصين وروسيا وغيرها من الدول الكبيرة في العالم. بينما نرى في دولنا العربية الأجانب يفرضون لغتهم علينا في المعاملات اليومية، رغم أن دساتير وأنظمة الدول العربية تقول إن اللغة الرسمية هي اللغة العربية!
وفي الوقت الذي تفرض فيه الدول الأجنبية لغاتها القومية في الأوطان، فإنها تحاول إيصالها للآخرين ولكل الراغبين، في إطار اهتمامها بالمقوّم الثقافي. ومن هذه الدول التي تعتز بلغتها داخليًا وتحاول توصيلها للآخرين هي اليابان، تلك الدولة التي تمثل ثالث اقتصاد عالمي بعدما كان ثانيًا خلال السنوات القليلة الفائتة نتيجة لبروز الاقتصاد الصيني كثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن هنا رأينا أن جمعيات الصداقة اليابانية في العالم تقوم بمهام توفير المدربين والمدرسين لتعليم اللغة اليابانية للراغبين من خلال إقامة دورات تدريبية لهم. وهذا ما ستقوم جمعية الصداقة العُمانية - اليابانية خلال الفترة المقبلة، حيث ستقوم بتنظيم دورة جديدة في تعليم اللغة اليابانية وبتقديم من إحدى الخبيرات في اللغة. والواقع يشير إلى أن اللغة اليابانية هي اللغة الأم لأكثر من 130 مليون نسمة، وهو العدد الإجمالي للسكان في هذه الدولة المتقدمة في كل قطاع، مما يجعل اللغة اليابانية تحتل المرتبة العاشرة والأكثر تداولًا في العالم وفق البيانات الرسمية. أما على المستوى المحلي فإن هذه اللغة تستخدم بشكل عام في اليابان. كما تأتي اليابان من حيث ثاني أكبر عدد للشركات العالمية في "فورتشين 500" في العالم، من أصلها 68 شركة محلية، الأمر الذي يؤكد أهمية نشر هذه اللغة بين الشعوب الأخرى لتتمكن من إجراء مزيد من التواصل مع رجال الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان، والاستفادة من العلوم والصناعات اليابانية التي تتميز بالقوة والجودة. ففي السلطنة اليوم هناك الكثير من رواد ورائدات الأعمال الجدد الذين يتطلعون للاستفادة من مشاريعهم التجارية الصغيرة. ولا شك أن توجههم لتعلّم بعض تلك اللغات المهمة في العالم سيكسبهم المزيد من الفهم في التعاملات التجارية المقبلة. كما أن اللغة اليابانية أصبحت اليوم مصدرًا للعديد من التوجهات الاجتماعية والثقافية التي أثرت في المجتمعات العالمية، والتي أصبحت اليوم جزءًا من الثقافة الدولية، وهي متاحة للتعلم عبر الإنترنت أيضًا. ويرى البعض بأن معرفة اللغات الأجنبية يجعل الآخرين يعززون سيرتهم الذاتية والمهنية، وتفتح أمامهم فرص عمل جديدة.
المحاولات التي تقوم بها جمعية الصداقة العمانية اليابانية في هذا الصدد عديدة، والدورة المقبلة تنظمها شخصية نجحت طوال مسيرتها التدريسية التي تمتد لسنوات عديدة في إحداث تأثير كبير على طلابها، وتمكنت دومًا من تحفيزهم من أجل تحقيق أهدافهم، ولديها الخبرة الواسعة لتوصيلها لغير الناطقين بها من خلال ابتكار وسائل تعليمية مشوقة أسهمت بسهولة في نقل الطلاب من مجرد مبتدئين إلى متمرسين في مهارات المحادثة الأساسية. ومما لا شك فيه فإن مثل هذه الدورات اللغوية من شأنها تعزيز الروابط القوية التي تجمع بين الشعبين العُماني والياباني، وتعزيز القيم الثقافية والتراثية التي تجمع الدولتين، خاصة أن العلاقات الدبلوماسية والثقافية التي تكرسها الدولتان تساعد على دعم الجهود الدبلوماسية. ومن هنا ترى اليابان بأن القطاع الثقافي يمثّل قوة دافعة للاقتصاد الياباني، وتتوقع اليابان أن تصبح من أكبر مصادر القوة الناعمة في جميع الصناعات اليابانية، وتصبح الثقافة بدرجة عالية من الأهمية للاقتصاد الياباني في كثير من القطاعات الإنتاجية والحياتية في الأعمال المتعلقة بالسياحة وغيرها من القطاعات الأخرى.
وأخيرًا يرى العلماء بأن تعلم اللغات الأجنبية يجعل الآخرين أكثر ذكاءً، حيث يعتقدون بأنه كلما واجه الفرد مفردات لغة جديدة فإن ذلك يتسبب في نمو دماغه، وزيادة ذكائه. واليوم نرى أن اللغة اليابانية تعتبر من أكثر اللغات التي يقبل على تعلمها طلاب اللغات حول العالم، ويمكن في السنوات المقبلة نرى الكثير من الطلاب ورجال الأعمال العمانيين يتداولون هذه اللغة في أعمالهم اليومية. فمع زيادة التوسع في الاقتصاد العالمي، يصبح عامل اللغة في التسويق على قدر كبير من الأهمية لزيادة فرص نجاح النشاط التجاري أيضًا، وأيضًا العمل في إحدى المؤسسات والشركات اليابانية سواء في اليابان أو خارجها.