قرارات دونالد ترامب والصين وأوبك ترسم مسار اقتصاد العالم

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٠/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
قرارات دونالد ترامب والصين وأوبك ترسم مسار اقتصاد العالم

أولي هانسن​

شهدت السلع خلال الأسبوع الأول من شهر يناير الكثير من الحركة، والآن أمامنا سنة حافلة سيتأثر أداء القطاع خلالها بشكلٍ كبير بقرارات دونالد ترامب والصين و’أوبك‘، علماً أنّه عاد إلى الربحية في 2016 للمرة الأولى منذ 2010. واستعادت المعادن الثمينة بعضاً من حيويتها إثر توقف صعود الدولار والسندات بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، علماً بأن البلاتين والبلاديوم كانا الأكثر بريقاً بين هذه المعادن، حيث حققا أرباحاً قوية على خلفية التوقعات بازدياد الطلب من قطاع تصنيع السيارات.

وسجلت السلع الخفيفة ارتفاعاً في ضوء مخاوف ذات صلة بالمعروض، في حين هبط الغاز الطبيعي -الذي كان نجماً في 2016- بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى تراجع قطاع الطاقة عموماً هذا الأسبوع. كما أن العوامل التي اجتذبت الانتباه هذا الأسبوع اشتملت كذلك على المخاوف المتعلقة بالتدفقات الرأسمالية الصادرة عن الصين، فقد حاولت الحكومة الصينية توليد هذه التدفقات عبر خفض السيولة في النسخة الخارجية من عملتها، مما أسفر بالتالي عن رفع تمويل المواقع قصيرة الأمد إلى ما يزيد عن 80% في ليلة وضحاها.

وفيما يقترب موعد استلام ترامب لمهماته في البيت الأبيض، فإنّه من المرجح للسوق أن تتخذ وضعية حذرة للتحوّط من مخاطر منهجية الحماية التي سيعتمدها الرئيس الجديد ومن تأثيرات التضخم لسياساته الموعودة. كما شهد الغاز الطبيعي طلباً ذا طبيعة تخمينية خلال شهر ديسمبر الذي جاء بارداً جداً، مما يساعد على فهم سبب التصحيح الحاد هذا الأسبوع في ظل توقع درجات حرارة أعلى خلال يناير.
وصعد الذهب إلى أعلى مستوى له في أربعة أسابيع بعد استمرار حالة التعافي التي شهدها منذ منتصف ديسمبر عندما وصل إلى قاع عند 1,123 دولاراً للأونصة، علماً بأن الذهب يرتبط بشكل وثيق مع الين الياباني والأرباح الحقيقية للسندات الأمريكية، حيث شهدت السندات الأمريكية بأجل 10 سنوات قفزة حقيقية لتصعد من 0.11% إلى 0.70% على خلفية نتائج الانتخابات الأمريكية بعد أن تعرضت لحركة بيع شامل أولية، غير أنها هبطت خلال الأسابيع الثلاثة الفائتة مجدداً إلى 0.37%، مما أزال بعض الضغط عن الذهب. وما زال الطلب الملموس من الصين والهند قوياً، حيث يعزى الطلب الصيني إلى المخاوف من تراجع قيمة اليوان إلى جانب الطلب في رأس السنة الصينية. أما في الهند، فيعزى الطلب على الملاذات الآمنة إلى أزمة السيولة التي أعقبت إلغاء بعض الأوراق المالية ذات الأرقام العالية.
وسجل كل من خام غرب تكساس وبرنت صعوداً في العام الجديد مدفوعين بنية ’أوبك‘ الإقدام على أولى خطواتها لخفض الإنتاج، ولكنهما سرعان ما هبطا فجأة بما يزيد عن 5%، مما جعل حركة السوق مقيّدة في نطاق محدود لبقية الأسبوع التداولي الأول.
وسيتمحور التركيز خلال الأسابيع المقبلة حصراً حول مدى التزام المنتجين من ’أوبك‘ وخارجها بخفض الإنتاج، حيث إن الأنباء التي تتحدث عن اعتزام دول مجلس التعاون (الكويت وسلطنة عمان وأبوظبي والسعودية) بخفض الإنتاج تساعد في دعم السوق، وذلك بالرغم من الأخبار التي تقول إن ليبيا سترفع مستويات إنتاجها، واحتمال أن يعاني العراق من صعوبة في الالتزام بهذا الخفض.
وجاء التقرير الأسبوعي للمخزون الأمريكي بطابع سلبي، إذ سجل هبوطاً أكثر من المتوقع نتيجةً لتخفيض المصافي كمية إنتاجها مع نهاية السنة لأسباب تتعلق بالضرائب. وبالمقابل، تم تسجيل قفزة كبيرة في المخزون الذي وصل إلى مستويات شبه قياسية لدى مركز التخزين في منطقة كوشينج، والذي يعتبر نقطة إصدار العقود الآجلة لخام غرب تكساس، الأمر الذي يعزز حالة الهبوط في السعر.
ويتمثل أهم عوامل المخاطر التي قد تواجهه أسواق النفط خلال الأسابيع القليلة المقبلة (والذي قد يؤدي إلى حالة تصحيح كبيرة) في المواقع التخمينية غير المسبوقة التي تشغلها صناديق التحوّط حالياً، حيث وصل الموقع المركّب طويل الأمد في برنت وخام غرب تكساس إلى ما يزيد عن 900 مليون برميل في الأسبوع المنتهي بتاريخ 27 ديسمبر، وكانت حركة البيع المفاجئ دون سبب واضح بنسبة 5.5% يوم الثلاثاء الفائت بمثابة إشارة واضحة تعكس هذا الخطر الراهن الناجم عن المواقع أحادية الجانب في السوق.
وسيكون من شأن أي تغيير في النظرة الإيجابية الحالية أن يؤدي إلى تقليص المواقع طويلة الأمد، وهو ما قد ينجم إما عن أي بوادر من شأنها أن تعكس نوعاً من الاحتيال و/‏أو استمرار الإنتاج في الدول التي تعيش حالة صعبة مثل نيجيريا وليبيا، والمعفية من خفض إنتاجها. وعند هذه النقطة نعتقد بإمكانية محدودة لارتفاع سعر النفط الخام إلى ما يزيد عن 60 دولاراً للبرميل، علماً أن المنحنى الصاعد لأسعار برنت يشهد حالياً أعلى سعر له منذ سبتمبر، وهو ما يعزى إلى الافتراض أن تخفيضات الإنتاج ستدوم فقط لمدة 6 أشهر، وبأنّه من المرجح للإنتاج الأمريكي أن يكتسب مزيداً من التسارع مع بدء النصف الثاني لـ2017.

رئيس استراتيجية السلع لدى ’ساكسو بنك‘