«القاعدة» أكثر خطورة من «داعش» على المدى البعيد في سوريا

الحدث الثلاثاء ١٠/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
«القاعدة» أكثر خطورة من «داعش» على المدى البعيد في سوريا

مسقط -
تنصب جهود الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب على تطهير سوريا، والعراق، من تنظيم داعش، إلا أن الخطر على المدى البعيد، يكمن في تنظيم القاعدة الذي يعمل بتأنٍّ في الشام... هذا ما خلص إليه تحليل للخبيرة الأمريكية كيلسي سيكاوا، الباحثة سابقاً في معهد واشـنطن، والطالبة في «مدرسة تدريـب الضـــباط» في ســـلاح الجــو الأمريكي.

وبحسب التحليل الذي نشرهُ معهد واشنطن، واطلعت عليه «الشبيبة»، فإن «استراتيجية العلاقات العامة التي يعتمدها تنظيم داعش والقائمة على تصدّر العناوين الرئيسية بأكثر الطرق إثارة للصدمة»، جعلت العالم يركز هجماته عليه، إلا أنه «قد لا يكون التنظيم الطرف الفاعل الأكثر خطورة بالنسبة لسوريا على المدى الطويل. ويُعزى هذا التمييز على الأرجح إلى «جبهة فتح الشام»، التابعة لتنظيم «القاعدة» التي تحاول تأسيس وجود دائم لها في البلاد عبر دمج نفسها في المشهد المحلي والسعي إلى (أو فرض) الاندماج مع جماعات المعارضة المختلفة، بما في ذلك من خلال المحادثات التي جُددت مؤخراً مع حركة التمرد الرئيسية أحرار الشام».
وعلى عكس سياسة داعش في إخضاع السكان المحليين لسلطة التنظيم، منذ تشكل النواة الأولى، بقيادة أبو مصعب الزرقاوي، قبل ربع قرن، وحتى هذه الأيام، فإن تنظيم القاعدة، ومنذ انتفاضات «الربيع العربي» العام 2011، سعى إلى تجنّب تنفير السكان المحليين من أجل تسهيل قيام نموذج مستدام وطويل الأمد لتأثيره، الأمر الذي دفعه إلى توجيه الفروع التابعة له بالتصرف وفقاً لذلك، و»قد تسبّب هذا الأمر بحدوث خلافات شديدة بين تنظيـــم «القاعـــدة» والأشـكال الســابقة لتنظيم داعش، بلغت ذروتها في انفصالهما رسمياً العام 2014»، وفق ما جاء في تحليل سيكاوا.
وترى سيكاوا أن الفرع السوري للقاعدة، ورغم أنه غير اسمه إلى «جبهة فتح الشام» بدلا من «النصرة»، وتبرأ من العلاقات مع أي «كيان خارجي»، إلا أنه لم ينشق صراحة عن التنظيم الأم، ويرى معظم المحللين أن هذه الخطوة هي «تغييرات شكلية، وفيما يتعلق بجميع نوايا «جبهة فتح الشام» وأهدافها، لا تزال هي الفرع السوري لتنظيم «القاعدة» وتحتفظ باستراتيجية التنظيم وفلسفته».
ويتمثّل أحد الجوانب الرئيسية في جهود «جبهة فتح الشام» على صعيد التموضع بإقامة علاقات مع فصائل سورية معارضة. فعندما اندلعت الحرب، سعى زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري في البداية إلى إخفاء روابط منظمته بـ «جبهة النصرة»، مما سمح لها ببناء مكانتها وقدراتها في صفوف المعارضة السورية. واليوم، لا تزال غالبية قيادة «جبهة النصرة»/‏‏«جبهة فتح الشام» أجنبية، لكن الجماعة حرصت على وضع تجنيد سوريين في سلّم أولوياتها.
ويستشهد تحليل سيكاوا إلى ما ورد في تقرير «معهد بروكينجز» في يوليو 2016، حيث سمح للنصرة ذلك بأن تظهر كجماعة سورية محلية متمردة، مما سهّل لها التعاون مع فصائل أخرى، وعزّز درجة قبولها بين الناس، وتقدم مثالاً تقول فيه: عندما أطلقت الولايات المتحدة حملتها الجوية في سوريا في ‏سبتمبر 2014، أثار استهداف قاعدة تابعة لـ «جبهة النصرة» استياء المسلحين الآخرين الذين اعتبروا الجماعة شريكاً قيّماً. وعلى نحو مماثل، قاموا بدعم الجماعة عندما صنّفتها واشنطن منظمة إرهابية في ديسمبر 2012.
ويختتم تحليل سيكاوا إلى أن سلوك «جبهة فتح الشام» وبياناتها العلنية خلال السنوات القليلة الفائتة تشير إلى أن تنظيم «القاعدة» كان يعطي الأولوية إلى وحدة المقاتلين في سوريا مع الحرص في الوقت نفسه على أن تتم هذه الوحدة تحت راية التنظيم الخاصة، علماً بأن تغيير الاسم على تلك الراية لم يغيّر نهج المنظمة.
وما لم يحدث تغيير ملحوظ في مصير«جبهة فتح الشام»، تبدو آفاقها بإقامة «قاعدة سورية» على المدى الطويل أمر مرجح وبقوة. رغم أن الجماعة سعت لفترة وجيزة إلى التوسّع وشنّ هجمات إرهابية في الخارج، إلا أن الضربات الجوية الأمريكية قضت على هذه الفكرة، حيث طلب الظواهري صراحةً من قادة «جبهة فتح الشام» إبقاء تركيزهم منصباً على المستوى المحلي. غير أن هذا التركيز قد يتحوّل سريعاً ومجدداً إلى الإرهاب الدولي في المستقبل.
وحتى في غياب أي تخطيط ناشط من داخل سوريا على المدى القريب، سيستفيد تنظيم «القاعدة» من قاعدة تدريب ولوجستيات يمكن النفاذ إليها بشكل أكبر بكثير مما عليه الحال في أفغانستان واليمن» وفق ما رأت الباحثة.