حصن "بيت النعمان".. معلم من المعالم الأثرية في ولاية بركاء

بلادنا الأحد ٠٨/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
حصن "بيت النعمان".. معلم من المعالم الأثرية في ولاية بركاء

بركاء - العمانية

ولاية بركاء هي إحدى ولايات محافظة جنوب الباطنة، تقع على الشريط الساحلي لبحر عمان، وتبعد عن العاصمة مسقط نحو (85) كيلومترًا، وتحدها من الشرق ولاية السيب ومن الغرب ولاية المصنعة، كما تحدها من الجنوب ولايتا وادي المعاول ونخل ومن الشمال بحر عمان، وبها العديد من المواقع السياحية أبرزها حصن "بيت النعمان".
ويقصد ولاية بركاء السيّاح من داخل السلطنة وخارجها لزيارة المواقع الأثرية والسياحية وأبرزها حصن "بيت النعمان". ويقول إبراهيم بن سبيل البلوشي المرشد السياحي في الحصن: "منذ ثلاثة قرون وربع القرن كانت الرحلة شاقة بين مسقط ومقر حكم اليعاربة في الرستاق والحزم على ظهور الإبل والخيول، وفي منتصف الطريق بين مسقط والرستاق تم تشييد حصن بيت النعمان في القرن السابع عشر كمأوى ريفي كما استخدم بيتا للضيافة للأئمة اليعاربة في رحلاتهم من عاصمتهم الرستاق وإليها، ومن المتداول أن تشييد حصن النعمان قد تم حوالي 1691 - 1693م في عهد الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي الذي كان حصن جبرين مقرًا لحكمه، ويعتقد أن حصن بيت النعمان قد بني بمبادرة من أخ الإمام بلعرب وهو الإمام سيف بن سلطان اليعربي.
وأضاف: كان الإمام سيف بن سلطان اليعربي الذي خلف أخاه في منصب الإمامة رجلًا ذا بصيرة إذ قام ببناء أسطول تجاري قوي وعمل على تنشيط التجارة البحرية الخارجية وتنفيذ مشروع استصلاح أراضي البلاد من أجل رفع الإنتاج الزراعي حتى قيل إنه كان مسؤولًا خلال المدة التي عاشها عن زراعة ما يزيد على ثلث الأشجار الموجودة على أرض البلاد، إذ إنه أمر بزراعة نحو 600 نخلة منتجة للتمور و300 شجرة نارجيل غرب حصن النعمان في التربة الخصبة لسهل الباطنة وما زال العديد من أشجار النخيل يمتد على عدة أميال في اتجاه غروب الشمس.
وأشار إلى أنه تم تجديد حصن بيت النعمان على يد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي (1749 -1783) بعد ما يقارب من قرن من الزمان من بنائه حيث تم تحصين المبنى عن طريق تعزيز الأسوار وإضافة برجين دفاعيين على محور خط قطري ما وفر للحراس قدرة على إطلاق النار في جميع الاتجاهات، وبهذا فإن البيت الريفي الفخم الذي لم يكن مجهزًا في الأصل إلا بفتحات رمي ومتاريس قد تحول إلى قلعة محصنة.
ويتكون المبنى من ثلاثة أدوار وله هيئة رفيعة بسبب ارتفاعه، وهو محمي بسور مزود بفتحات مع مدخل وحيد من خلال باب خشبي ثقيل.
والدخول إلى الحصن يمر عبر بوابة خشبية منقوشة تحت قوس محدب موضوع في مستطيل مفتوح من الجص المزخرف، وتقود قاعة واسعة إلى خمس غرف بعضها به سقف معقود، وتتلقى غرف الطابق الأرضي الإضاءة من شبابيك موجودة في أعلى الجدران.
ويقول البلوشي إن الحصن يمر به فلج كان يتخذ سبيله عبر الطابق الأرضي من الجنوب إلى الشمال مرورا بأحواض الوضوء وأماكن الاغتسال، وقد أبقيت القناة المائية جافة للحفاظ على بنية الصاروج العماني وهو عبارة عن نوع من الطين التقليدي المحروق عند درجة حرارة معينة.
وكان الطابق الأرضي للحصن يضم التجهيزات والخدمات اللازمة للاحتياجات اليومية لسكان الحصن وأماكن لإعداد الطعام، والأعمال المنزلية، كما توجد مخازن التمور واستخلاص العسل نحو الجرار الموجودة في فجوات في أرضية الحصن.
ويوجد عند الطريق المؤدية إلى الطابق الأول مندوس يقدر عمره بنحو مائة سنة تقريبا ويعتقد أنه كان يستخدم في حفظ الثياب الفاخرة والأسلحة والأغطية والسجاد والعملات المعدنية.
ويوضح البلوشي متحدثًا عن الحصن: توجد باحة الاستقبال وغرف الضيوف التي يطلق عليها "الأروقة الملكية" في الطابق الأول حيث يمكن الوصول لها بسهولة بواسطة درج مرتفع وضيق، وقد تم تزيينها بالسجاد الفرنسي والوسائد الحريرية ومندوس مطعم بأشكال معقدة من النحاس الأصفر، وتعكس الأروقة الملكية مظاهر الثروة من خلال الخزف والقطع الثمينة والنادرة من الحلي الفضية، وتعرض هذه الكنوز حاليا بأسلوب متحفي جميل.
وتوجد في الحصن غرفة واسعة تبدو كمجلس رئيسي غير أنها كانت تستخدم للصلاة ولعل وجود المحراب الصغير في هذه الغرفة خير دليل على ذلك، إذ إن قاعة الصلاة تشكل عنصرا معماريا مهما في حصن بيت النعمان ويشير المحراب باتجاه القبلة، كما يحتوي التصميم الداخلي للحصن على مساقط صغيرة أعلى المدخل وطرق غير نافذة لتضليل الغزاة، ومسالك الهروب الخاصة بسكان الحصن، ويوجد في غرفة الإمام مخبأ ذو فتحة صغيرة في الأرض تحتها غرفة مظلمة في البرج الجنوبي الشرقي، وتخفي هذه الغرفة معبرا آمنا نحو الأرض.
ويوجد في أقصى ركن من سطح الحصن باتجاه البحر بناء فريد وهي غرفة صغيرة مخصصة للراحة والتأمل بما يتماشى مع طبيعة المنتجع الريفي، وهذه الغرفة لا يمكن الوصول إليها إلا عبر الدرج، وهي تطل على مساحات شاسعة من أشجار النخيل، ومفتوحة على نسمات البحر.
ويقول إبراهيم بن سبيل البلوشي المرشد السياحي في حصن "بيت النعمان" إن وزارة السياحة عملت على المحافظة على هذا المعلم التاريخي وإبراز ما يحتويه من مقتنيات نادرة لمختلف شرائح الزوار حيث قامت بتنفيذ صيانة شاملة لمبنى الحصن وتقوية الطاقة الكهربائية وإدخال الإضاءة الحديثة التي تتناسب مع المواقع التاريخية، كما أقامت معرضا تاريخيا يتناول تاريخ الحصن والرموز الثقافية والتاريخية لولاية بركاء من أجل إبراز الموروثات التقليدية والصناعات الحرفية التي تشتهر بها الولاية.
وأضاف أنه تم أخيرًا الانتهاء من استكمال المرافق الخدمية لزوار الحصن المتمثلة في إنشاء مكتب المرشد ودورات المياه ومقهى للزوار ومحل لبيع الهدايا من المنتجات الحرفية العمانية إضافة إلى توسعة مواقف السيارات وأعمال التجميل للساحات الداخلية والخارجية للحصن.