لماذا لا نسند الخدمات الحكومية للشركات؟!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
لماذا لا نسند الخدمات الحكومية للشركات؟!

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

في ظل الجدل الدائر حول الخدمات الحكومية، وعدم فعاليتها والتعقيدات الإدارية التي تحدّ من الاستثمار تارة، والعراقيل التي تتبع إنهاء الإجراءات تارة أخرى، والتأخير في الإنجاز مرات عديدة، وحالة عدم الرضا عن هذه الخدمات، فإن الحل يكون في تخصيصها للقيام بها من جانب القطاع الخاص بدلاً من الجهات الحكومية، لوضع حد للكثير من المشاكل التي تصاحب إنجاز المعاملات من الجهات الحكومية، وما تشهده من تباين في الآراء حول الأداء وانعكاساته على تقديم الخدمات في وقتها، الأمر الذي يتطلب البدء في تحويل العديد من الخدمات في الوزارات إلى الشركات وطرحها للتناقص لإنهاء هذه الحالة التي نرمي عليها إخفاقاتنا.

وبلا شك فإن تخصيص الخدمات الحكومية من شأنه أن يحافظ على هيبة الدولة، لكثرة الحديث عن تردي الخدمات وحالة عدم الرضا التي تسود المجتمع ومن البيروقراطية في إنهاء الإجراءات، لأن كثرة الانتقادات لأداء الخدمات الحكومية وتراكم حالة الامتعاض تؤثر من الطبيعي على صورة الدولة لدى المواطنين والمقيمين والمستثمرين، لما تواجهه هذه الفئات من عراقيل من بعض الجهات وموظفين غير مسؤولين عن الأداء، فكلها تفضي إلى المساس بهيبة الدولة خاصة الانتقادات في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والأحاديث الجانبية والمجالس وغيرها.
وتخصيص الخدمات الحكومية له مكاسب إيجابية في رفع كفاءة الخدمات الحكومية وزيادة قدراتها التنافسية وتحفيز الإنتاج، وتقليل التكاليف، خاصة أن المؤشرات التنافسية اليوم تقاس بسرعة الأداء في ممارسة الأعمال، وتؤثر هذه المؤشرات على سمعة السلطنة في المؤسسات الدولية والمستثمرين.
وتخصيص الخدمات الحكومية قد يسهم في الإسراع في الكثير من الإجراءات وإنهائها في وقتها، حيث إن العمل في القطاع الخاص يقاس وفق مؤشرات الأداء، والإنتاجية وتضاعفهما، وسينعكس ذلك على تسريع وتيرة العمل لإنهاء معاملات المواطنين والمراجعين بشكل عام، فضلاً عن أن أوقات العمل في الشركات والمؤسسات أطول من الجهاز الحكومي، ويمكن أن يمتد إلى ساعات أطول ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك إيجاباً على الإنجاز بأسرع وقت مما كانت عليه في الوزارات.
كما يسهم في إنهاء المعاملات ويشعل المنافسة بين الشركات، للقيام بالأعمال الحكومية كخدمات تطوير خدمات المراجعين إلى مستويات فائقة، وإذا لم تقم بعض الشركات بالخدمة المتميزة كما ينبغي يمكن استبدالها بشركة أخرى، في حين هل يمكن استبدال جهة بدل جهة أو موظف بدل آخر في الجهات الحكومية، إلا في الحدود الضيقة، وبالتالي يبقى الوضع كما هو دون أي تغير، مما ينعكس على تسريع وتيرة العمل في إنهاء المعاملات، فضلًا عن منح أكثر من شركة بعض الخدمات وتقييم أدائها قد يحدث نقلة نوعية في إنهاء الطلبات في وقتها بخلاف الجهات الحكومية ‏التي تظل فيها المعاملة لدى جهة واحدة ونفس الموظفين لسنوات طويلة دون تغير في آلية العمل وما تشهده من روتين.
كما أن الخدمات الحكومية التي سوف تخصص على سبيل المثال للشركات تحصّل منها رسوم، وكلما تضاعف العمل لإنجاز أكبر قدر من المعاملات تزداد عوائدها من هذه الرسوم وفق النسبة من كل خدمة وقد يطول العمل في بعض الشركات إلى ساعات متأخرة، بخلاف الجهات الحكومية التي يغلق فيها استلام المبالغ في الساعة 12 ظهراً، والموظف لا يدرك أهمية التدفقات النقدية لخزينة الدولة، وتسوده حالة اللامبالاة في تحصيل المبالغ أو مدّ أوقات التحصيل إلى الساعة 2 ظهراً، بينما الموظف في المؤسسات يكافئ على أساس الإنجاز وسرعة الأداء فتخفّ حالات الامتعاض من الخدمات الحكومية، فلم التأخير في مثل هذه الخطوات الهادفة؟
ويمكن البدء في تخصيص بعض الخدمات في بعض الوزارات والمؤسسات مثل وزارة القوى العاملة أو وزارة التجارة والصناعة أو وزارة البيئة والشؤون المناخية والبلديات وشرطة عمان السلطانية وغيرها من الجهات ومراقبة هذه التجربة ومدى نجاحها، وتقييم الأداء بين هذه الجهات والشركات لملاحظة الفرق بين الخدمتين.‏

فالحكومة تخصص اليوم خدمات الكهرباء من خلال نظام البوت «الامتلاك والتشغيل والإدارة» لعدد من السنوات، وتطرح شركات للتخصيص، فما بالك بخدمات استقدام عمالة أو فتح سجل تجاري، أو ترخيص بلدي أو معاملة بيئية، فما الضير من تخصيصها للشركات للقيام بها؟

الحكومة تنادي منذ سنوات بأنها ستظل مشرفة على بعض الخدمات وليس منفذة لها، خاصة في برامج التخصيص والاستثمار في القطاعات الخدمية والإنتاجية، فلم لا تبدأ في إنهاء المعاملات الروتينية في الجهات الحكومية، رغم البون الشاسع بين الجانبين وأهميته.

بالطبع التحديات ستكون ماثلة في كل خطوة تخطوها الحكومة في هذا الشأن إلى أن تأخذ الأمور وضعها الطبيعي، لكن ستكون هناك نقلة حيوية كبيرة في إسناد أعمال الحكومة للشركات خاصة في مجال إنهاء المعاملات وتقييم الشركات ودورها لإضفاء المزيد من السرعة في العمل وتطوير الأداء.
نأمل من الحكومة دراسة تطبيق تخصيص الخدمات الحكومية بأسرع وقت ممكن والعمل على انتهاج هذه المنهجية للعديد من الأمور آنفة الذكر، وغيرها، وإنهاء حالة عدم الرضا والجدل حولها في الجهات الحكومية.