إسراء.. ضحية الصمت

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
إسراء.. ضحية الصمت

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

من أكثر الجرائم البشعة التي شكلت صدمةً للمجتمع الخليجي في 2016 هي واقعة قتل الطفلة الكويتية إسراء سالم بوهان، البالغة من العمر 4 سنوات، على يد والدها وبمعرفة والدتها. ولم تكن واقعة القتل وحدها هي المعضلة. بل حقيقة أنها ماتت تحت التعذيب ووجد المحققون آثار حروق في منطقتي الكتف والأرجل وتهتك في الجلد جراء الضرب الذي أعترف الأب -لاحقًا- أن سببه «كيبل» كهربائي تعود أن يجلدها به لأنها «حركية» وتشاغبه دومًا!

الأب، البالغ من العمر 26 عامًا، مدمن مخدرات ومؤثرات عقلية. ولديه 3 أطفال عدا القتيلة وجدتهم السلطات في حالة يرثى لها لحظة القبض على الوالد. إذ كانوا يعانون من سوء التغذية وتدهور واضح في صحتهم. أما لماذا لم تحم الأم ابنتها أو باقي أبنائها من هذا الوضع؟! فالجواب أنها ببساطة مدمنة أيضًا بعد أن جرها زوجها لمستنقع الإدمان. وصار الاثنان يؤثران شراء الحبوب والمخدرات على إطعام أطفالهم. بل كانا يستغلان المعونات الاجتماعية لتمويل إدمانهما على حساب صغارهم الذين تعرضوا للفظائع ولا شك. وليطمس القاتل جريمته. قام في يوم قتلها بشراء «فريزر» ووضع الجثة فيه لأسبوع في شقتهم! فأي رعب هذا الذي عاشه إخوتها الصغار، أنه شيء يفوق قدرة العقل على الاستيعاب. علمًا بأن لهؤلاء الزوجان عائلة كانت تعلم بوضعهما ولكنهم تنصلوا -بسكوتهم- من المسؤولية فوقع ما وقع!
نسوق هذه الواقعة لنقول إن المدمن شخص غير مؤتمن على زوجة، ولا على أطفال وأسرة. والإدمان الذي يظنه البعض شأنًا خاصًا يضر المتعاطي نفسه ففي الواقع هو نارٌ يمكنها أن تلتهم كل من حوله. لذا نستغرب تستر بعض أولياء الأمور على أبنائهم مع وجود شك يقارب اليقين أنهم متعاطون. بل إن بعضهم -أثناء المداهمات- يحاولون مغافلة الشرطة وطمس الدلائل. وهم بذلك لا يكتبون شهادة وفاته فقط بل شهادة وفاتهم أيضًا فمثل هؤلاء قنابل متأهبة للانفجار في أية لحظة ولا يمكن التنبؤ بخطواتهم وتصرفاتهم.
سمعت مرة عن شابة بلَّغت عن شقيقها بعدما سحبه رفقاء السوء لفخ التعاطي، وسمعت أنها أصبحت منبوذة في عائلتها، وأن والدتها لم تحادثها لسنوات، ولم يكن يُرحبُ بأطفالها في تجمعاتهم العائلية! بالنسبة لهم لقد خانت هذه الأخت أخاها وضيعت مستقبله. لكن الأخ، عندما انقضت سنوات حبسه الثلاث، كان له رأي آخر. فقد شكر أخته وصارحها أنه كان يخطط للاتجار بالمؤثرات العقلية مستغلاً عمله كمضيف جوي. وكان وقتها سينكشف ويخسر من عمره سنوات أكثر عدا أنه سيحمل على كتفه ذنب تدمير آلاف الشباب فضلًا عن تدمير نفسه.
ما نود قوله هو إن الشخص، فور وقوعه في شرك الإدمان، يتحول لشخص آخر غيره. وتتغير تركيبته النفسية فلا يعود هو ابنك أو زوجك أو أخاك؛ إنه شخص آخر خطر على نفسه ومجتمعه. وبقاء الزوجة مع زوج مدمن جريمة في حق نفسها، وسكوت الأم عن ابنها المدمن جريمة أيضًا؛ فالمدمن مريض لن يُحسنَ التعامل معه، ومد يد العون له، إلا الجهات المختصة.