جائزة مستحقة لقائد حكيم

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٢/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
جائزة مستحقة لقائد حكيم

ناصر اليحمدي

منذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد وهو ينتصر دائما للإنسان فوضعه في بؤرة اهتماماته.. وعندما سعى لبناء دولة عصرية قوية متكاملة الأركان جعل الهدف الأسمى منها هو تحقيق الرفاهية والعيش الكريم للمواطن وأسرته وأولاده من بعده.. لذلك لم ينتقص حقا من حقوق هذا المواطن ولم يبخس بإرادته أو يصادرها ومنحه حقوقه كاملة انطلاقا من الفكر السامي بأنه لكي يستطيع المواطن أن يؤدي ما عليه من واجبات تنهض بالمجتمع عليه أن يحصل على حقه أولا.. فنهض الوطن وارتفع البناء وسما معه الإنسان العماني.

هذه السياسة الحكيمة والفكر الثاقب لم تراع المواطن العماني فقط بل الوافد المقيم أيضا واتسعت مظلة الرعاية وتعدت الحدود لتشمل الإنسان في كل مكان سواء في بلد عربي أو أجنبي لتسمو الإنسانية بمعناها الراقي وينعم في ظلها الوارف كل محتاج.
وتُعد جائزة الإنسان العربي الدوليَّة للعام 2016 من المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي التي استحقها عن جدارة حضرة صاحب الجلالة -أبقاه الله- وتسلمها نيابة عن جلالته صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد في مقر المركز بأوسلو العاصمة النرويجية برهانا جديدا وساطعا على حكمة السياسة وصواب الرؤية ونبل التعامل.. فإذا كانت هذه الجائزة جاءت تقديرا لجهود جلالته العظيمة وإسهاماته النبيلة في مجال حماية ودعم حقوق الإنسان محليا وعربيا ودوليا إلا أننا كعمانيين نشعر بهذه الجهود ونعرف قيمتها جيدا قبل ظهور الجائزة بسنوات كثيرة.
بالطبع لم يستغرب العمانيون من منح هذا المركز الذي يهتم بالدفاع والمطالبة بضمان الأداء والالتزام بحقوق الإنسان الطبيعية والدينية والقانونية لمجتمعات منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي الجائزة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه وأبقاه-.. فمنذ أن فتح العمانيون أعينهم على الدنيا وهم يرون جلالته يعمل من أجل إسعادهم ويتفقد أحوالهم ليتعرف على همومهم ويحل مشاكلهم ويشاركهم أحلامهم ويسعى لتحقيق طموحاتهم.. ورغم الإمكانيات المحدودة والظروف القاسية إلا أنه استطاع أن يفتح باب الارتقاء والتطور ويسلك سبل التنمية المستدامة التي حولت حياتهم من البساطة إلى العصرية الحديثة وأصبح الشعب العماني لا يقل تقدما أو إمكانيات عن مثيله حول العالم.
لقد ضرب حضرة صاحب الجلالة مثالا قويا للحاكم الإنسان واستطاع أن يعطي التاريخ أبدع الدروس في كيفية توظيف طاقات الوطن بما يعود على المواطن بالخير والرخاء ورسم صورة مشرقة وضاءة للشخصية الإنسانية الفريدة التي نالت احترام وثقة العالم أجمع وأضحت شعوب العالم تتمنى لو أن قابوس قائدها.
إن ما شهدته وما زالت تشهده السلطنة من تغيرات وتحولات تأخذها للعيش في أجواء الحداثة يشعر أهلها بأنها في كل يوم تولد من جديد.. فعجلة الإنجازات لا تتوقف والتحسينات والتحديثات تشمل كافة ربوع الوطن سواء في البنية الأساسية أو الخدمات المقدمة من تعليم وصحة وغيرها.. بل طالت هذه التحديثات العقليات وأصبحت الأفكار أكثر نضجا واستيعابا وانفتاحا على الآخر.
لا شك أن شخصية حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- وحكمته ورجاحة عقله وقراءته المستنيرة للأحداث من حوله واستشرافه للمستقبل أحد العوامل التي أهلته لنيل الجائزة التي شرفت أن يقترن اسمها باسمه.. فمواقفه وأفعاله تؤهله دائما للريادة والسيادة فكيف لا وقد استطاع أن يحقق لشعبه خلال أربعة عقود فقط الاستقرار وسط خضم هادر من الاضطرابات التي تضرب المنطقة بأسرها وجعل بلاده جنة وارفة وواحة للأمن والأمان.. وكم من أسرى استطاع بعلاقاته الطيبة أن يفك أسرهم ويعيدهم لأهلهم سالمين سواء في فرنسا أو أمريكا أو كندا وغيرهم الكثيرون.. ولا ننسى توجيهاته السامية بتقديم الواجب الإنساني للشعب اليمني وعلاج للجرحى الذين تقلهم الطائرات الخاصة لتحط بهم في مستشفيات السلطنة كذلك المساعدات الجمة والمستمرة للشعب الفلسطيني خاصة المحاصرين في قطاع غزة.. بالإضافة إلى حل مشاكل الليبيين والسوريين والإيرانيين دون ضجيج وبحكمة وهدوء وغير ذلك الكثير من المواقف التي لا تعد ولا تحصى.
إن الجوائز والأوسمة التي نالــها حضرة صاحب الجلالة -أيده الله- أقل مــا يمكن أن يمــنح لجلالته على ما قدمــه للإنســانية وقد زادت قيمــة عنــدما تقلدهــا.. فأفعــاله التي حفــر سـطورها بأحرف من نــور في كتــب التاريخ ستظل شــاهدة على تفــرد شـخصيــته وأنه يستحق حــقا الكثــير والكثير من الجــوائز التي هي فخر لكل العمانيين.

المجالس البلدية.. وبداية جديدة للطريق

انتهى عرسنا الديمقراطي وتم الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات المجالس البلدية للفترة الثانية.. لنطوي صفحة مشرقة تجلت فيها معاني الوطنية والشراكة الحقيقية.. فالحكومة نجحت باقتدار خاصة وزارة الداخلية في ترتيب وتنظيم العملية الانتخابية فسارت بسهولة ويسر وانسيابية وتميزت بالدقة والشفافية لاسيما مع وجود صناديق الاقتراع الجديدة التي قامت بفرز الأصوات آليا وفي وقتها، ومما يدل على حسن إدارة الانتخابات وشفافية النتائج هو عدم تلقي اللجنة الرئيسية للانتخابات أي بلاغات أو شكاوى للطعن في النتيجة.. والمرشحون أظهروا وعيهم بقيمة المنصب الذي يسعون لشغله فهو أمانة ثقيلة وتكليف أكثر منه تشريفا.. والناخبون أظهروا ولاءهم للوطن ورغبتهم في المشاركة الفعالة في بنائه عن طريق الإقبال المرضي من الجنسين على التصويت وتعاونهم مع المسؤولين في اللجان لتسهيل عملية الانتخاب واختيار الأنسب.
لا شك أن الإقبال الكبير الذي شهدته انتخابات المجالس البلدية للفترة الثانية تدل على ما يتمتع به المواطن العماني من وعي بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه..
إن المواطنين يتطلعون لما سيساهم به المجلس البلدي في تنمية البلاد في ظل التحديات المتزايدة نتيجة التوسع العمراني والزيادة السكانية التي تتضاعف مطالبها.. وليعلم الأعضاء الجدد أنهم تحت المجهر ومراقبون من أبناء ولاياتهم الذين ينتظرون منهم تقديم الكثير.. والتنافس الشريف الذي شاهدناه في الانتخابات يجب أن يستمر كذلك في خدمة المواطنين بعيدا عن المصالح الفئوية أو المحسوبية فلولا الإرادة الشعبية ما استقر على هذا الكرسي.. فالمنصب الجديد أمانة ومسؤولية جسيمة يجب أن يشعر بها صاحبها حتى يقوم بعمله كاملا.
نتمنى أن يكون لكل مجلس بلدي جديد رؤية مشرقة وأفكار مبدعة تساهم في تطوير منطقته وتحقق لأبنائه الرخاء والاستقرار وتعمل على حل مشاكلهم وتسهم في دفع عجلة الإنتاج وإذا كانت كفاءة الأعضاء الجدد حققت لهم الفوز في الانتخابات فيجب أن نرى أيضا كفاءة في إدارة المجلس وتوجيهه للمضي قدما في طريق النهضة المباركة وعليهم أن يثبتوا أنهم على قدر الثقة التي أولاها لهم الناخبون.. ولتساعدهم الحكومة في ذلك فنجاح تجربة المجلس في فترته الأولى يجب أن نستثمره في فترته الثانية فتعمل على توســيع صلاحياته بالتدريج حتى تتعاظم مساهماته في بناء الوطن.

آخر كلام

التاريخ لا ينظر إلى الخلف كما نعتقد وإنما إلى الأمام ليزيد من رصيده.