«الأم» أكثر الشخصيات تأثيراً في طفولة الرئيس السيسي

الحدث الخميس ٢٩/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
«الأم» أكثر الشخصيات تأثيراً في طفولة الرئيس السيسي

القاهرة - خالد البحيري

امرأة أفنت حياتها، تربي أبناءها بإخلاص، وتزرع فيهم القيم النبيلة، وتغذي بداخلهم حب الخير والإخلاص للوطن، وعزة النفس والإباء.. إنها سعاد إبراهيم والدة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أم مصرية بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، تبدأ يومها قبيل أذان الفجر، تصلي وتبتهل إلى الله العلي القدير أن يحفظ لها أسرتها ويطرح البركة في أبنائها.. وكأن باب السماء كان مفتوحاً، وتلقفت يد الاستجابة دعواتها، فخرج من بين أبنائها رجل حمل أمانة حكم مصر على عاتقه، ليعبر بها من التمزق والتشتت، إلى حيث الأمن والاستقرار، والانطلاق نحو نهضة عملاقة تعيد مصر لمكانتها ومكانها اللائق.

جولة

«الشبيبة» تجولت في عطفة البرقوقية، المتفرعة من شارع الخرنفش بحي الجمالية، هناك حيث القاهرة العتيقة، بكل ما تحمله من عبق التاريخ والأصالة، وما تفيض به من تقاليد عريقة، حيث قضى الرئيس طفولته وبعضاً من صباه، وسط 7 من إخوته الأشقاء هم: أحمد وحسين وزينب ورضا وفريدة وأسماء وبوسي، يرعاهم أب شرقي متديّن يعمل في صناعة الأرابيسك والصدف، هو الحاج سعيد حسين خليل السيسي، وأم كرست حياتها لبيتها.

استمعنا إلى شهادات الجيران والأقارب عن هذه الأسرة المصرية، فجاءت الكلمات لترسم لوحة من الإخلاص والعرفان بالجميل للمعاملة الطيبة التي تلقوها من ذلك الصانع الماهر والتاجر الصدوق وزوجته وأبنائهما، فالتديّن الوسطي المعتدل سمة غالبة على الجميع، والتسامح والعفو منهج حياة رسمته الأم لأبنائها، فاتخذوه نبراساً ودليلاً في تعاملاتهم مع كل من حولهم.

الأقرب إلى قلبها

شهود المعايشة والجوار قالوا إن الرئيس السيسي كان الأقرب إلى قلب والدته، وهي التي ساهمت في تحفيظه القرآن الكريم وهو لا يزال صغيراً، وكثيراً ما كانت تقوم بمهمة «لقمان الحكيم» مع ابنها تنصحه وتضرب له المثل، وتعطيه عصارة خبرتها، وشعارها في ذلك «الدين المعاملة»، فأثّرت في شخصيته، وانطبعت نصائحها على صفحات عقل ذلك الطفل الصغير آنذاك، يتدبر كلماتها، ويتذكّر نُصحها له، ويسترجع وصاياها كلّما اشتدت الأزمات وعصفت الرياح من حوله، فيعود هادئاً مطمئناً واثقاً من عون الله ومدده، وصوت ينطلق من أعماقه يردد على مسامعه «إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا».

صفات أصيلة

في نفس العقار التي كانت تسكنه سعاد إبراهيم والدة الرئيس قبل أن تنتقل مع أسرتها لمنطقة مدينة نصر شرق العاصمة المصرية، التقينا الحاجة فوزية فهمي الشافعي، فقالت: كانت جارتي.. كنا في بيت عائلة، لم نسمع منها طوال 15 عاماً قضيناها سوياً سوى الكلمة الطيبة، فقد كانت عاقلة، هادئة، كريمة، تأسر كل من حولها بحلو حديثها، وقوة حجتها.

وتابعت: أعرفها عن قرب «أصلها كانت جارتنا» فقد كانت تسكن في المنزل المقابل لمنزلنا قبل الزواج من والد الرئيس.. ورغم أن المنزل كان يجمع ثماني أسر إلا أن الجميع كان يعيش في وئام وسكينة. وكانت -رحمها الله- امرأة مصرية تتسم بحُسن الخلق والتربية والالتزام بالصلاة والصوم، وكافحت مع زوجها وأولادها لتعليمهم وتربيتهم على أفضل ما يكون، وإذا سارت في الشارع كأنها ملاك يمشي على الأرض، الجميع يحبها، ويستقبلها بوجه باسم، وتحية رقيقة.

وحتى بعد انتقالها إلى بيتها الجديد في مدينة نصر كانت تحافظ على صلة الرحم، وتأتي لتصل معنا حبال الود والمحبة، وتقضي معنا بعض الوقت نسترجع فيه ذكرياتنا الجميلة سوياً، ثم تنصرف، وظلت على هذا الحال إلى ما قبل وفاتها بفترة بسيطة.

وبينما كانت هذه المرأة الطاعنة في السن تودعنا إلى حيث الشارع لمعت عيناها وتساقطت منها دموع حارة على فراق هذه المرأة التي تركت أثراً في كل من عاش معها أو تعرّف عليها عن قرب.. ودّعتنا ولسان حالها ينطلق بدعاء خالص، أن تلحق بجارتها علّهما يلتقيان مجدداً دون فراق في الفردوس الأعلى من الجنة.

ليست مجرد أم

في حي الجمالية، التقينا أحد أقارب الرئيس والذي فضّل عدم ذكر اسمه، فحدّثنا عن سعاد إبراهيم، مؤكداً أنها «لم تكن أماً لأبنائها فحسب بل كانت أماً لنا جميعاً، لا تضن بحنانها وعطفها وحكمتها ونصحها على أي من أبناء العائلة»، فهي ليست مجرد أم، ولكن يمكن أن نطلق عليها «مربية أجيال» تتعهد النشء بالرعاية والاهتمام وتجيد صناعة جيل خالٍ من التعصب أو الكراهية، وتصل إلى القلوب من أقصر الطرق وهي الصدق والإخلاص.

وأضاف: انطبعت صفاتها على شخصية الرئيس السيسي، فكان شديد الانضباط في تصرفاته، وإذا ما تعرّض لموقف يضايقه يكون رده على صاحب الموقف «ربنا يهديك».
وتابع: لا يزال الرئيس يحتفظ بخاتم من الفضة أهدته له والدته، ويتفاءل به، ويحب ارتداءه فهو من أعز الناس، وأقربهم إلى قلبه ومنها تعلم ألا يأخذ سوى حقه فقط، ولذلك تجده لا يحب الواسطة، والدليل على ذلك أن أحد أبنائه تقدم للالتحاق بالكلية الحربية فلم يتم قبوله في العام الأول رغم أنه كان يشغل منصباً مرموقاً في الجيش، وأعاد التقدم مرة أخرى ووفقه الله وتم قبوله.
واختتم بالقول: لقد تعلمنا من سعاد -رحمها الله- الذوق وحب الجمال والاهتمام بالنظافة، فقد كانت تعشق رائحة البخور وتحرص على أن توزعه في جميع الغرف، لدرجة أن الداخل من الباب الرئيسي للمنزل كان يشم رائحته، مع أنها كانت تقيم في الدور الرابع، كما كانت أصوات عمالقة التلاوة في مصر تنطلق من بيتها في جو روحاني بديع، افتقدناه هذه الأيام.