المناطق الحرة وسيلة اقتصادية لجذب وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية

مؤشر الثلاثاء ٢٧/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
المناطق الحرة وسيلة اقتصادية لجذب وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية

مسقط -
أكدت دراسة حول المناطق الاقتصادية الحرة بالسلطنة الذي أعده الخبير الاقتصادي بغرفة تجارة وصناعة عمان د.عبدالسلام يحيى أن المناطق الاقتصادية الحرة تعتبر وسيلة اقتصادية تستخدمها الدول بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الاستثمارات المحلية بما يعود بالفائدة على تلك الدول من عدة نواح. وقد ارتبط ظهور المناطق الحرة بتوسع حركة التجارة الدولية مند القدم والتي ازدادت الحاجة إليها مع ظهور متطلبات العولمة الاقتصادية، من حيث العلاقات التجارية متعددة الأطراف التي تساعد على النفاذ إلى الأسواق وتسهيل عمليات انسياب السلع والخدمات بين الدول والتي تنظمها أخيراً مؤسسة دولية واحدة هي منظمة التجارة العالمية.

وقد تطورت المناطق الحرة عبر التاريخ من مجرد مناطق يتم فيها منح بعض المشروعات تسهيلات بهدف الدفع لزيادة حجم تجارة الترانزيت إلى مناطق تزاول فيها عمليات متعددة من تخزين وتوزيع وأنشطة صناعية وأنشطة خدمية ولوجستية وغيرها من الأعمال.

مفهوم المناطق الاقتصادية الحرة

أشارت الدراسة إلى أن مفهوم المناطق الاقتصادية الحرة عبارة عن مساحة جغرافية من إقليم الدولة المضيفة تخضع لسيادتها الكاملة ويجري فيها تنظيم الأنشطة الاستثمارية فيها بقواعد قانونية واقتصادية وإجرائية خاصة بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية إليها وتحقيق أهداف الدولة المضيفة. وهنا يجب الإشارة إلى أن المناطق الحرة تختلف في الشكل والمضمون عن الأنظمة الأخرى مثل: الأسواق الحرة، نظام الدروباك «رد الضريبة»، نظام الإعفاءات المؤقتة ونظام الترانزيت ومناطق التجارة الحرة التي هي شكل من أشكال التكتل الاقتصادي مثل تكتل النافثا.

نوع المناطق الحرة

تنقسم المناطق الحرة وفقا لمبدأ الموقع والمساحة إلى: مناطق حرة عامة، مناطق حرة خاصة ومناطق حرة تشمل مدنا بأكملها. ففي حين يتم إنشاء المناطق الحرة العامة وهي تشمل «التخزين والخدمات والتصنيع» بجوار إحدى المدن أو الموانئ التي تهدف الدول إلى تنميتها فإن المناطق الاقتصادية الحرة الخاصة ينحصر نشاطها في الغالب الاستثمار في مشروع واحد يتم منحه حق الامتياز في المنطقة بشكل احتكاري وفقا لنظام المناطق الحرة ويشترط في هذا النوع من المناطق القرب من مواقع المواد الخام والموانئ البحرية والجوية ويجب توفر أماكن التخلص من النفايات الصناعية وهذا بطبيعة الحال يتطلب مناطق شاسعة. أما المناطق الحرة التي تنشأ كمدن كاملة فهي ترجع إلى توجه الدولة المضيفة بتنمية مدينة أو إقليم معين وتحويله إلى مركز تجاري أو صناعي يساعد في اندماج الدولة في الاقتصادي العالمي، كما يتم إنشاء هذا النوع من المناطق لعدم توفر التمويل الكافي للدولة المضيفة لإنشاء منطقة حرة مستقلة بداتها.

تقسيم المناطق الحرة

تنقسم المناطق الحرة من حيث النشاط إلى ثلاثة أقسام هي: المناطق الحرة التجارية، المناطق الحرة الصناعية والمناطق الحرة للخدمات. ففي حين تركز المناطق الجرة التجارية في نشاطها على استيراد السلع المتنوعة بغرض تخزينها وتسويقها في الوقت والمكان المناسبين وبأقل تكلفة ممكنة مع إمكانية إجراء بعض التعديلات الطفيفة على هذه السلع مثل عمليات التخزين والفحص وعمليات التحويل وعمليات التصدير.
أما المناطق الحرة الصناعية فهي تخصص لإجراء عمليات التصنيع بجميع أشكالها، حيث يتم الترخيص فيها بإنشاء مصانع تقيمها الاستثمارات الأجنبية والمحلية للاستفادة من التسهيلات الممنوحة بغرض الوصول والنفاذ إلى الأسواق العالمية وهي في الغالب تكون معزولة جمركيا عن بقية أقاليم الدولة. وتأخذ المناطق الحرة الصناعية إشكالا عدة مثل المناطق الحرة للصناعات التصديرية والمناطق الحرة للمشروعات التي تركز على تشجيع المستثمر المحلي لتنمية إقليم معين.
أما النوع الأخير من المناطق الحرة وفقا لنوع النشاط فهو المناطق الحرة للخدمات وهي مناطق تقام فيها مشروعات استثمارية تزاول أنشطة متعلقة بأعمال النقل وأعمال المصارف والتامين وأي خدمات أخرى تحتاج إليها مشروعات المناطق الحرة وهي في الغالب تنحصر في نوعين: المناطق الحرة المالية والمناطق الجرة الجبائية.

معوقات نجاح المناطق الحرة

وقالت الدراسة: قد يكون من السهل أن تقرر دولة ما إنشاء منطقة حرة على إقليم من أقاليمها وقد تتوفر بعض مقومات نجاح هذه المناطق ولكن ذلك يظل مرهوناً بعدم وجود بعض المعوقات التي تؤثر سلباً على تلك المناطق والتي من أهمها: المعوقات الاقتصادية والمالية متمثلة في عدم الاستقرار السياسات المالية والنقدية للدولة المضيفة، أو من حيث عجز الموازنة والتضخم وعــــدم استقـــرار سعر الصرف.
من جانب آخـــر قـــد تكون العوائق تشريعيــة وقضائيـــة مثـــل تعـــدد التشريعات المنظمة للاستثمار في المناطق الحرة وسلوك الدولة القانوني «التأميم وعدم احترام النصوص والاتفاقيات» وآلية تسوية المنازعات.
يضاف إلى ما سبق المعوقات المتعلقة بعدم افتقــاد المناطق الحرة للبنية الأساسية التي تلبي احتياجاتها وكذلك المعوقـــات الإداريـــة التـــي تنحصر في تعدد الجهات المشرفــة على الاستثمار وازدواجية الاختصاصات.
أخيراً لعل من أهم التحديات التي قد تحد من نجاح المناطق الحرة هو العوائق الخارجية مثل عدم الاستقرار السياسي في الدول المجاورة والمقاطعات السياسية أو حتى الحواجز المترتبة علي قيام منظمة التجارة العالمية لغير الدول الأعضاء.

تجربة السلطنة في المناطق الحرة

أوضحت الدراسة أن السلطنة تمتلك العديد من المقومات المشجعة لقيام المناطق الحــرة والاستثمـــار وجعلها منطقة متميزة ومنافسة للعديد من دول مجلس التعاون الخليجي وحتى الدول الإقليمية مثل منظومة الدول المطلة على المحيط الهندي.
وتتمثل هذه المقومات في الآتي:

 موقع استراتيجي متميز

 بنية أساسية جيدة ولكنها تحتاج إلى التطوير

 استقرار سياسي وحكومي

 استقرار نقدي ومالي

 أنظمة قانونية واسعة ومرنة

 حرية الاستثمار مدعمة بسياسات وحوافز استثمار مشجعة

 نظام ضريبي مرن

 تنوع في مصادر الطاقة والموارد الطبيعية

حسن الضيافة والترحيب بالمستثمرين من قبل كافة أطياف الشعب العماني.

أيضا السلطنة ترتبط بعلاقات تجارية قوية مع العديد من الدول عن طريق الاتفاقيات والمعاهدات التجارية التالية:

 عمان لها اتفاقات ومعاهدات تجارية تشمل الآتي:

 لها علاقـــات تجــاريـــة مع أكثر من 140 دولة

 لها معاهدات واتفاقات تجارية مع حوالي 105 مؤسسة إقليمية ودولية

وذكرت الدراسة أن الحكومة العُمانية أولت المناطق الحرة عناية خاصة وأهمية كبيرة، حيث عملت على إصدار المراسيم السلطانية وإعطاء الحوافز الإدارية والاستثمارية أسوة ببقية المناطق الحرة الأخرى في دول العالم، كما شجعت دائما على الاستمرار في منح الأراضي وتوفير البنى الأساسية في هذه المناطق وهو ما يدل على اهتمام الحكومة في تفعيل دور المناطق الحرة في السلطنة، ونتيجة لذلك الاهتمام فقد تم الإعلان عن إنشاء ثلاث مناطق حرة بالسلطنة هي: منطقة صحار الحرة -منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة- منطقة صلالة الحرة.

منطقة صحار الحرة

تتمحور أهمية منطقة صحار الحرة كما جاء في الرؤيا الخاصة بإنشائها في العمل على تعزيز دورها كمنطقة اقتصادية رائدة في مجال عملها إقليميا ودوليا الأمر الذي يترتب عليه جعل عمان وجهة للمستثمرين ورواد الأعمال في المجالات التجارية – الصناعية واللوجستية. إن الأهداف العامة لإنشاء ميناء صحـــار والمنطقـــة الاقتصادية الحرة بصحـــار تركز علي جعلهما الخيار المفضل للشركـــات الإقليميـــة والدولية من خلال إقامـــة علاقات تجارية متميزة بيـــن السلطنة وتلك المؤسسات وذلك مـــن خلال العمل على تطوير قدرات الزبائن بتوفير كافة التسهيلات التي تساعد على نجاح مشاريعهم الاقتصادية والتجارية في المنطقة.

استراتيجية الموقع

يستفيد موقع منطقة صحار الاستراتيجي من موقف لا يحسد عليه خارج مضيق هرمز، ما يعني أنه يمكنك الوصول إلى أكثر من 3.5 بليون مستهلك عبر الخليج برا وبحرا، أو جوا، دون الحاجة للدخول إليها. إن المنطقة الحرة بصحار إن صح التعبير تجلس في وسط طرق التجارة العالمية بين أوروبا وآسيا، وهي أيضا حجر الزاوية في البنية الأساسية سريعة النمو في المنطقة والخاصة بالطرق البرية والجوية والسكك الحديدية، وخدمات الاتصالات.
ويشير المخطط الخاص بمنطقة صحار الحرة إلى تخصيص أكثر من 5 مليون متر مربع مع الربط المباشر مع ميناء صحار البحري وخطوط السكك الحديد ومطار صحار ومسق الدوليين.

منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة

وفقا للرؤية التي ترتكز عليها عملية إنشاء المنطقة الاقتصادي الخاصة بالدقم والمتمثلة في تعزيز مركزها كبوابة إمداد لوجستي على بحر العرب، وموطن للاستثمار الآمن، وبيئة أعمال متطورة، ومقصد سياحي متميّز لرفد الاقتصاد الوطني وتنوع قطاعاته المختلفة تُعَدُّ المنطقة الاقتصاديّة الخاصّة بالدّقم «SEZD» هي الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تُصَنَّفُ ضمن المناطق الاقتصاديّة الكبرى في العالم. تتوقَّع الهيئة الاقتصاديَّة الخاصّة بمنطقة الدّقم SEZ أنّ هذا الموقع سيحقّق التّوازن للتنمية المحليّة من خلال تنشيط الدور الاقتصادي لمحافظة الوسطى، كما سيُساهم في تنويع مصادر الدَّخل القومي وتوفير فُرص عملٍ للعُمانيين وتدعيم قطاع إعادة التصدير ونقل التكنولوجيَّات الحديثة إلى السلطنة.

منطقة صلالة الحرة

يعتبر موقع صلالة مركز الثقل الرئيسي للأسواق التي تضم شرق أفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي وشبه القارة الهندية التي تستورد ما يزيد على 620 بليون دولار من السلع والمواد سنوياً، ما يوفر للمستثمرين سوقاً إقليمية جذابة. وتتميز منطقة صلالة الحرة بوجود ميناء صلالة ومطار دولي وشبكة الطرق الرئيسية المرتبطة بأسواق دول مجلس التعاون الخليجي، وسوف يتم في المستقبل وصل المنطقة الحرة بشبكة السكك الحديدية التي تربط دول مجلس التعاون الخليجي. كما أن خدمة الربط البحرية - الجوية تنافسية من آسيا إلى أوروبا فهي توفر 48 ساعة من زمن وصول الشحنات.
إن ما يميز منطقة صلالة الحرة أيضا الميناء الاستراتيجي الذي من خلاله يمكن توفير شحنات أسبوعية منتظمة إلى مراكز عالمية (على سبيل المثال 23 شحنة إلى أوروبا، 21 شحنة إلى شبه القارة الهندية، 13 شحنة إلى آسيا، و11 شحنة إلى أفريقيا). ونتيجة لذلك، تستغرق شحنات الاستيـــراد والتصديـــر مــدة تقــل بنسبة 30 % إلى 40 % في المتوسط عن سواها من المواقع المنافسة «على سبيل المثال 15 يوماً إلى نيويورك، 12 يوماً إلى إنجلترا، و8 أيام إلى سنغافورة».

الأنشطة في المنطقة

تتمحور الأنشطة في منطقة صلالة في التجميع والتصنيع الخدمات اللوجستية والتوزيع، ومن جانب آخر فإن استراتيجية المنطقة تتركز في الأنشطة التصديرية التي تتمتع فيها المنطقة بمزايا تنافسية وتطل منطقة صلالة على السوق الإقليمي قيمتها أكثر من 600 بليون دولار والامتداد العالمي إلى 1.2 تريليون الواردات التنافسية، كما أن هناك سهولة في الحصول على القوى العاملة منخفضة التكلفة والحصول على القوى العاملة المحلية والوافدة المؤهلة في وسط العالم. كما تتميز منطقة صلالة بأنه في غضون أسبوعين تصل الشحن لمعظم السوق مع إمكانية الوصول إلى جميع وسائط النقل.