انخفاض أسعار النفط.. الفرص الجديدة والتغيير

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٦/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
انخفاض أسعار النفط.. الفرص الجديدة والتغيير

بن فلاناجان

تقول ماري روبنسون إن انخفاض أسعار النفط لم يؤثر على الطاقة المتجددة بقدر ما نعتقد. بل في الواقع إنه يبشر بعهد من الفرص الجديدة والتغيير، ولا سيما مع أخذ كل من تغير المناخ والطاقة المستدامة بعين الاعتبار.

وكانت روبنسون أول امرأة تتولى منصب رئيس إيرلندا، وقد شغلت هذا المنصب في الفترة بين العام 1990 إلى العام 1997. كما عملت روبنسون أيضًا كمفوضة الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ومبعوثة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ. ومن منطلق منصبها الأخير، ترى روبنسون أن الشرق الأوسط يمكنه كسب الكثير من انخفاض أسعار الطاقة والانتقال إلى الاستثمار في مصادر الطاقة المستدامة.

■إن تغير المناخ في صميم اهتماماتك. هل أدى انهيار أسعار النفط لإسقاط الحجج المؤيدة للطاقة المستدامة، نتيجة لانخفاض أسعار الوقود الأحفوري كثيرًا عن ذي قبل؟

من المثير للاهتمام ملاحظة ما يجري الآن، ولدي شعور بأن جزءًا منه ناتج عن إقرار الدول المنتجة للنفط بأن أمامها وقتا محدودا الآن لإنتاج هذا المنتج. وبعبارة أخرى، إن هذه (الدول) -لا سيما المملكة العربية السعودية- تدرك أنه إذا أردنا البقاء أدنى من مستوى الاحتباس الحراري بمقدار درجتين، وسعينا إلى بلوغ 1،5 وحسب، فلا بد أن نتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري بالكامل، ربما بحلول العام 2050. وقراءتي للموقف تفيد بأن هبوط أسعار النفط لم يؤثر بالسلب على الطاقة المتجددة بقدر ما كنا نتوقع.

■ما الدول التي أحرزت تقدمًا في مجال ضريبة الفحم؟

ثمة عدد كبير من البلدان التي فرضت ضرائب على الانبعاثات الكربونية، مثل بلدي إيرلندا، التي تطبق برنامجًا لتحديد وتبادل الانبعاثات، والصين الآن تجرب أشكالاً مختلفة من هذا البرنامج أيضًا. وأعتقد أننا نوشك الآن على الوصول إلى العدد المطلوب من الدول لتعميم هذه البرامج. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ككل لا تطبق هذه البرامج، ولكن ولاية كاليفورنيا تطبقها. أعتقد أن المشهد اليوم أشبه بنادي للدول التي تقوم بتسعير الكربون، وتحتاج إلى رفع سعره أكثر من ذلك. في المقابل، توجد الدول التي لا تفعل ذلك، وهذا ما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة إلى حد ما في هذا السياق بالذات. ولكنهم يعرفون أنهم في النهاية سيخسرون، لأنهم مضطرون إلى الاتجار في البلدان التي تفرض سعرًا لانبعاثات الكربون.

■لقد عانت اقتصادات دول الخليج العربي بشدة جراء التراجع في أسعار النفط. ولكن ثمة إصلاحات قادمة: فنحن نشهد رفع الدعم ومحادثات حول فرض الضرائب التجارية على الشركات. بالنظر إلى ذلك، هل ترين أن ضريبة الانبعاثات ستكون أكثر قبولًا في هذه الأسواق، وهل ثمة أية إصلاحات أخرى ترينها ضرورية؟

أود أن أتحدث هنا من زاوية مختلفة بعض الشيء: أرى أننا في حاجة إلى انتقال عادل، وخاصة للعاملين في القطاعات التي أشعلت الثورة الصناعية: النفط والغاز والفحم. فنحن لا نريد صدمة مفاجئة أو التخلي عن العمال ليتحملوا العبء كله. نحن في حاجة إلى انتقال عادل. نحن بحاجة إلى قيادة واعية ترى حاجتنا للمضي قدمًا.
وبصراحة، أعتقد أن المملكة العربية السعودية تتعرف بالفعل على فوائد الطاقة الشمسية لها. فهي تتمتع بشمس ساطعة ورمال عالية الجودة. والرمال مفيدة جدًا فهي تُستخدم لصنع الألواح الشمسية. وليس لدي أدنى شك في أن ثمة من يعرفون في المملكة العربية السعودية أن هذا هو المستقبل ويستعدون لذلك. لكنهم في الوقت نفسه يريدون تعظيم وضعهم كدولة نفطية. لذلك سيكون من الصعب عليهم، بالطبع، فرض ضرائب على ما لم يخضع للضريبة بعد. وربما هم لا يحتاجون لذلك. لكن عليهم أن يكونوا على استعداد للانتقال بطريقة عادلة، بطريقة تقوم على إعادة تدريب وتأهيل العمال.
وأنا أعتقد أن ذلك مهم جداً لأن هؤلاء العمال هم الذين بنوا على أكتافهم ازدهار البلدان، وهي غالبية البلدان التي نعمت بالازدهار من خلال الوقود الأحفوري.
تدور الكثير من الصراعات في منطقة الشرق الأوسط. إذا خاضت بلد غمار الحرب، فهل يعني ذلك تلقائيًا أنها ستفشل؟
توضح مؤشرات الحاكمية في أفريقيا -والتي يعود تاريخها إلى خمسة عشر عامًا- أنماطًا واضحة في هذا الشأن. فالبلدان المتحاربة، واحدة تلو الأخرى، تتذيل القائمة. فهذه هي حقيقة المسألة. ويمكنني تبسيط المشكلة بالنسبة للبلدان بطرح السؤال التالي: ما الذي يجعل البلدان تفشل؟ وإجابتي هي: الحروب والفساد، وتُضاف إليهما بوتيرة متصاعدة تأثيرات تغير المناخ؛ إنها المهلكات الثلاث. ولكني من زاوية أخرى أؤمن أيضًا أنه يمكن للبلدان، التي تتمتع بالحاكمية الرشيدة، أن تخرج من هذه الصعوبات تحت لواء قيادتها. لذا، فالمسألة تحتاج إلى كل من القيادة ومؤسسات الحاكمية الرشيدة.

متخصص في شؤون التجارة والابتكار في الشرق الأوسط