وحدة دعم التنفيذ والمتابعة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٨/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
وحدة دعم التنفيذ والمتابعة

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

يكتسب إنشاء وحدة دعم التنفيذ والمتابعة بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم 50/‏‏ 2016، التي تتبع وزير ديوان البلاط السلطاني، أهمية كبيرة في المرحلة الراهنة والقادمة وعلى كافة الأصعدة والمستويات الوطنية الهادفة إلى الارتقاء بالعمل الحكومي بما يتماشى مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وضرورة مواكبتها بشكل يسهم في الاستفادة منها، والتعجيل بآليات العمل في كل المجالات كأحد المتغيرات الواجب الحرص عليها لدفع العمل في كل القطاعات بالدولة، ومراقبة الأداء وتقييمه وفق أسس علمية تعمل على إضفاء المزيد من أدوات الهادفة إلى تقييم العمل في الأجهزة الحكومية، الأمر الذي يبعث على الارتياح لهذه الخطوة التي ستعمل على رفع كفاءة العمل في أجهزة الدولة، ومراجعة الأطر والتشريعات المتضاربة التي تعيق الأداء وتضعف الإنجاز، وتضفي البيروقراطية على العمل، وتسرع من وتيرة العمل بشكل أفضل مما هو عليه الآن.

في البداية، يجب أن ندرك أن إنشاء وحدة دعم المتابعة والتنفيذ وتتبع وزير ديوان البلاط السلطاني له مدلولات كبيرة في مراقبة الأداء الحكومي من أعلى الهرم في الدولة متمثلاً في حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- فالتبعية للديوان تعني أن الوحدة لها مكانة عالية في هيكل العمل الحكومي، وهذه الميزة ستمكنها من أداء عملها من منطلق مراقبة الأداء الحكومي بحيادية كبيرة تبعدها عن تضارب الاختصاص وهيكلية العمل، باعتبارها وحدة لا تتبع الجهاز التنفيذي الحكومي المتمثل في مجلس الوزراء، وإنما تقيِّم أداء وحدات الجهاز الإداري للدولة ومجالات عملها في كل الجوانب ذات العلاقة باختصاصاتها وصلاحياتها.
فهذه الوحدة جاءت ترجمة لما توصلت إليه مختبرات تنفيذ التي انتهت إلى ضرورة وجود مثل هذه الوحدة لمتابعة الأداء في العمل وتنفيذ ما يتم إقراره، لاتباع الخطط والقرارات بالأعمال أو بالأفعال كما يقال. ومن الجوانب التي تكتسب أهمية إنشاء هذه الوحدة بأنها تسد فراغاً هيكلياً في متابعة الأداء للأجهزة الحكومية، فعدم وجود مثل هذه الوحدة على سبيل المثال يجعل المتابعة وتقييم الأداء مفقوداً، وليس هناك أهداف وآليات عمل واضحة يتم بموجبها تقييم أداء أي جهة أو وزارة حكومية ومدى تنفيذها لخططها ومجالات عملها وفق منظومة عمل تهدف إلى الارتقاء بالصالح العام، وتطوير العمل بما يتواكب مع المستجدات المتسارعة والمتغيرات المتلاحقة التي تستوجب من الجهات الحكومية مواكبتها بتغيير نمطية العمل والنهوض بالأداء، وتسريع وتيرة الإنجاز إلى مستويات قياسية على مستويات الجهة أو الوزارة والمديريات والدوائر والأقسام.
ومن شأن هذه الوحدة أن توجد ثقافة تقييم الأداء والأنظمة التي ستعمل بموجبها‏، حيث إن تقييم الأداء نظام عالمي معروف في الإدارة الحديثة (kpis)، تحدد الأهداف للوحدات والموظفين، ويقيم الأداء بموجبه على أسس الإنتاجية والصلاحيات الممنوحة، وتطبيقه في الأجهزة الحكومية من شأنه أن يحدد المسؤوليات على مستويات مختلفة بدءاً من الوزارات والجهات وانتهاء بالموظفين، إذ إن حالة العمل بدون إنتاجية وتقييم الأداء في عالم اليوم أصبح مضيعة للوقت والجهد، فالعبرة بالنتائج وهذا ما يوفره نظام تقييم الأداء في العمل الإداري، فإذا أردنا الارتقاء بالإنتاجية وتطوير العمل، فلا بد من تطبيق معايير الأداء بدقة متناهية من خلال وحدة تعمل على هذا الشأن، وتراقب الأداء بشكل دقيق.
تأسيس وحدة دعم التنفيذ والمتابعة من شأنها أن تحدث تطوراً إيجابياً على كافة الأصعدة والمستويات إذا توفرت لها كل الإمكانيات التي تمكنها من أداء عملها، ويكون لها شأن في تحديد أوجه القصور على مستوى الجهات أو الموظفين، والأخذ بتوصياتها، لإعطاء مثل هذه الأجهزة الهيبة التي تجعل الكل يرتعب من سلطتها وينهض بواجباته الوظيفية على صعيد الوحدات الحكومية أو الأفراد، فاليوم ليس هناك مجال للترهل والتسيُّب في العمل والتأخير في الإنجاز أكثر مما كان، فإذا لم تمنح هذه الوحدة كل الصلاحيات التي تمكنها من أداء عملها باحترافية تسهم في إحداث نقلة نوعية في العمل الحكومي، فإننا لم نغير شيئاً مما كان. وعلى الجانب الآخر على الأجهزة الحكومية التعاون مع هذه الوحدة سواء من حيث التعاطي بإيجابية معها والتعاون لكل ما فيه المصلحة العامة، فهذه الجهة أو تلك لا يمكن أن تنجح إذا لم يكن هناك إيمان وقناعات بأهميتها ودورها في تطوير العمل، فضلاً عن حاجة مثل هذه الجهات إلى كفاءات وطنية قادرة على العمل باحترافية عالية في المتابعة والتنفيذ.
بالطبع، ندرك أن عمل مثل هذه الوحدات في أي مكان وفي ظل الظروف الراهنة وطبيعة العمل في الأجهزة الحكومية التي توارثت البيروقراطية والتسيُّب والإهمال وعدم الإنتاجية، لا يمكن إصلاح هذا الإرث الإداري المتهالك بين ليلة وضحاها، فلا بد من إعطاء الوقت والصبر على مثل هذه الوحدات إلى أن تأتي بثمارها بعد وقت ليس بقصير، وأن تبدأ أفضل من ألا تبدأ. ونأمل أن تكلل جهود وحدة دعم التنفيذ والمتابعة بالنجاح وأن تسهم في تغيير ثقافة العمل إلى التقييم والأداء والإنجاز والإنتاجية أكثر من العمل لساعات أو أيام بدون إنتاجية أو تطوير لنظل «محلك سر»، بدون تقدم يذكر.