استقرارتونس.. السرفي التفاهمات

الحدث الأحد ٠٤/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
استقرارتونس.. السرفي التفاهمات

مسقط – محمد محمود البشتاوي

تتصدر تونس اهتمامات المجتمع الدولي، نظراً إلى اعتبارها النموذج الذي استطاع الخروج من الربيع العربي، دون انهيار مؤسسات الدولة، أو الوقوع في صراع أهلي دامٍ، على غرار ما حدث في الجوار الليبي، أو بعيداً في الشرق، في سوريا، ولعلَّ أبرز سبب في ذلك، وجود قوى سياسية استطاعت الوصول فيما بينها إلى تفاهمات وتوافقات، منعت إلى الآن، التفرد في الحكم، حيث جاء «اتفاق قرطاج» نتاجاً لاجتماعات أغسطس 2013، بين حزبي «النهضة» و«نداء تونس»، ليرسي بذلك قواعد لإدارة السلطة، منذ انطلاق الثورة في منتصف ديسمبر 2011.

«تونس اختارت تشكيل حكومة وحدة وطنية في شكل محدد من أشكال تقاسم السلطة، لاسيما بين حزب نداء تونس وحركة النهضة اللذين يملكان الكتلتَين الأكبر في البرلمان، وهو عنصر مهم في التحوّل الذي شهدته تونس بعد العام 2011. فمع إقرار اتفاق قرطاج، أصبح للممارسة الآنية المتمثلة في التسوية النخبوية أساس رسمي جديد»، بحسب مقال نشرتهُ مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي للمحاضِرين والباحثين في مركز الدراسات حول الشرق الأدنى والأوسط (CNMS) في جامعة فيليبس في ماربورج بألمانيا، يوليوس ديستلهوف، وكاترين سولد.
ويرى الباحثان، أن الاتفاق عمد إلى توسيع الصيغة لتشمل أحزاباً سياسية أخرى منها خمسة أحزاب معارِضة وثلاث مجموعات أهلية، حيث إن صيغة الاتفاق «ساعدت على إدارة المأزق السياسي الخطير الذي تمرّ فيه تونس. العامل الأهم هو الاستعداد المتجدّد لدى النخب السياسية الحزبية للتوصّل إلى تسويات».
ورغم ذلك، فإن المقال الذي حمل عنوان «اتفاق قرطاج تحت المجهر»، حذّر من «أن التسوية النخبوية تنطوي على مخاطر أبرزها التهميش المحتمل للمعارضة الأوسع في صفوف البرلمان والمجتمع الأهلي، ما قد يؤدّي إلى ظهور ظروف غير ديمقراطية: ففي غياب الإجراء التصحيحي الضروري الذي يمثّله التدقيق والمراقبة من قِبل المعارضة، يمكن أن يصبح تحديد الأهداف السياسية مجرداً إلى حد كبير من المضمون».
«كارنيجي» نشر أيضاً دراسة حملت عنوان « تدعيم عملية الانتقال في تونس: دور الإصلاحات واسعة النطاق»، لمروان المعشّر، مارك بييريني، فاضل علي رضا، حيث رأت أن «تونس قطعت شوطاً مؤثِّراً وملموساً في مسيرتها لتعزيز الديمقراطية، إلا أن التوافق بين أحزابها السياسية لم يُثمر بعد تنامياً في المقبولية الشعبية لعملية الإصلاح».
وحذّرت الدراسة من أن المحسوبية والفساد «مُستشريان، وأنظمة الجمارك والضرائب المُفرطة تفرض عراقيل جمّة أمام المؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، وأيضاً أمام تقاسم مزايا البحبوحة والازدهار».
وفي ضوء ذلك، رأت دراسة «كارنيجي» أن على الحكومة التونسية، مع الدعم الدولي «وضع مسألة إصلاح الجمارك والضرائب على رأس الأولويات، بهدف فتح السوق أمام المؤسسات المحلية الصغيرة ومتوسطة الحجم، وإيجاد فرص العمل»، و«مكافحة الفساد على كل المستويات»، و«العمل لتحقيق لا مركزية الحوكمة على المستويات المحلّية، من خلال وضع قانون انتخابي وإجراء انتخابات محلّية حرّة ونزيهة».
ودعت الدراسة شركاء تونس الدوليين إلى «إعادة التأكيد ثانية على دعمهم للحكومة والمجتمع المدني برمته، في خضم مسيرتهما الشاقة نحو الإصلاح»، و«رفع مستوى الدعم المالي والفنّي للتطور الديمقراطي والاقتصادي لتونس، والتركيز على مشاريع واسعة النفع، كالبنى التحتية».
وأوصت الدراسة أيضاً بـ«الانخراط مع الأطراف المحلية، والمجتمع المدني، والإعلام، في نسج سياسات تنموية منسّقة، بهدف منح هذه الأطراف حصّة في الحوكمة، وترقية فرص نجاح الإصلاحات».
وعلى صعيد متصل، تراجعت العمليات الإرهابية في تونس بنحو 84.6 في المئة بحسب وزارة الداخلية التونسية، إذ أكدت أن عدد القضايا الإرهابية التي باشرت التحقيق فيها بمختلف الأجهزة الأمنية خلال فترة الأشهر الـ10 الفائتة بلغ 1118 قضية.
وأوضحت أن عدد القضايا من أجل الانتماء إلى خلايا إرهابية بلغ 3381 قضية وتم تفكيك 160 خلية نائمة.
وخلال الأشهر الفائتة نجحت وحدات الجيش والأجهزة الأمنية في توجيه ضربات موجعة للجماعات الإرهابية،
حيث فككت العديد من الخلايا التي كانت تخطط لشن اعتداءات خطيرة منها عمليات اغتيال لشخصيات سياسية وأمنية وتفجير مراكز تجارية.
وأعطت السلطات التونسية أولوية مطلقة للقضاء على الشبكات والخلايا الإرهابية، ونجحت بالفعل في تجنيب البلاد مخططات دموية، إلا أنها لا تزال تخشى وقوع هجمات.